
الأسمدة أزمة متكررة تُهدد الغذاء.. والطن يُسجل 30 ألف جنيه
7 مصانع تتولى توريد 4 ملايين طن
لم تعد أزمة الأسمدة مجرد ملف زراعي عابر، بل تحولت إلى معاناة يومية للفلاح المصري الذي يترقب موعد إضافة السماد لأرضه، فإذا فاته التوقيت المناسب ضاعت جهوده وأُهدرت نفقاته على الزراعة، وفي ظل نقص المعروض بالسوق وتراجع الإنتاج في المصانع، ارتفعت أصوات الغضب لتكشف عن سر خطير يقف وراء هذه الأزمة، وهو انقطاع الكهرباء عن مصانع إنتاج الأسمدة، مما يهدد مستقبل المحاصيل ويضع المزارعين في مواجهة مباشرة مع “خراب البيوت”.
أكد الدكتور أحمد عضام، رئيس قطاع الخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة، أن نحو 85% من حصص الأسمدة المدعمة المقررة للمزارعين قد تم توزيعها حتى الآن، بما يعادل 18 مليون طن، موضحًا أن مصانع الأسمدة التزمت بتوريد حصص الوزارة بنسبة 80% رغم الصعوبات التي واجهتها نتيجة نقص الغاز وتوقفات الإنتاج، مشيرًا إلى أن الوزارة تدرس حاليًا أكثر من مقترح لضمان استمرار توزيع الأسمدة المدعمة، من بينها السماح بزيادة طفيفة في حصة التصدير للشركات.
ولفت عضام إلى أن عدد مصانع الأسمدة المتعاقدة مع وزارة الزراعة يبلغ سبعة مصانع هي: أبو قير، المصرية، موبكو، حلوان، النصر، الإسكندرية، وكيما، حيث تورد نحو 4 ملايين طن سنويًا، منها 1.8 مليون طن للموسم الشتوي، و2.2 مليون طن للموسم الصيفي.
وسجل طن الأسمدة الحرة فى الأسواق ما بين 28 و30 ألف جنيه، بحسب مدى القرب من مصانع الإنتاج، فى ظل دخول موسم الأرز والقطن مراحل العقد والإثمار.
ومن خلاله أكد الدكتور نادر نور الدين، أستاذ المياه والأرض بجامعة القاهرة، أن الأسمدة النيتروجينية تمثل عنصرًا أساسيًا لا غنى عنه في تكوين المحاصيل الزراعية، مشددًا على ضرورة إضافتها في توقيتات دقيقة حتى تحقق فائدتها الكاملة، مؤكدًا أن أي تأخير في إدخالها للتربة يجعلها بلا قيمة، موضحًا أن النبات إذا لم يحصل على النيتروجين وقت الحاجة فلن يجدي نفعًا إضافته لاحقًا، وهو ما يجعل توفير هذه الأسمدة في مواعيدها مسألة بالغة الأهمية لضمان الإنتاج.
وكشف أن جوهر الأزمة الراهنة يعود إلى توقف مصانع إنتاج الأسمدة النيتروجينية بعد فصل الكهرباء عنها، باعتبار أن هذه الصناعة كثيفة الاستهلاك للطاقة وتعتمد على الشرارة الكهربائية في عمليات التصنيع، وهو ما أدى إلى نقص الكميات المطروحة في السوق أمام المزارعين، وأضاف قائلًا: “غياب الكيماوي عن المزارع وقت الاحتياج يساوي خراب بيوت، لأنه لا بديل له، وبدونه يتراجع المحصول بشكل حاد أو لا يتكون من الأساس”.
وأوضح الخبير الزراعي أن الفلاح المصري أدرك منذ القدم أهمية النيتروجين بالفطرة، فكان يلجأ إلى استخدام الأسمدة العضوية الناتجة عن مخلفات المواشي والطيور قبل الزراعة، إلا أن مشكلتها تكمن في بطء تحللها وضعف تركيزها مقارنة بالأسمدة الكيماوية التي تتميز بسرعة ذوبانها وسهولة امتصاص النبات لها.
وحذر نور الدين من خطورة غياب النيتروجين في المراحل الحرجة لتكوين المحصول، مشيرًا إلى أن البطاطس مثلًا تحتاجه عند بدء انقسام الخلايا، وكذلك القمح والفول والذرة، فإذا لم تتوافر الأسمدة في هذا التوقيت جاءت البطاطس صغيرة قليلة الخلايا، وسنابل القمح ضعيفة أو فارغة، وكيزان الذرة وقرون الفول خالية من الحبوب.
وختم بالتأكيد على أن الفلاح لا يمكنه الانتظار حتى توفر الدولة الكيماوي، لأن الأمر بالنسبة له ليس رفاهية بل يتعلق بمستقبل محصوله ورزق بيته.