تواجه الحكومة الجديدة الجاري العمل على تشكيلها خلال الأيام المقبلة، بعد قبول الرئيس عبد الفتاح السيسي استقالة الحكومة الحالية، مجموعة من الملفات الاقتصادية التي تستلزم بذل الجهد والعمل بخطة واضحة، والتي من أهمها كبح التضخم وتدبير أعباء خدمة الدين الداخلي والخارجي، ونمو موارد الدولة من الدولار، وجذب استثمارات أجنبية ومحلية وتعزيز مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد مقابل تقليص دور الدولة.
وتضمنت تكليفات الرئيس بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، وبذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، وذلك في إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادي للدولة في جميع القطاعات.
وطالب مصرفيون وخبراء اقتصاد الحكومة الجديدة باستكمال منظومة الإصلاح، بالإضافة إلى استكمال تطوير البنية التحتية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والاهتمام بالقطاع الزراعي وشبكة الطرق والكباري.
وأشاد الخبراء بقدرة البنك المركزي على استخدام أدواته لضبط السياسات النقدية وكبح جماح التضخم، وأكدوا أن السياسات النقدية ستكون في حاجة ماسة لدعم من السياسات المالية والاقتصادية للحكومة الجديدة بما يتسق مع التوجهات العامة للدولة ويوحد أهدافها في تحقيق معدلات النمو وتحسين مستوى معيشة الفرد.
وأكد الخبراء أن محاصرة التضخم ومواجهة البطالة وسداد الديون الخارجية أهم التحديات التي تواجه حكومة الدكتور مصطفى مدبولي الثانية، مشددين على أهمية إصلاح هيكل الإنتاج والخلل في الميزان التجاري والوصول إلى سعر صرف يتناسب مع قدرة الاقتصاد المصري الحالية والمستقبلية.
محمد عبد المنعم: مواجهة التضخم ومراقبة الأسواق.. ملفات أولى باهتمام الحكومة الجديدة
بدوره يرى محمد عبد المنعم، الخبير المصرفي، أنه ينبغي على الحكومة الجديدة أن تعمل بكل جدية على ملف جذب وتشجيع وتسهيل الاستثمار نظراً لكونه يحدث استدامة في موارد الدولة الدولارية ويؤثر على البنوك بشكل إيجابي سواء على مستوى الإقراض أو الادخار للمؤسسات، ويشجع القطاع المصرفي.
وتابع أن الاستثمار يرتبط بشكل وثيق بالقطاع المصرفي، حيث يعد من أبرز المشجعين للقطاع المصرفي، ويندرج تحت بند السياسة المالية للحكومة التي لا بد لها وأن تتكامل مع السياسة النقدية للبنك المركزي.
وأضاف أن الرقمنة لا تقل أهمية عن الاستثمار، مطالبًا الحكومة القادمة بضرورة تهيئة المناخ لرقمنة كافة القطاعات وربطها بالرقم القومي، والذي من خلاله يمكن معرفة كل ما يخص العميل ومدى انتظامه في دفع الفواتير والالتزامات.
ولفت إلى أن الرقمنة تخدم القطاع المصرفي وتساعد في زيادة الشمول المالي حيث يساعد ربط البيانات المالية والمدفوعات الحكومية والرقم القومي في تقديم خدمات مالية متنوعة لعملاء صعب الوصول إليهم في الوقت الحالي.
وأشار إلى أنه فى حالة ربط الخدمات بالرقم القومي، يمكن تقييم مدى انتظام العميل فى السداد ومصادر دخله، وبناء على تقييمه يحصل على الخدمات المصرفية، مشددا على ضرورة الربط بين الرقم القومي والخدمات المصرفية والخدمات الحكومية.
ونوه بضرورة أن يكون هناك دور للحكومة فى مواجهة التضخم ومراقبة الأسواق بتطبيق سياسات مالية تهدف إلى كبح جماح التضخم، لأنه يؤثر على القطاع المصرفي بشكل كبير ومباشر، ويدفع المركزي لرفع الفائدة وهو ما يؤثر على الإقراض بالسلب.
محمد أنيس: على الحكومة الجديدة الالتزام بتحجيم سقف الإنفاق والاستثمار العام
ومن ناحيته قال محمد أنيس، الخبير المصرفي، إنه لا بد من عمل الحكومة الجديدة على مجابهة التضخم، والذي لم ينتج عن سياسات نقدية بشكل أساسي، وإنما عن صدمات خارجية، بالإضافة إلى بعض الأمور المرتبطة بالسياسة المالية للحكومة.
وأضاف أن أدوات مواجهة التضخم يستحيل أن تكون بجهود السياسة النقدية للبنك المركزي فقط ولكنها حتما تحتاج تشديد السياسة النقدية والمالية للحكومة بتقليل الإنفاق الحكومي، لافتًا إلى الإنفاق التضخمي يرفع معدلات التضخم.
وأوصى بضرورة الاستمرار في التشديد النقدي من جانب المركزي والتزام الحكومة بتحجيم سقف الإنفاق وسقف الاستثمار العام عند حدود تريليون جنيه وفقًا لما جاء بالموازنة العامة للدولة.
وشدد على ضرورة أن تضع الحكومة حدودا معينة لإنفاق الهيئات الاقتصادية والالتزام بمؤشرات الدين وتخفيض الدين العام، وهو ما يؤدي إلى تشديد السياسة المالية وكبح جماح التضخم ويساعد السياسية النقدية للمركزي.
وأشار إلى أهمية تقليل حجم حساب السحب على المكشوف بين البنك المركزي والحكومة بشكل تدريجي خلال السنوات المقبلة أو الوصول به إلى الحدود المعتادة والتي تتراوح بين 200 إلى 300 مليار جنيه، والذي بلغ حوالى 2 تريليون جنيه، ثم خفضته الحكومة إلى 1.6 تريليون جنيه، وهذا يمثل جزءا من تشديد السياسة المالية للحكومة ويساعد المركزي في سحب السيولة من الأسواق وامتصاص الصدمات التضخمية أو تقليل الطلب الناتج عنه ارتفاع معدلات التضخم.
وليد عادل: على الحكومة الجديدة الالتزام بتخفيض عجز الموازنة وتعزيز الاستقرار النقدي
بدوره، قال وليد عادل، الخبير المصرفي، إنه من الضروري أن تعمل الحكومة على تنفيذ القرارات الاقتصادية والخطط المستقبلية المدرجة مسبقًا والتى من شأنها تدعم السياسة النقدية.
وأضاف أن هناك أيضًا اتفاقات بين الحكومة وصندوق النقد الدولى لابد أن تتم بالأنماط المتفق علها والتى تتضمن تخفيض معدل عجز الموازنة العامة للدولة.
وطالب الحكومة الجديدة بالعمل على استقرار سعر الصرف وتخفيض معدلات التضخم المرتفعة، والذي لن يحدث إلا بوجود استثمارات ومستثمرين جدد، وهي مسؤولية الحكومة بتذليل كافة العقبات أمام المستثمر الأجنبي، إلى جانب دعم برنامج الطروحات والذى من شأنه أن يدر عوائد دولارية للدولة في ظل تراجع عوائد قناة السويس.
واعتبر أن العمل على زيادة الصادرات وخاصة صادرات الحاصلات الزراعية والتي سجلت مؤخرا أرقاما قياسية، باستصلاح الأراضى الزراعية وزيادة رقعتها، يساعد في جلب موارد دولارية تدعم الاقتصاد والاحتياطي النقدي من العملات، والذي من شأنه تحسين سعر الصرف ويقلل من الاعتماد على الأموال الساخنة.
وتابع، أن الاعتماد على الاستثمارات المباشرة التي تدخل الإنتاج بدلا من الأموال الساخنة، وبدورها ستقلل من عوائد الفوائد المرتفعة، وتحدث نوعا من المنافسة يسهم في خفض الأسعار والتضخم ويرفع من قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية وسيحسن السياسة النقدية بشكل عام.
وذلك بالاهتمام بملف الصناعة والتجارة وتوطين الصناعات المحلية وإنشاء تكتلات صناعية داخل مصر، مما يسهم في جلب موارد دولارية جديدة إلى جانب الموجودة بالفعل تسهم في استقرار الاقتصاد الوطني.