سندات التجزئة للأفراد.. هل تسحب البساط من الشهادات الادخارية ؟

أثار اعلان وزارة المالية نيتها تدشين صكوك بالجنيه المصري وسندات تجزئة للأفراد موجهة للأفراد كآلية ادخار جديدة خلال السنة المالية الحالية جدل بين الخبراء حول جدواه فى الوقت الراهن، فبينما يرى البعض أنها تعكس توجها حكوميا نحو تنويع مصادر التمويل وتوسيع قاعدة المستثمرين لتشمل الأفراد، يعتبرها آخرون غير كافية لجذب اهتمام الأفراد مقارنة بالأوعية الادخارية و أدوات حفظ القيمة الأخرى كالعقار والذهب .

وليد عادل: الحكومة تستهدف السيولة الشعبية.. وتبتعد عن الاعتماد الكامل على البنوك

اذ أكد الدكتور وليد عادل الخبير المصرفى أنه في ظل الظروف الاقتصادية المعقدة التي تمر بها البلاد، ومع استمرار الضغوط التضخمية وارتفاع أسعار الذهب والعقارات، جاءت فكرة طرح أداة تمويل جديدة تستهدف المواطن العادي قبل المستثمر المحترف ، وذلك بهدف تقليل الاعتماد على البنوك، وجذب السيولة، وتوسيع قاعدة المستثمرين.

ويرى إن طرح صكوك وسندات خزانه للأفراد بالجنيه في هذا التوقيت يعكس تحولًا واضحًا في استراتيجية التمويل الحكومي ، مؤكدا أن الحكومة تسعى إلى تنويع أدواتها التمويلية، بعد سنوات من الاعتماد على أدوات الدين التقليدية مثل أذون الخزانة والسندات التي تشتريها البنوك
لافتا الى أن الطرح المنتظر يستهدف الأفراد بشكل مباشر لتقليل الضغط على البنوك من ناحية، وتوفير مصدر تمويلي جديد ومتنوع من ناحية تانية أخرى

وتابع أن امتصاص جزء من السيولة المتداولة في السوق يعد أحد أهم دوافع الحكومة لطرح تلك الأدوات للأفراد في ظل معدلات تضخم مرتفعة تجعل الأفراد يتجهون للاستثمار فى الذهب و العقار كملاذ آمن، وعليه تبحث الحكومة تقديم بديل أكثر جاذبية للحفاظ على جزء من تلك السيولة داخل النظام المالي الرسمي

منوها الى أن هناك العيدي من التجارب الناجحة لاتاحة الاكتتاب فى أدوات الدين للأفراد في دول خليجية بشكل مبسط وفعال

ويرى عادل أن المنافسة صعبة بين عوائد الصكوك مقارنة بعوائد الذهب والعقار ، اذ يمكن بيع الأخيرتين في أي وقت، عكس الصكوك اللي لها آجال وشروط

لكي تكون هذه الطروحات جاذبة، يرى الخبير المصرفي أن الحكومة يجب أن تقدم عوائد حقيقية تفوق أو على الأقل تساوي معدل التضخم فضلا عن توفير آليات اكتتاب وبيع سهلة، و حوافز ضريبية أو مميزات إضافية قد تستقطب فئات من الباحثين عن دخل ثابت ومنتظم مثل المتقاعدين أو أصحاب الفوائض المالية الصغيرة.

وأشار الى أن هناك 3 عوامل لنجاح طرح أدوات دين مباشرة للأفراد وهم التوقيت المناسب ، إذ لا بد من طرح الصكوك في وقت يشهد استقرارًا نسبيًا في سعر الصرف، حتى لا يشعر المواطن بأنه يغامر بقيمة مدخراته ، والتسويق والتوعية حيث يجب أن يواكب الطرح حملة توعية شاملة تشرح طبيعة الصكوك، الفرق بينها وبين السندات، والعائد المتوقع منها، مع تسهيل إجراءات الاكتتاب.
و أخيرا المرونة والسيولة من حيث وجود سوق ثانوي نشط يمكن المستثمر من بيع الصكوك بسهولة وقت الحاجة، فضلا عن توفير آجال متنوعة تناسب مختلف الاحتياجات.

عز الدين حسانين: دخول الأفراد في أدوات الدين قد يسحب السيولة من القطاع المصرفي

فى حين يرى الدكتور عز الدين حسانين الخبير المصرفى أن الطروحات الجديدة للصكوك والسندات المخصصة للأفراد لن تكون مجدية بالقدر الكافي، كونها محاولة من وزارة المالية للحد من الاعتماد على البنوك والمؤسسات المالية كمشترين رئيسيين، وذلك عبر توسيع قاعدة المستثمرين لتشمل الأفراد ليقوموا بالشراء من السوق الرئيسي لأدوات الدين .

و استبعد أن تلقى رواجا بين المتعاملين من الأفراد خاصة ان طرح الصكوك السيادية بالجنيه المصري يعد أداة تمويلية تستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية، و يمتلك حامل الصك حصة مشاع في أصول تمولها الدولة، ويحق له الحصول على عائد يحتسب من الإيرادات المتولدة من هذه الأصول، وليس من الفائدة الثابتة كما هو الحال في السندات ، وهو ما يجعل هناك صعوبة فى تسيلها اذا ماقُرنت بالأوعية الادخارية فى البنوك وأدوات حفظ القيمة كالذهب والعقار ، والسندات التى تعد أداة استثمار آمنة نسبيًا للأفراد، حيث يحصل المستثمر على عائد دوري دون مشاركة في الأصول أو المخاطر التشغيلية.

ويرى حسانين أن هذه الخطوة، رغم كونها تنويعًا في أدوات الادخار المتاحة، إلا أنها قد تؤثر على حجم الودائع البنكية مستقبلاً، وتحديدا فى بداية طرحها اذا كان هذا الطرح بعائد أعلى من المتاح فى الأوعية الادخارية البنكية ، لا سيما في ظل المنافسة المباشرة مع شهادات الادخار التقليدية التي تطرحها البنوك بأسعار فائدة مرتفعة وجاذبة ، متوقعا أن دخول الأفراد كمساهمين مباشرين في أدوات الدين العام مثل الصكوك والسندات قد يسحب جزءًا من السيولة المتاحة في القطاع المصرفي، مما قد يدفع البنوك إلى إعادة النظر في أدواتها الادخارية وأسعار العائد عليها لجذب العملاء