شركات التصدير تمتنع عن الشراء وتطالب “الدولة” بتحمل جزء من السعر
وليد يحيى: لا مساس بسعر الضمان والدولة ملتزمة بالشراء بالأسعار المعلنة
مصطفى عمارة: قرار بنقل الأقطان من المجمعات للمحالج للحفاظ عليها من الأمطار
تعاني السوق العالمية للقطن من هبوط في الأسعار، حيث أصبحت أقل من أسعار الضمان التي حددتها الحكومة في منظومة تداول الأقطان محليًا، نتيجة لعدة عوامل، هذا الانخفاض يؤثر بشكل مباشر على تنافسية القطن المصري في الأسواق الخارجية، ويجد المزارعون صعوبة في تسويق منتجاتهم بأسعار تلبي تكاليف الإنتاج.
وقررت الحكومة المصرية تحديد أسعار ضمان للمزارعين، بهدف حماية مصالحهم ودعمهم في مواجهة تقلبات السوق، ومع ذلك، فإن الأسعار العالمية المنخفضة تجعل من الصعب على الحكومة الحفاظ على التوازن بين دعم المزارعين ومتطلبات السوق، وبالتالي، فإن الفجوة بين الأسعار العالمية وأسعار الضمان قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية للمزارعين.
تؤثر هذه التحديات سلبًا على الإنتاج المحلي، حيث قد يتردد المزارعون في زراعة القطن في المواسم المقبلة بسبب عدم الجدوى الاقتصادية، مما يؤدي إلى انخفاض المساحات المزروعة بالقطن، ويزيد من التحديات التي تواجه صناعة الغزل والنسيج المحلية.
في الوقت نفسه امتنعت الشركات التي تعمل في تجارة القطن ويصل عددها إلى نحو 325 شركة عن الشراء، بحجة ارتفاع الفائدة الخاصة بالتمويل من البنوك، حيث تبدأ التعاقدات على التصدير في شهري سبتمبر وأكتوبر من كل عام، وحتى الآن لم يتم إجراء تعاقدات.
يشار إلى أن القطن المصري يمثل 25% إلى 30% من الإمدادات العالمية من الأصناف طويلة التيلة وفائقة الطول، وقطاع تصنيع المنسوجات والملابس يمثل نحو 3% من إجمالي الناتج المحلي المصرى، و27% من إجمالى الناتج الصناعى، و12% من قيمة الصادرات.
الحكومة ملتزمة بسعر الضمان
وقال الدكتور وليد يحيى، وكيل معهد بحوث القطن بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إن الحكومة ملتزمة بسعر الضمان الذي تم إقراره في 15 فبراير 2024، حيث سيكون 10 آلاف جنيه لقنطار القطن متوسط التيلة في الوجه القبلي، و12 ألف جنيه لقنطار القطن طويل التيلة في الوجه البحري.
وأضاف أن المزارعين في جميع أنحاء الجمهورية قاموا بزراعة القطن وفقًا لهذا السعر، وأن الحكومة ملتزمة بمحاسبة المزارعين بهذا السعر رغم انخفاض الأسعار عالميًا، موضحًا أن آخر مزاد تم إنزال السعر وشهد تحديد السعر عند 10500 جنيه، على أن تتحمل الحكومة الفارق بين سعر الترسية وسعر الضمان حصول المزارعين على السعر المقرر.
وأوضح أن الشركات لم تشارك في المزايدة أو الدخول في المزاد رغبة منها في خفض السعر على حساب المزارعين، لذلك، قامت اللجنة المركزية لإدارة منظومة تسويق الأقطان المصرية بدراسة هذا الوضع بعد إلغاء المزاد، وتم الاتفاق على اتخاذ قرار لحماية الأقطان المصرية وبذور القطن من الأضرار الناتجة عن هطول الأمطار، وقررت اللجنة نقل هذه الأقطان وتخزينها في الشون المغطاة لحماية القطن، وذلك كإجراء احترازي لحين اتخاذ الخطوات الرسمية لبيعه.
وأكد أن الدولة ملتزمة بسعر الضمان لحماية المزارعين، ولتنشيط زراعة القطن وزيادة المساحات المزروعة لتلبية احتياجات خطة تطوير المغازل التي يشرف عليها رئيس الجمهورية، مضيفًا أن الأقطان الحالية مناسبة للمصانع الموجودة، وسيتم استيعاب الأقطان المصرية داخليًا لزيادة القيمة المضافة.
وأشار إلى أن مصنع “أربعة” الذي تم افتتاحه في مدينة المحلة يعمل بالأقطان المزروعة حاليًا، ويقوم بإنتاج 17 طنًا من الغزل يوميًا من القطن طويل التيلة، مضيفًا أن إجمالي ما تم بيعه من محصول القطن هذا العام حتى الآن بلغ 262 ألف كيس، بوزن 304 آلاف و933 قنطارا، بقيمة تصل إلى 3.5 مليار جنيه، من مزادات أقطان الوجهين البحري والقبلي.
منظومة تداول القطن والتسويق تحدد أثناء المزادات
وفي نفس السياق، أكد الدكتور مصطفى عمارة، المتحدث الرسمي لمعهد بحوث القطن، أن الدولة أعلنت في 2023 سعر ضمان للقطن قدره 4500 جنيه للوجه القبلي و5500 جنيه للوجه البحري، مشيرًا إلى أن منظومة تداول القطن والتسويق تحدد أثناء المزادات، حيث يبدأ المزاد بالسعر الأعلى بين سعر الضمان والسعر العالمي.
وأضاف أن الأسعار العالمية في العام الماضي كانت مرتفعة، حيث وصلت إلى 7500 جنيه، وبدأ المزاد بالسعر العالمي، وفي بعض الأحيان، كان المزاد يبدأ من 8000 إلى 8200 جنيه، بينما وصلت أسعار البيع النهائية إلى ما بين 10 آلاف و13 ألف جنيه، ومع زيادة الأسعار، ارتفعت قيمة الأقطان لتتراوح بين 15 و18 ألف جنيه، مؤكدًا أن الموسم الماضي كان موسمًا تسويقيًا ناجحًا.
وأكد أنه بناءً على ذلك، حددت الدولة موسم التسويق الحالي لعام 2024، وعند تحديد سعر الضمان، يتم أخذ سعر الصرف في الاعتبار بالإضافة إلى الدعم الذي تقدمه الدول الأخرى للقطن، مضيفًا أن جميع هذه العوامل تؤثر في تحديد سعر الضمان، مضيفًا أن الدولة أعلنت سعر الضمان قبل الزراعة بفترة كافية، مما أدى إلى زيادة الإقبال على زراعة القطن، حيث زادت المساحة المزروعة بنسبة 26% عن العام الماضي، لتصل إلى حوالي 311 ألف فدان، ومن المتوقع أن تكون الإنتاجية قريبة من 2 مليون قنطار، مقارنةً بمليون و300 ألف قنطار في موسم 2023.
وأوضح أنه خلال الموسم التسويقي الحالي، شهدت الأسعار العالمية للقطن انخفاضًا نتيجة الأزمات الاقتصادية والحروب التي تعاني منها بعض الدول، بالإضافة إلى ضعف سلاسل الإمداد الخاصة بالقطن، مما أدى إلى توقف المصانع بسبب هذه التعثرات، مما أدى إلى عدم تصريف المنتجات وقلة السحب على المواد الخام، وهذا ساهم في زيادة المخزون وانخفاض الأسعار.
إقامة 4 مزادات منذ بداية موسم التسويق
وقال إن الدولة، ممثلة في الشركة القابضة للغزل والنسيج، ملتزمة بشراء الأقطان بسعر الضمان المحدد، حتى في حالة انخفاض الأسعار العالمية أو امتناع التجار عن الشراء، وأكد أنه تم إقامة 4 مزادات منذ بداية موسم التسويق، وكانت الأسعار منخفضة، حيث وصلت إلى 8000 جنيه للقنطار، مما أدى إلى امتناع التجار عن الشراء، وبناءً على ذلك، قامت الدولة بشراء 300 ألف قنطار من تلك المزادات، منها 100 ألف قنطار من الوجه القبلي و200 ألف قنطار من الوجه البحري، بسعر 12 ألف جنيه، حيث تم شراؤها من قبل شركة مصر للغزل والنسيج.
ولفت إلى أن المزارعين قاموا بتوريد 70 ألف قنطار من القطن في الوجه القبلي و430 ألف قنطار في الوجه البحري، بإجمالي 500 ألف قنطار تنتظر البيع، ومع ذلك، اعترضت 325 شركة على سعر الضمان الذي حددته الدولة، وذلك بسبب ارتفاع سعر الضمان مقابل انخفاض الأسعار العالمية للقطن.
وأشار إلى أن التجار طلبوا قروضًا من الدولة لشراء القطن بسعر 8500 جنيه وفقًا للسعر العالمي، حيث تتكفل الدولة بتكملة سعر الضمان للمزارعين وتمنحهم 1500 جنيه، وتمت المفاوضات حول هذا السعر، وفتح مزاد بسعر 10500 جنيه، حيث كانت الشركات على استعداد للشراء والدولة ستكمل باقي السعر، ومع ذلك، امتنع مرة أخرى بحجة أن سعر الفائدة المرتفع بنسبة 30% يؤدي إلى خسائر في القطن، وأعربوا عن حاجتهم للدخول في مبادرة المشاريع الإنتاجية بسعر فائدة 5% وبالتالي، تم إلغاء المزاد في ظل هذه الظروف.
واستطرد قائلًا إنه في نفس اليوم، تم إصدار قرار من اللجنة المنظمة لتداول الأقطان بنقل الأقطان من المجمعات إلى المحالج، وذلك لحلج بذور الإكثار بسرعة استعدادًا للموسم الجديد والحفاظ على القطن من الأمطار، بدلاً من تركه في المجمعات في العراء، كما تم توجيه توريد باقي كميات القطن الموجودة لدى المزارعين.