
“سفن تغويز جديدة”.. تحركات حكومية لسد احتياجات الغاز الطبيعي
شيرين نوار
رحب خبراء الطاقة بإعلان وزارة البترول والثروة المعدنية تشغيل سفينة تغويز جديدة، مؤكدين أهمية هذه السفن في تعزيز أمن الطاقة، والقضاء على أزمات انقطاع الكهرباء خلال فصل الصيف، مع ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة معدلات الاستهلاك، مؤكدين أن سفن التغويز أحد أهم الإجراءات الاستراتيجية في هذا الشأن.
خطوة مهمة
ويقول المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، إن تشغيل سفينة التغويز الجديدة في مصر خطوة حاسمة لتأمين الغاز ومنع انقطاع الكهرباء، مشيرًا إلى أن إعلان الحكومة تشغيل سفينة تغويز جديدة في أحد الموانئ الرئيسية، يأتي ضمن خطة عاجلة لتعزيز تأمين إمدادات الغاز الطبيعي اللازمة لمحطات الكهرباء، خاصة خلال أشهر الصيف التي تشهد ذروة الاستهلاك، لافتًا إلى أن سفينة التغويز تعمل على استقبال الغاز الطبيعي المسال من الخارج ثم تحويله إلى حالته الغازية وضخه في الشبكة القومية للغاز ليُستخدم في تشغيل محطات الكهرباء والصناعات المختلفة، وهذه الخطوة تعتبر حلًّا سريعًا ومرنًا في ظل تراجع الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي خلال العامين الماضيين نتيجة مشاكل فنية مؤقتة في بعض الحقول، وأبرزها حقل “ظهر”.
وقال كمال إن تشغيل سفينة تغويز جديدة يعني تأمين كميات إضافية من الغاز بشكل فوري، مما يقلل الاعتماد على الوقود البديل (المازوت) الذي يعتبر أقل كفاءة وأكثر تلوثًا، ويمنع تكرار أزمات انقطاع التيار الكهربائي التي حدثت في بعض المناطق مؤخرًا، مشيرًا إلى أن الغاز الطبيعي هو الوقود المفضل لمحطات الدورة المركبة الحديثة والتي تعتبر العمود الفقري لإنتاج الكهرباء في مصر. ومع توفير الغاز بكميات كافية تعود هذه المحطات للعمل بكفاءة قصوى ما يعزز استقرار الشبكة وتقليل الفاقد.
ولفت كمال إلى أن وجود وحدة تغويز عائمة يعني أن مصر قادرة على استيراد الغاز عند الحاجة وتغطية أي فجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك، وهو أمر بالغ الأهمية خاصة في فترات الضغط مثل فصل الصيف أو عند تعطل الإنتاج المحلي لأي سبب، موضحًا أن تشغيل سفينة التغويز يرسل رسالة طمأنة للمواطنين وللمستثمرين بأن الدولة قادرة على التحرك السريع لتأمين احتياجاتها من الطاقة وعدم تكرار سيناريوهات انقطاع الكهرباء الواسع، خصوصًا مع استمرار العمل على خطة طويلة الأجل لزيادة إنتاج الغاز المحلي وتنويع مصادر الطاقة.
وأوضح كمال أن هذه السفينة ليست مجرد وحدة عائمة، بل صمام أمان للطاقة الكهربائية في مصر خلال فترات الذروة وخطوة استراتيجية في إدارة أمن الطاقة بكفاءة واستباقية.
تقضي على أزمة الطاقة
بدوره قال الدكتور حافظ سالماوي، خبير الطاقة، إن سفن التغويز أحد أهم الإجراءات التي لجأت إليها الحكومة، ممثلة في وزارة البترول والثروة المعدنية، من أجل القضاء على أزمة انقطاع الكهرباء، مشيرًا إلى أن سفن التغويز هي سفن تتميز بالتطور التكنولوجي وتعمل على تحويل الغاز الطبيعي المسال من حالته السائلة إلى الغازية (الغاز الطبيعي)، حيث يتم نقل الغاز الطبيعي بين الدول وهو في حالة سائلة، لذا يتم نقله على متن سفن خاصة مزودة بتوربينات عملاقة لتبريده والوصول به إلى درجة 160 تحت الصفر، وهي الدرجة التي يتحول عندها إلى صورته السائلة.
وأوضح سالماوي أن الغاز يظل على صورته السائلة حتى يصل إلى الدولة المتجه إليها، وهنا يأتي دور «سفن التغويز» التي تكون عبارة عن محطات عائمة يتلخص دورها في تسلم شحنات الغاز المستوردة وإعادتها من الصورة السائلة إلى صورتها الطبيعية الصالحة للاستهلاك المباشر (الغاز الطبيعي)، مشيرًا إلى أننا حتى العام الماضي كان لدينا سفينة تغويز واحدة، إلا أن الحكومة تسعى حاليًا إلى استقدام عدة سفن تغويز لتلافي أزمة الغاز التي عانينا منها الصيف الماضي، لافتًا إلى أن سعر سفينة التغويز يصل إلى 300 مليون دولار، فيما تتجاوز قيمة عقود إيجار «سفن التغويز» 100 مليون دولار سنويًّا، مؤكدًا أنه في حالة امتلاكنا سفن تغويز خاصة بنا نستطيع توفير ملايين الدولارات التي ندفعها كرسوم إيجارية.
وأوضح أن مصر تسعى لزيادة إنتاجها من الغاز لسد احتياجات محطات الكهرباء خلال أشهر الصيف، بعدما شهد الطلب ارتفاعًا كبيرًا وسط نقص في إنتاج الغاز، لتتحول مصر من دولة مصدرة إلى مستوردة خلال العامين الماضيين، مشيرًا إلى أن احتياجات مصر اليومية من الغاز الطبيعي تبلغ 6.2 مليار قدم مكعب، تزيد خلال شهور الصيف لأكثر من 7 مليارات قدم مكعب، فيما يبلغ إنتاجها اليومي نحو 4.1 مليار قدم مكعب.
وشدد سالماوي على أن الحكومة تستهدف تعزيز إنتاج الغاز إلى 5 مليارات قدم مكعب بنهاية العام الجاري. وأعلنت مصر مؤخرًا حوافز جديدة لجذب استثمارات الشركات الأجنبية في قطاع الغاز، من بينها السماح بتصدير حصة من الإنتاج الجديد واستخدام العائدات في سداد المستحقات المتأخرة، إلى جانب رفع سعر شراء حصة الشريك الأجنبي من الغاز المكتشف حديثًا.
================
هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة تواصل دورها الريادى لتعزيز استخدام الطاقة النظيفة بإفريقيا
شيرين نوار
أعلنت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، برئاسة المهندس إيهاب إسماعيل، مشاركتها في العديد من الفعاليات خلال الأسابيع الماضية، ضمن خطتها لصياغة إطار مشترك لسياسات الطاقة المتجددة، وتحقيق هدفها الاستراتيجي بتوليد 42% من الكهرباء من مصادر نظيفة بحلول عام 2030، إلى جانب مواصلة دورها في تبادل الخبرات على مستوى القارة الإفريقية وأوروبا، وخاصة التعاون المصري-الجيبوتي في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة.
وتم توقيع عقد تنفيذ مشروع إنشاء محطة لإنتاج الكهرباء، باستخدام نظم الخلايا الفوتوفولتية، غير المتصلة بالشبكة الكهربائية (Off-grid) بقدرة 300 كيلووات كحد أقصى، مع نظام تخزين باستخدام البطاريات بسعة 1129 كيلووات في الساعة، وذلك في دولة جيبوتي.
ويتم تنفيذ المشروع بالتعاون بين الهيئة العربية للطاقة المتجددة التابعة للهيئة العربية للتصنيع (مقاول المشروع)، وهيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة (استشاري المشروع).
وجرى توقيع العقد بحضور ممثلي الجانبين، في تأكيد على التزامهم بسرعة التنفيذ، حيث تم التنسيق مع شركة الأعمال المدنية لبدء الأعمال الخرسانية فورًا في موقع المشروع.
كما يعكس هذا المشروع الدور الريادي لمصر في دعم التحول نحو الطاقة النظيفة داخل القارة الإفريقية، ونقل الخبرات الفنية في مجال الطاقة المتجددة إلى الدول الشقيقة، في إطار رؤية الدولة المصرية لتعزيز التعاون الإقليمي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما شاركت الهيئة بوفد رفيع المستوى في ورشة عمل “استكشاف آفاق التصنيع بقيادة الطاقة المتجددة في مصر”، التي نُظّمت بالتعاون بين الاتحاد الإفريقي ومعهد الشؤون الدولية بجنوب إفريقيا، خلال يومي 1 و2 يوليو 2025.
وتعد الورشة جزءًا من مشروع الاتحاد الإفريقي للتحول الصناعي باستخدام الطاقة المتجددة، وشارك فيها ممثلون عن مؤسسات حكومية وقطاع خاص ومراكز بحثية محلية ودولية، بهدف دعم السياسات الابتكارية وتعزيز التكامل القاري في مجال الطاقة المتجددة.
وشهدت الورشة مساهمة فعالة من وفد الهيئة في جلسات الحوار الاستراتيجي، وصياغة إطار مشترك لسياسات الطاقة المتجددة في إفريقيا، مع التركيز على التجربة المصرية في الوصول إلى نسبة 42% من الكهرباء من مصادر نظيفة بحلول عام 2030.
وشاركت الهيئة أيضًا في مراسم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني ومؤسسة السويدي إلكتريك، وذلك في إطار مبادرة تطوير التعليم الفني وتعزيز التعاون مع الشركاء الصناعيين لتأهيل الكوادر الفنية ودعم التنمية المستدامة.
وفي تعليقه على الدور المحوري للهيئة، أكد الدكتور محمد الخياط، الرئيس السابق للهيئة، أنها تمثل حجر أساس في التحول نحو بيئة نظيفة، من خلال التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة على المستويين المحلي والإقليمي، خاصة في إفريقيا وأوروبا، عبر مشروعات الربط الكهربائي والهيدروجين الأخضر.
وأشار إلى أن صناعة الطاقة المتجددة تشهد تحولات عميقة في سياسات الدول، ضمن جهودها لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات الكربونية، مضيفًا أن مصر كانت من أوائل الدول التي بدأت خطوات فعلية منذ 2014 في هذا الاتجاه، بما في ذلك التوسع في مشروعات توليد الكهرباء من مصادر متنوعة ونظيفة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة وتحقيق أمن الطاقة.