بعد رفع البنك المركزي المصري نسبة الاحتياطي الإلزامي في البنوك من 14 % إلى 18%، تساءل العديد عن ماهية الاحتياطي الإلزامي وتأثير هذا الارتفاع على أرباح البنوك وودائع العملاء.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور محمود محسن، الخبير المصرفي ومدير غرفة المعاملات الدولية بأحد البنوك، إن الاحتياطي الإلزامي هو نسبة من الأموال المودعة من طرف العملاء في البنوك (للودائع والأوعية أقل من ثلاث سنوات ) ويحددها البنك المركزي وتودع طرفه بدون فوائد.
وقرر البنك المركزي المصري زيادة نسبة الاحتياطي النقدي التي تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لدى البنك المركزي المصري لتصبح 18% بدلا من 14%. وسيساعد هذا القرار في تقييد السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي.
كما قام قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزي المصـري في اجتماعهـا الخميس الموافـــق 22 سبتمبر 2022 الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوي 11.25٪، 12.25٪ و11.75٪ على الترتيب. كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوي 11.75٪.
وأضاف أن تأثير الاحتياطي الإلزامي علي تكلفة الاموال في البنوك تختص بها لجان الأصول والخصوم في البنوك alco والتي تحسب تفصيليا تكلفة جميع الاموال في البنوك بعوائدها المختلفة وتكلفة جميع العمليات المصرفية وأيضاً العوائد المجمعة من جميع الخدمات المصرفية والنشاط والاستثمارات وتسعيرها حسب متطلبات السوق ودورته الاقتصادية واستراتيجيات السياسة النقدية وظروف السوق.
هل تتأثر ربحية البنوك برفع الاحتياطي الإلزامي؟
أشار الدكتور محمود محسن، إلى أنه سيكون هنالك تأثيرا طفيفا علي بعض البنوك وسوف يقلل من أرباحها، ولكن الأمر يتوقف علي ادارة البنوك وحرفية لجان الـ alco في إعادة التسعير وتنويع استثماراتهم بجانب مدي استقرائهم لظروف السوق ورؤيتهم السليمة للدورة الاقتصادية وما يمر به العالم والسوق المحلي من ازمات .
ما الجدوي من رفع الاحتياطي الالزامي.. وما علاقته بالتضخم؟
أكد أن زيادة السيولة تخلق التضخم وتحفزه بمعني زيادة الأموال في أي سوق مع وجود نفس كمية السلع والخدمات ترفع أسعارها فوراً، لافتا إلى أن البنك المركزي اتجه لتجفيف بعض السيولة الموجودة بالبنوك مستهدفا ٦٠٠ مليار جنيه علي حسب التصريحات لمصدر من البنك المركزي لوكالة بلومبرج وعزمه علي ذلك لمكافحة التضخم ومحاولة كبح زمام زيادة الأسعار، وعلي الصعيد الآخر والجيد في الأمر هبوط اسعار كثير من السلع عالمياً والذهب عالمياً وبعض المعادن والسلع الاستراتيجية ووجوب الحفاظ وترشيد استخدام الاحتياطي النقدي للضروريات القصوي واستغلال أوقات الهبوط لمحاولة تقليل تكلفة عبء العجز المزمن في ميزان المدفوعات لذا لزم التدخل بمشرط جراح لتقليل السيولة في النظام النقدي بدون أن يؤثر علي معدلات النمو الاقتصادي، وفي نفس الوقت دعم القطاعات ذات الأثر المباشر علي التدفقات النقدية الدولارية لانها الحل الاسرع في الوقت الحالي.
وأوضح الدكتور محمود محسن، أن رفع أو خفض سعر الفائدة ليس هي الأداة الوحيدة للسيطرة علي التضخم في الاقتصاد، مشيرا إلى أن هناك أدوات عديدة ومؤثرات أكثر وتختلف من دولة الي أخري في توقيت وكيفية استخدامها.
وتوقع أن تكون هناك تغيرات جريئة وخارج الصندوق في استخدام أدوات السياسة النقدية من محافظ البنك المركزي المصري ومستشاريه، واستهدافهم الهبوط الآمن بمعدلات التضخم التي أصابت العالم بالكامل نتيجة الأزمات المتتالية وما صاحبها من مشاكل في سلاسل التوريد لتلحقها الحرب الروسية الأوكرانية واستعار الحرب الاقتصادية وحروب العملات وأزمة الديون العالمية التي نمر بها منذ اطلاق الولايات المتحدة بوق زيادة سعر الفائدة علي الدولار لاستدعاء السيولة الدولارية من العالم بأجمعه.
وتطرق إلى أن ما قام به البنك المركزي الأمريكي أثر بشكل كبير على العديد من العملات في العالم، متوقعا أن تكون هذه رقصة الموت الأخيرة للدولار الامريكي في المستقبل ويعلن عن تخليه عن عرشه الذي استولي عليه عنوة بعد اعلان صدمة نيكسون.
مثال توضيحي للاحتياطي الإلزامي
“عندما يودع عميل في البنك ١٠٠ جنيه وديعة اقل من ثلاثة سنوات يقوم البنك بايداع ١٨ جنيه منها (احتياطي الزامي بدون فوائد ١٨٪) طرف البنك المركزي بصفر عائد ويتبقي للبنك ٨٢ جنيه لاقراضها او استثمارها .. وبفرض أن البنك اتفق مع العميل علي أن يعطيه فائدة ١٤ ٪ علي الٕ ١٠٠ جنيه في السنة اذن ما يدفعه البنك للعميل ١١٤ جنيه (المبلغ+الفائدة) ١٠٠+١٤ ولكن في حقيقة الامر البنك يدفع عائد للعميل اكثر من ١٤ ٪ … كيف …! في الحقيقة البنك يتكلف عائد اكثر من ١٤٪ لانه لا يستثمر الا ٨٢ جنيها فقط من ال ١٠٠ جنيه والباقي احتياطي الزامي صفري العائد لذا يجب أن نحسب معدل العائد الحقيقي او explict rate لنعرف مقدار تكلفة الاموال علي البنك المودع = ١٤ / ٨٢ = ١٧٪.
اذا تكلفة الأموال علي البنك لكل ١٠٠ جنيه ١٧٪ لذا يجب أن يوظفها او يعيد اقراضها باكثر من ١٧٪ لكي يحقق البنك ربحا . اذا ماذا لم يوجد استثمار عنده يحقق اعلي من ١٧٪ …? الامر بسيط سوف يقلل من فائدة الاوعية الادخارية الاقل من ثلاثة سنوات لتصبح ١٠٪ مثلا لتكون تكلفة الاموال كالتالي = ١٠/ ٨٢ = ١٢,٢٠٪ وهذه هي تكلفة الاموال علي البنك ليعيد استثمارها بعائد اعلي في السوق المصرفي ليحقق ربحا “.