كتب شيرين نوار
أكد الخبراء أن حجم المخزون الخام من البترول الخام ومشتقاته والغاز الطبيعى هو الذي يتحكم في أسعاره على المستوى العالمي، ومع انخفاض حجم المخزون مع ارتفاع الطلب ترتفع أسعاره بشكل كبير، وهو ما يجعل الحكومة تقوم بإعادة تسعير المنتجات البترولية كل ثلاثة أشهر حتى تواكب الأسعار العالمية، خاصة وأنه يتم استيراد نسبة من احتياجات السوق المحلية من الخارج وبالسعر العالمي، وبالتالي يؤثر على الميزانية العامة للدولة في حالة حدوث فجوة سعرية كبيرة بين السعر المحلى والسعر العالمى، كما أن الأسعار تتأثر أيضا بتحرير سعر الصرف والذي يؤثر على تكاليف الشحن والنقل.
وقال المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق وخبير الطاقة، إن هناك عدة عوامل تتحكم في أسعار البترول والغاز عالميا، تتمثل في حجم الطلب والعرض، فكلما ارتفع الطلب ارتفعت الأسعار وكلما انخفض حجم الطلب وزاد المعروض تنخفض الأسعار، علاوة على مدى المخزون من المشتقات البترولية الخام وكذلك التوترات السياسية والحروب بين الدول تؤثر على الأسعار، أيضا حيث تأثرت الأسعار بشكل كبير منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ثم الهجوم الإسرائيلي على غزة والتوترات بين إسرائيل وإيران.
وأشار كمال إلى أن ارتفاع الأسعار على المستوى العالمى يؤدي إلى زيادة مخصصات دعم أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعى وغيرها، حيث بلغ إجمالى الدعم خلال الموازنة الحالية 119 مليار جنيه بزيادة 61 مليارا عن العام السابق، وقامت الدولة بمضاعفة توصيل الغاز للمنازل لتصل إلى أكثر من 6 ملايين وحدة لـ 14.2 مليون وحدة، فيما دخل الغاز الطبيعي لـ81 منطقة جديدة لأول مرة منها 33 بالصعيد.
وقال حسن نصر رئيس شعبة المواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن أسعار الغاز شهدت انخفاضات ملحوظة خلال الآونة الأخيرة، وأرجع الخبراء هذه الانخفاضات إلى انخفاض نسبة الاستيراد لدول الاتحاد الأوروبي وأمريكا، حيث تمتلك هذه الدول مخزونا من الغاز المسال يغطى ٩٥% من احتياجاتها خلال موسم الشتاء القادم، وبالتالى لا تحتاج إلى استيراد كميات كبيرة من الغاز، كما أن الصناعات الأوروبية لا تحتاج إلى الكثير من الغاز والبترول لأنها لا تعمل بكامل طاقتها خلال الشتاء، حيث توجه الحكومات فى دول أوروبا مخزونها من الغاز ومشتقات البترول إلى أغراض التدفئة واحتياجات المواطنين .
وأكد نصر على ضرورة البحث عن بدائل متنوعة من الطاقة الجديدة والمتجددة خاصة مع نضوب بعض مصادر الطاقة غير المتجددة.
وأشار إلى أنه دائما مع بداية أي كشف لحقل جديد من حقول الغاز يتم الإعلان عن احتياطيات ضخمة قابلة للاستخراج منه مخالفة للواقع، حيث بعد الكشف والتنقيب نجد أن الاحتياطيات المستخرجة أقل بكثير من المتوقع عند الاكتشافات الأولى، وهو ما يتطلب إعادة الحفر لآبار جديدة لزيادة حجم الكميات المستخرجة وزيادة الإنتاج المحلي لسد احتياجات السوق وتقليل حجم الاستيراد.
وأوضح نصر أن إعلان الحكومة وقف تصدير الغاز حتى موسم الشتاء يأتي لحل أزمة الطاقة في مصر مع زيادة الاستهلاك المحلى خلال الموسم الصيفى وارتفاع درجات الحرارة وزيادة استهلاك الطاقة الكهربائية والتي تعتمد على وسائل تقليدية من الوقود كالبترول والغاز، إلى جانب بعض مصادر الطاقة المتجددة، حيث إنه حتى الآن لم تسهم استخدامات الطاقة الجديدة والمتجددة ومنها طاقة الشمس والرياح والطاقة النووية بشكل كبير فى سد احتياجات السوق، والاستثمار في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة يحتاج إلى استثمارات ضخمة تقدر بالمليارات وهو ما يتطلب تحفيز القطاع الخاص وإزالة العوائق والعراقيل أمام الاستثمار الأجنبى ومنح التيسيرات للمستثمرين العرب والأجانب والمصريين أيضاً لضخ رؤوس أموال جديدة في هذا القطاع الحيوي .
وأوضح حسام عرفات، خبير الطاقة أنه لا توجد معايير ثابتة لأسعار الغاز والبترول فعندما حدثت الحرب الروسية الأوكرانية وأحداث غزة شهدت أسعار الغاز المسال ارتفاعا نتيجة تلك الحروب والتوترات السياسية وتوقف حقول الغاز عن الإنتاج والتصدير، وعندما تم استيعاب الأمر على المستوى العالمى واستأنفت الحقول المتوقفة الإنتاج استقرت الأسعار من جديد وعادت إلى نصابها الحقيقي، مشيرا إلى أن دخول مصر العصر النووي من خلال محطة الضبعة سيسهم في توفير الوقود التقليدي وبالتالي زيادة نسبة التصدير.
وأرجع عرفات السبب الرئيس في تراجع أسعار الغاز مؤخرا إلى انخفاض نسبة استيراد الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية من الغاز نظراً لاستعدادها مسبقاً بتحقيق مخزون من الغاز المسال والمشتقات البترولية لمواجهة أي عجز متوقع خلال الشتاء المقبل، وبالتالي انخفاض الكميات التى تقوم باستيرادها وتعتبر دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا من أكثر الدول استيرادا للطاقة ومع انخفاض احتياجاتها من الغاز يصبح هناك معروضا كبيراً من الغاز ومع زيادة المعروض وانخفاض حجم الطلب تنخفض الأسعار.
وأكد عرفات أن مصر تمتلك فرصاً واعدة للاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة والجديدة وخاصة بعد الموافقة على قانون حوافز إنتاج الهيدروجين الأخضر الذي صدق الرئيس السيسي عليه مؤخراً وأصبح قيد التنفيذ على أرض الواقع، حيث يعتبر الهيدروجين الأخضر من أهم مصادر الطاقة المتجددة خلال السنوات الاخيرة وسيسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير من مختلف دول العالم، حيث إن تكاليف الاستثمار في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة بمصر أقل تكلفة عن الاستثمار في أي دولة أخرى خاصة بعد تعديل القوانين وإصدار قانون الاستثمار الجديد ومنح الحوافز والتيسيرات للمستثمرين سواء على المستوى المحلي أو الدولي.