اقتصادتجارة وصناعة

التعامل باليوان الصيني.. ما تأثيره على بيئة الاستثمار في مصر؟

alx adv

كتب: أسامة عبد الله

في قرار جديد يعكس مرونة السياسات المالية المصرية ويخدم بيئة الاستثمار، قررت مصر فتح الباب أمام التعامل باليوان الصيني في السوق المحلية، مما يمثل خطوة استراتيجية مهمة لجذب الشركات الصينية، وتحقيق الاستقرار النقدي عبر تقليل الاعتماد على الدولار.
وأشاد النائب خالد أبو الوفا، عضو مجلس الشيوخ، رئيس الغرفة التجارية بسوهاج، بقرار الحكومة المصرية السماح رسميًا للشركات الصينية العاملة في مصر بالتسجيل والتعامل المالي الكامل بعملة “اليوان”، واصفًا القرار بأنه خطوة استراتيجية مهمة تعكس توجه الدولة نحو تبني سياسات مالية واقتصادية مرنة تواكب التحولات العالمية.
وأكد أبو الوفا أن القرار يمثل نقلة نوعية في سياسة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لا سيما مع التنامي الملحوظ في حجم الاستثمارات الصينية داخل السوق المصري، مشيرًا إلى أن إتاحة استخدام اليوان الصيني في المعاملات سيسهم في تيسير الإجراءات المالية والتجارية، ويقلل من الاعتماد المفرط على الدولار الأمريكي، في ظل تقلبات أسواق الصرف العالمية.
وأوضح رئيس غرفة سوهاج التجارية أن هذا التوجه يبعث برسالة ثقة قوية للمستثمر الصيني، ويعزز من تنافسية بيئة الأعمال داخل مصر، خصوصًا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والمجمعات الصناعية التي تشهد اهتمامًا متزايدًا من كبريات الشركات الصينية الراغبة في التوسع بالأسواق الأفريقية والعربية انطلاقًا من مصر.
وأضاف أن الغرف التجارية تدعم بقوة هذا النوع من المبادرات، لما لها من أثر إيجابي مباشر على تنشيط حركة الاستيراد والتصدير، وخفض التكاليف التشغيلية، إلى جانب تقليل الضغط على الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، ما يسهم في تعزيز استقرار السوق المحلي.
كما شدد على أهمية هذه الخطوة التي تُعزز من الشراكة الاقتصادية بين مصر والصين، وتدعم رؤية الدولة في جذب استثمارات نوعية من خلال أدوات مالية بديلة، بما يخدم مستهدفات النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة في المرحلة المقبلة.
الشركات الصينية تستفيد من “الرخصة الذهبية”
وفي وقت سابق أعلن المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار، أن مصر تسمح الآن بتسجيل الشركات الصينية باستخدام العملة الصينية في التعاملات المالية، بدعم مباشر من البنك المركزي المصري.
ودعا الوزير الشركات الصينية إلى الاستفادة من الحوافز الاستثمارية التي توفرها مصر، وعلى رأسها نظام “الرخصة الذهبية”، موضحًا أن شركات كبرى مثل “هاير” و”ميديا” حصلت بالفعل على هذه الرخصة، مما ساهم في تسريع تنفيذ مشروعاتها داخل مصر.
وأشار الوزير إلى أن الاقتصاد المصري يتميز بالتنوع، ويشهد نموًا في عدة قطاعات استراتيجية، كما تغطي شبكات الاتصالات الأربعة كافة أنحاء الجمهورية، وتتمتع مصر ببنية تحتية حديثة تشمل 15 ميناءً تجاريًا، وثلاثة مطارات شحن، وشبكة طرق وسكك حديدية متطورة، فضلًا عن وفرة في الطاقة والمياه والغاز والمعادن.
شراكات خضراء
وأكد الوزير أن الحكومة تقدم كذلك حوافز ضريبية تنافسية، مشيرًا إلى أن صناعة السيارات، وخاصة المركبات الكهربائية، تمثل أولوية في التعاون مع شركات صينية مثل BYD، دعمًا لخطط مصر نحو التحول إلى الاقتصاد الأخضر.
كما استعرض الوزير إطلاق منصة الترخيص الرقمي الموحد للمستثمرين، بهدف تسريع إجراءات الاستثمار، وتحقيق الشفافية، وتعزيز ثقة المستثمرين في مناخ الأعمال المصري.
ولفت إلى أن رؤية مصر 2030 تستهدف إدراج مصر ضمن أفضل 30 اقتصادًا في العالم في مؤشرات التنمية، من خلال تحقيق نمو شامل ومستدام، وتوسيع دور القطاع الخاص، والاعتماد على اقتصاد معرفي تنافسي، ما يفتح فرصًا واعدة أمام الشركات الصينية لتنفيذ مشروعات استراتيجية مشتركة.
مصر بوابة استثمارية
ووفقًا لتصريحات الوزير، تعد مصر بوابة استراتيجية ضخمة تجمع بين سوق محلي يتجاوز 110 ملايين نسمة، مع نفاذ مباشر إلى أسواق إقليمية ودولية تضم نحو 2 مليار مستهلك، بفضل شبكة واسعة من اتفاقيات التجارة الحرة.
وأشار إلى أن الموقع الجغرافي الفريد لمصر، واتصالها اللوجستي عبر قناة السويس وشبكات النقل الحديثة، يجعلها مركزًا مثاليًا للتصنيع والتجارة، لا سيما في قطاعات الطاقة الخضراء، والإلكترونيات، ومكونات السيارات، والصناعات النسيجية، والأمن الغذائي، والتحول الرقمي.
وأوضح الوزير أن هذا القرار سيُسهم مباشرة في زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر والصين، لا سيما في ظل التوسّع الملحوظ في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مؤكدًا أن الصين أصبحت من الشركاء التجاريين الرئيسيين لمصر، خصوصًا في المشروعات الكبرى داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
كما أشار الوزير إلى أن القانون الاستثماري المصري، الذي يتيح الملكية الأجنبية بنسبة 100%، يُشكّل مع هذا القرار بيئة أعمال مرنة وجاذبة، مدعومة بتشريعات واضحة وتسهيلات مصرفية.
وأكد أن وجود مصادر بديلة للعملات الأجنبية، مثل اليوان، يساهم في تقليص الفجوة الدولارية، ما يُساعد في خفض معدلات التضخم، ويقود إلى انتعاشة حقيقية في الاقتصاد المصري، مشيدًا بهذه الخطوة الجريئة ضمن سلسلة من السياسات الهادفة إلى تحقيق مرونة في الاستثمار.
شراكة شاملة
وشهدت العلاقات بين مصر والصين تطورًا نوعيًا خلال السنوات الأخيرة، حيث انتقلت من علاقات دبلوماسية تقليدية إلى شراكة استراتيجية شاملة، شملت التعاون الاقتصادي ضمن مبادرة الحزام والطريق، والتنسيق السياسي، وتبادل الزيارات رفيعة المستوى.
واستثمرت 2418 شركة صينية في مصر حتى نهاية مايو الماضي، بإجمالي رأس مال مصدر يبلغ 1.1 مليار دولار، تتركز نحو 47% منها في النشاط الصناعي، في مجالات الفايبر جلاس، الأجهزة المنزلية، المنسوجات، الصناعات الغذائية، والأعلاف الحيوانية، وفقًا للبيانات الرسمية.
كما أبدت 7 من أكبر الشركات الصينية في العالم اهتمامًا بالغًا بالدخول إلى السوق المصرية، سواء عبر نقل مصانعها أو التوسع فيها، باستثمارات متوقعة تبلغ 5 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة.
فيما تعد المنطقة الاقتصادية لقناة السويس من المحاور المحورية في مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث تعزز من فرص الاستثمار المشترك، وتوفر للشركات الصينية نافذة عبور إلى العديد من الأسواق العالمية من خلال موانئها الستة.
وقد خططت مصر ضمن هذه المبادرة لتطوير البنية التحتية في مجالات النقل والطاقة وتكنولوجيا المعلومات، مما يجعل من المنطقة مركزًا متكاملًا للأعمال والاستثمار، ويُعزّز من دور مصر كمحور لوجستي واستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

 

يقدم فريق بوابة عالم المال، تغطية حصرية ولحظية على مدار الساعة ، لآخر مستجدات البورصة والشركات المدرجة، البنوك وأسعار الدولاروالتأمين، العقاري، والصناعة والتجارة والتموين، الزراعة، الاتصالات، السياحة والطيران، الطاقة والبترول، نقل ولوجيستيات، سيارات، كما نحلل الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات والشركات والجهات من خلال الإنفو جراف والرسوم البيانية، الفيديو، فضلا عن تقديم عدد من البرامج المتخصة لتحليل كل ما يتعلق بالاقتصاد المصري من خلال تليفزيون عالم المال.

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار