الإرشاد جسر التنمية.. والزراعة الذكية ضرورة لمواجهة التحديات
أكد الدكتور ثروت إمبابي، الأستاذ المساعد بكلية الزراعة بجامعة بنها، أن القطاع الزراعي في مصر يواجه تحديات معقدة لا تقل في خطورتها عن التحديات التي واجهها المصريون القدماء، مشيرًا إلى أن الزراعة كانت ولا تزال جوهر الحضارة المصرية منذ فجر التاريخ، وركيزة أساسية لاقتصاد الوطن.
وأوضح إمبابي، في تصريحات له، أن تصاعد الضغط السكاني وتناقص المساحات المزروعة، إلى جانب تداعيات التغير المناخي، تفرض ضرورة الابتعاد عن الأساليب التقليدية، والتوجه نحو تقنيات حديثة تُعيد للزراعة حيويتها وتعزز إنتاجيتها واستدامتها.
الارشاد يُشكل أحد الأعمدة الأساسية في منظومة التنمية الزراعية
وقال إن الإرشاد الزراعي يُعد من أبرز هذه الأدوات الحديثة، حيث يمثل قوة فعالة تدعم المزارع المصري في التحول إلى زراعة أكثر ذكاءً وكفاءة، لافتًا إلى أن الإرشاد لم يكن يومًا عنصرًا هامشيًا، بل يُشكل أحد الأعمدة الأساسية في منظومة التنمية الزراعية.
وأضاف أن هذه المنظومة تتيح تواصلًا مباشرًا بين الفلاحين والخبراء الزراعيين، الذين يقدمون المشورة المبنية على أحدث الأبحاث والدراسات، من خلال مديريات الزراعة المنتشرة بالمحافظات ومحطات البحوث، بالإضافة إلى استخدام الوسائط الرقمية والتطبيقات الذكية التي أطلقتها وزارة الزراعة لمواكبة التطور.
وأشار إمبابي إلى أن أهمية الإرشاد الزراعي ظهرت بوضوح في البرامج القومية، وعلى رأسها مشروع “تحديث الري الحقلي”، حيث تم تدريب آلاف المزارعين على تقنيات الري بالتنقيط والرش لترشيد استهلاك المياه، في ظل ندرة المياه التي تعاني منها مصر.
رفع الإنتاجية من خلال توصيات دقيقة
كما ساهم الإرشاد في الحد من الاعتماد على المبيدات الكيميائية، من خلال تعريف الفلاحين بطرق المكافحة الحيوية والمتكاملة، مما انعكس إيجابيًا على صحة الإنسان والبيئة، وحقق حماية أكبر للمحاصيل، وفي محصول القمح تحديدًا، ساهم الإرشاد في رفع الإنتاجية من خلال توصيات دقيقة تتعلق بالتقاوي، ومواعيد الزراعة، وبرامج التسميد.
ونوّه إلى أن الإرشاد الزراعي كان له دور محوري في دعم المبادرات الرئاسية مثل “حياة كريمة”، حيث ساعد في رفع وعي المزارعين في القرى المستهدفة بأهمية الزراعة التعاقدية، وشجعهم على تنويع محاصيلهم وتحسين جودة الإنتاج، ما ساعد على تحسين فرصهم التسويقية وزيادة دخلهم.
ورغم النجاحات المحققة، أكد إمبابي أن هناك تحديات لا تزال تواجه قطاع الإرشاد الزراعي، أبرزها ضعف التمويل، ونقص عدد المرشدين المؤهلين، بالإضافة إلى تردي البنية التحتية في بعض المناطق الريفية.
استعادة مصر لريادتها الزراعية إقليميًا
وشدد على أن استعادة مصر لريادتها الزراعية إقليميًا تتطلب إعادة هيكلة شاملة لمنظومة الإرشاد، تبدأ بالاستثمار في الكوادر البشرية، وتوفير التدريب المستمر، مع دمج التكنولوجيا الحديثة في عمليات الإرشاد، سواء عبر الهواتف المحمولة أو المنصات الرقمية أو وسائل الإعلام المختلفة.
واختتم إمبابي حديثه بالتأكيد على أن الإرشاد الزراعي ليس فقط وسيلة لزيادة الإنتاج، بل هو جسر حيوي يربط بين المعرفة والمزارع، بين المعمل والحقل، وبين التخطيط والتنفيذ. وبإحياء هذا الجسر، يمكن لمصر أن تؤسس لزراعة مستدامة تقوم على العلم، وتلبي احتياجات شعبها، وتحافظ على بيئتها، وتواكب التطورات العالمية بخطى واثقة.
