
قانون الإيجار القديم أزمة تاريخية.. هل أوشكت على الحل
تعد أزمة قانون الإيجار القديم واحدة من القضايا التاريخية في مصر، حيث تعود جذورها إلى قوانين استثنائية فرضت منذ بداية عقد السبعينيات في القرن العشرين، لتجميد الإيجارات حماية للمستأجرين.
ورغم أن هذه القوانين هدفت إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وقتها، فإنها مع مرور الزمن تسببت في آثار عكسية، كان أبرزها الإضرار بملاك العقارات الذين يتقاضون مبالغ زهيدة لا تتناسب مع الواقع الاقتصادي الحالي، مقابل وحدات سكنية أو تجارية تساوي ملايين الجنيهات.

من هم متضررو الإيجار القديم؟
المتضررون من قانون الإيجار القديم ليسوا فقط من الملاك، بل يشمل الأمر أيضا مستأجرين يعيشون في حالة قلق دائم من فقدان مساكنهم، أو ورثة الطرفين الذين يرون أن العلاقة الإيجارية أصبحت مجحفة أو غير واضحة المعالم.
وهناك من ورث شقة إيجارها الشهري 10 جنيهات، لا تكفي حتى لشراء رغيفين خبز، بينما لا يستطيع التصرف في الوحدة، أو إعادة تأجيرها بالسعر الحقيقي.
كما أدى تمسك بعض المستأجرين وورثتهم بالشقق الموجودة بحوزتهم رغم أنهم لم يعودوا مستفيدين منها، إلى إغلاق ملايين الوحدات دون استخدام، وهو ما يجعل المعروض للإيجار الجديد ليس كافيا، الأمر الذي أدى إلى ارتفاعات جنونية في إيجارات الشقق الخاضعة للقانون الجديد، كما يطلق عليه بين المواطنين.
خطط الدولة لحل الأزمة
بدأت الحكومة المصرية منذ سنوات في طرح القضية على طاولة الحوار المجتمعي، تمهيدا للوصول إلى حلول واقعية تضمن حقوق الطرفين. وقد تم بالفعل اتخاذ خطوات تشريعية تدريجية في هذا الاتجاه، منها ما تم تطبيقه بالفعل على “الوحدات الإدارية والتجارية”، ومنها ما يجري بحثه حاليا على “الوحدات السكنية”.

تشريع ينهي عقود الإيجار غير السكني
في عام 2022، صدر قانون ينهي عقود الإيجار القديم لغير غرض السكن، مثل المحال والمكاتب والعيادات، مع منح فترة انتقالية مدتها 5 سنوات قبل إنهاء التعاقد نهائيا، بشرط دفع زيادة سنوية بنسبة 15٪ من القيمة الإيجارية. هذه الخطوة كانت بمثابة التمهيد للانتقال لاحقا إلى الوحدات السكنية، مع اختلاف كبير في المعالجة نظرا لحساسية السكن كمكون اجتماعي أساسي.
اللجنة البرلمانية تبحث عن توازن
وفي مجلس النواب، حاليا تتواصل المناقشات حول صياغة تشريع جديد ينهي أزمة الإيجار القديم السكني تدريجيا، حيث تتجه النية إلى الاعتماد على مسارين:
الأول تحرير تدريجي للعقود، عبر زيادة الإيجار بشكل سنوي بنسب معقولة حتى الوصول إلى القيمة السوقية.
والثاني منح مهلة زمنية تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات للمستأجرين لتوفيق أوضاعهم أو الانتقال إلى وحدات أخرى
كما يحاول مشروع القانون إيجاد وسيلة للتفرقة بين حالات اجتماعية، مثل: كبار السن أو الأسر محدودة الدخل، ومن يمتلكون بدائل سكنية أخرى، وتحديد القيمة الإيجارية الجديدة بناء على موقع العقار ومساحته والخدمات المتوفرة حوله.
مقترحات لحماية المستأجرين محدودي الدخل
وتفكر الدولة في إطلاق برامج حماية اجتماعية مصاحبة للتعديل التشريعي المنتظر، لضمان ألا يتعرض المستأجر الضعيف للتشرد، وتشمل هذه البرامج:
صرف دعم نقدي للفئات غير القادرة على دفع الإيجارات الجديدة
إتاحة وحدات إسكان بديلة ضمن مشروعات “سكن لكل المصريين” بشروط ميسرة
تقديم قروض صغيرة لتجديد العقارات القديمة أو شراء مساكن جديدة
فتح الباب أمام اتفاقات رضائية بين الملاك والمستأجرين، بضمانة حكومية
موقف الملاك
على الجانب الآخر، يترقب الملاك بفارغ الصبر أي تحرك رسمي يضمن لهم الحد الأدنى من حقوقهم، لا سيما أن كثيرا منهم لا يملكون سوى هذه العقارات كمصدر دخل وحيد.
وصرح ممثلو اتحاد ملاك الإيجار القديم بأنهم مستعدون لأي حلول تراعي البعد الإنساني، لكنهم يطالبون بوضع سقف زمني واضح لإنهاء العلاقة الإيجارية المتجمدة منذ عقود.
تأهيل العقارات القديمة.. خطوة مصاحبة للتغيير
ويرتبط ملف الإيجار القديم ارتباطا مباشرا بملف تطوير العقارات الآيلة للسقوط، حيث إن كثيرا من هذه العقارات مؤجرة بإيجار قديم وتفتقد لأعمال الصيانة بسبب العائد المنخفض.
ومن هنا، تخطط الدولة لإطلاق صندوق خاص بترميم العقارات القديمة، تشارك فيه الدولة مع الملاك والمستفيدين، لضمان بقاء تلك البنايات في حالة آمنة وصالحة للسكن.