أشاد خبراء الاقتصاد بتوجه الحكومة الفترة المقبلة لتحويل الدعم العيني المقدم للمواطنين إلى دعم نقدي، وأكدوا أنها خطوة مهمة تسهم في إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، ولكن طالبوا بضرورة الوصول إلى منظومة تشمل حصراً كاملاً لمستحقي الدعم بدقة عالية.
واقترح الخبراء عدم صرف الدعم النقدي نقداً وصرفه عبر بطاقة مشتريات في المتاجر المعتمدة المتعاملة مع الحكومة، الأمر الذي يسهم في استرداد 14% من الدعم من خلال القيمة المضافة التي تحصل من تلك المتاجر.
هاني توفيق: ينبغي وضع منظومة لحصر مستحقي الدعم كافة قبل التطبيق
قال الدكتور هاني توفيق الخبير الاقتصادي، إنه من منذ زمن طويل نادينا بضرورة إلغاء الدعم العيني الذي انتهى من كل دول العالم.
وأكد أن الدعم العيني في كل دول العالم تحول لدعم نقدي ويصرف للأم ويشترط العلاج والتعليم للأولاد، وذلك بسبب العديد من السلبيات التي ترتبط به، مثل تضاعف الأسعار والفساد.
وأشار إلى أن الدعم النقدي يعمل بشكل فعال حيث تتنقل الأموال في الاقتصاد بشكل متكرر، على سبيل المثال، فإن تقديم دعم بقيمة 10 جنيهات يؤدي إلى تدوير ما يعادل 100 جنيه.
ومن الناحية الاقتصادية، أفاد بأن الدعم النقدي له أولوية عن الدعم العيني وهذا سبب اختفائه من أغلبية دول العالم.
وعن آليات تطبيق الدعم النقدي، أشار إلى أنه لا بد من الوصول إلى منظومة تشمل حصراً كاملاً لمستحقي الدعم بدقة عالية، مؤكدًا أهمية الانتقال التدريجي من الدعم العيني إلى الدعم النقدي، مع انتظار إنشاء نظام لمستحقي الدعم النقدي، وذلك لضمان وصول الدعم إلى المستحقين خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم.
كما لفت إلى أنه في الدول الأخرى، يوجه الدعم النقدي إلى الأمهات مع دخلهن بناءً على عوامل مثل العمر والتأهيل وعدد الأطفال.
حسن الصادي: كنز في يد الدولة ولا يحمل آثارًا سلبية
أعرب الدكتور حسن منير الصادي، أستاذ التمويل والاستثمار في جامعة القاهرة، عن تأييده لتحويل الدعم العيني إلى نقدي، مشيراً إلى أن هذه الخطوة ضرورية ولكنها تحتاج إلى توقيت مناسب.
وأضاف أن الظروف الراهنة غير مناسبة لتنفيذ هذا التحول، بالإضافة إلى عدم جاهزية الدولة للاستفادة الكاملة من هذا التحول.
وأكد أن الدعم النقدي لا يحمل آثاراً سلبية، بل له فوائد عديدة وكبيرة، ويرى أنه يمثل فرصة كبيرة للدولة لإعادة هيكلة اقتصادها، واصفاً إياه بالكنز في يد الدولة والذي يمكنها من إعادة هيكلة الاقتصاد.
وأشار إلى أن الطبقات الفقيرة هي التي تتعامل بشكل رئيس مع الاقتصاد غير الرسمي، الذي يصعب تحصيل الضرائب منه ويستنزف منظومة الدعم.
ودعا إلى تحويل الدعم العيني إلى نقدي وصرفه لشراء السلع من خلال الاقتصاد الرسمي، وعدم السماح بالتعامل مع الاقتصاد غير الرسمي.
ونوه بأهمية تغيير النظام المالي لسلاسل التوزيع المنتشرة في الدولة والمتاجر والسوبر ماركت، التي سيتم الشراء منها، وتهيئتها كمنفذ من منافذ البيع، على أن يكون لديها سجل تجاري وملف ضريبي.
وأوصي بصرف الدعم النقدي عبر كروت مشتريات في المتاجر المعتمدة المتعاملة مع الحكومة، الأمر الذي سيسهم في استرداد 14% من الدعم من خلال القيمة المضافة التي تحصل من تلك المتاجر.
واقترح صرف الدعم النقدي عن طريق بطاقة مشتريات من خلال المنافذ المنصوص عليها المتعاملة مع الحكومة، وعدم السماح بصرف مبلغ الدعم من خلال الماكينات، محذراً من خطورة تقديم الدعم النقدي نقداً للمواطنين.
وطالب بتقسيم الدولة إلى مناطق وصرف الدعم في نطاق المنطقة لتخفيف الكثافة السكانية في المدن، مع تحديد المؤهلين لاستلام الدعم وفقاً لمكان إقامتهم، مؤكداً أن هذا الإجراء سيعزز النمو الاقتصادي في تلك المناطق التي تعاني من ضعف القوة الشرائية.
محمد شادي: خطوة مهمة تمنح المواطنين حرية الاختيار
وأوضح الدكتور محمد شادي الخبير بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن تحويل الدعم الي نقدي خطوة مهمة تمنح المواطنين حرية الاختيار بين المنتجات -بشكل أفضل- من الدعم العيني.
وأضاف أنه سيقلل بشكل ضخم حلقات سلسلة التوزيع وهي الأموال التي تدفع لنقل وتفريغ وتخزين السلع، وبذلك ستقل التكلفة على المستهلك وتزيد الكميات المتاحة.
وأشار إلى أن السلع المدعومة غالباً ما تكون مستوردة، مما يؤدي إلى خروج أموال كبيرة من الاقتصاد المحلي، ولكن بتحويل الدعم إلى نقدي، سيتم توجيه جزء كبير من الأموال نحو السلع المحلية.
ولفت إلى أنه مستقبلاً من الممكن أن يحدث دمج بين سياسات الدعم واقترح استخدام الدعم النقدي كوسيلة لإعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية بشكل كامل، من خلال دعم السلع المحلية وتشجيع المواطنين على شرائها، مما يقلل من اعتماد الدولة على السلع المستوردة ويعزز الصناعات المحلية ويخلق فرص عمل جديدة.
وليد جاب الله: لا يستهدف تقليص الدعم
وأكد وليد جاب الله الخبير الاقتصادي، أن قضية الاختيار ما بين الدعم العيني والنقدي من القضايا التي تناولتها الكثير من الدراسات والأبحاث، لافتاً إلى أهمية الاستفادة من نتائج تلك الدراسات حال تصميم برنامج للتحول نحو الدعم النقدي وطرح الأمر للحوار المجتمعي في ضوء البيانات المتوافرة والتجارب الدولية في هذا الشأن.
وأضاف، أن التحول من الدعم العيني إلى النقدي لا يستهدف تقليص الدعم، حيث جرى تخصيص 635 ملياراً و943 مليون جنيه في الموازنة العامة للدولة للسنة المالية المقبلة 2024/2025 للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بزيادة 106 مليارات عن العام السابق عليه.
واعتبر جاب الله، أنه رغم تلك الزيادة فإن قدرتها على تغطية الدعم النقدي محل شك في ظل عدم وضوح الرؤية في مسار التضخم العالمي، مما يدفع نحو اتخاذ إجراءات لترشيد الدعم، لا سيما وأن هناك جانبا من الدعم النقدي يذهب لغير المستحقين الفعليين.
واستشهد بحصول بعض المقيمين من غير المصريين على دعم للوقود والكهرباء التي تباع بأسعار مدعمة، وتسرب دعم الخبز لاستخدام جانب منه في غير غرض الطعام، وحصول شرائح مجتمعية على رغم عدم استحقاقهم له.
واختتم حديثه بأن الحكومة تتجه نحو التحول التدريجي من الدعم العيني إلى النقدي، بهدف تحديد الشرائح المستحقة من المواطنين المصريين، في حين يتحمل الأجانب والأشخاص ذو الدخل المرتفع التكاليف الفعلية للسلع والخدمات المدعومة.