• logo ads 2

تحديات مزارع الأبقار الحلاب

بقلم الدكتور/ محمد عثمان

alx adv
استمع للمقال

يعتمد المستقبل على ما نفعله اليوم ويتجدد دومًا في ظل المستجدات، وبالتأكيد يكون أفضل إذا عملنا باجتهاد وتفاؤل وتخطيط سليم وأن الاستفادة من دروس الماضي وتجاربه، والعمل بأمانة وإخلاص بالحاضر حتمًا ستنتج مستقبلًا زاهرا.

اعلان البريد 19نوفمبر

 

إن التحديات التي نواجه الصناعة اليوم ماهي الا نتائج قرارتنا السابقة أو مستجدات تفرض نفسها، ولابد من النجاح في مجابهتها ولا يأتي ذلك إلا بخطط العمل المدروسة والإبداع والابتكار، الذي لا يحدث عادة إلا إذا تغيرت الطريقة التي نتجت عنها وقد يعني هذا أحيانا إعادة تعريف المشكلة وأحيانا أخري التخلص من الافتراضات المبني عليها القرارات والحلول.

 

وبالنظر الي مستقبل مزارع الأبقار الحلاب وإنتاج الألبان في ظل التحديات الحالية من تزايد القدرة التنافسية لتلبية احتياجات المستهلك والمرتكزة على معايير الجودة والربحية ومن ناحية أخري تزايد التعداد السكاني وما يتبعه من انخفاض بنسب المحاصيل المخصصة للثروة الحيوانية، وكذلك التغيرات المناخية نجد أننا بحاجة ضرورية لتقييم الوضع الحالي وتحديد لأهم المشاكل ونقاط الضعف بالتوازي مع العمل على الحلول المبتكرة وخطط العمل لذلك.

 

«الربح» بالتأكيد كلمة جيدة يسعي اليها جميع مربي الأبقار وقد يبدو للوهلة الأولي أن الربحية بمزارع الأبقار الحلاب ترتبط بكثرة الإنتاج وأعداد القطعان، لكن هذا ليس هو الحال دائمًا فالربحية لا تعتمد فقط على عدد الأبقار لديك أو حتى على معدلات إنتاج الأبقار، إذا فما الذي يميز مزرعة عالية ومنخفضة الربحية؟

 

إن الاهتمام بتفاصيل جميع محاور العملية الإنتاجية للألبان وتحقيق الاستفادة القصوى منها طبقا لمؤشرات أداء يتم قياسها بالتوازي مع تقليل الخسائر وخاصة غير المرئي منها يمثل الأساس لمجابهة التحديات بجزئيها المالي والفني.

 

«المعلومات والبيانات»، تمثل البداية الناجحة لتعريف التحديات ونقاط الضعف فبمجرد توفر البيانات الأولية لإجراء التحليلات، تكون القرارات سهلة ولابد وأن تشمل جميع العناصر التقنية والبشرية والمالية.

 

إن البداية الفعالة لاستدامة الربحية تكمن كما أشرنا بتفاصيل العملية الإنتاجية،  فإنتاج اللبن هو تسلسل طبيعي لعمليات هامة ترتكز في الأساس علي القيمة الوراثية للقطيع ثم اختيار نظام التنشئة للنتاجات حتي تترجم هذه القيم الوراثية الي كفاءة إنتاجية ودور الرعاية الصحية للمحافظة علي القطعان من الأمراض المعدية والأمراض المستنزفة للربحية، وكذلك رفع الكفاءة التناسلية للقطعان كونها محور مؤثر للربحية ثم الدور الأهم للتغذية لانعكاسها المباشر علي جميع ما سبق، ولحجم التأثير المالي منها وأخيرا الإدارة المثلي للمحالب بما يحقق أعلي معايير الجودة وسنتناول الرؤي المستقبلية لإدارة هذه العمليات وما يحقق الربحية والاستدامة.

 

 القيم الوراثية ودورها في استدامة ربحية المزارع

 

دائما ما يتطلع العالم إلى تحسين رؤى الانتقاء الجيني بناءً على توقعات الربحية المستقبلية بسمات وصفات جديدة تتضمن التنبؤ بالربح المحتمل مدى الحياة متضمنة صفات مؤثرة برفع الكفاءة التناسلية وتقليل معدلات الإجهاض الوراثي وصفات مؤثرة بالحالة الصحية وخاصة التهاب الضرع والعرج ومشاكل ما بعد الولادة والالتهابات الرئوية والاسهال بالعجول، إضافة إلى صفات جودة اللبن من محتوي البروتين والدهن وعدد الخلايا الجسدية وأيضا الكفاءة الإنتاجية والقدرة التحويلية لاستهلاك العلف وأن الاهتمام بالجانب الوراثي يمثل الركيزة الرئيسية لكفاءة واستدامة الربحية بالمزارع.

 

تنشئة العجلات ومستقبل انتاج الألبان

 

إن الطريقة التي تتم بها تنشئة العجلات لإنتاج الألبان لها تأثير كبير على إنتاج اللبن في المستقبل والحالة الصحية، ولا شك أن استمرار العديد من المزارع بتغذية العجول على الألبان المعدمة (فترات سحب المضاد الحيوي والأبقار المعالجة) سيكون عائقا أمام الإنتاجية المستقبلية، بل والعديد من الأمراض المستنزفة للربحية.

 

لذلك نجد أن التغذية قبل الفطام تستهدف بالأساس زيادة معدل النمو اليومي وما له من تأثير إيجابي على النواحي الإنتاجية ولذلك نشأت العديد من البرامج المتسارعة والمكثفة بتغذية الألبان لتحقيق هذا الهدف خلال الأسابيع الثمانية الأولى من العمر.

 

ولابد وأن يتزامن ذلك وتفعيل جميع استراتيجيات التحكم بأمراض الإسهال والالتهابات الرئوية لم تمثله من عائق رئيسي للربحية على المدي القصير خلال ارتفاع نسب الإصابة والنفوق وتكلفة العلاج وعلى المدي المتوسط خلال خفض معدلات النمو التي ستنعكس على المدي البعيد بانخفاض الإنتاجية ونقص الربحية.

 

 الرعاية الصحية

تهدف برامج الإدارة الصحية ضمان الرعاية المثلى والرفاهية للأبقار الحلاب وتقليل الخسائر في الإنتاجية التي تسببها الأمراض وأخطاء الإدارة، ويتم تطوير برنامج الإدارة الصحية بشكل أساسي بما يلبي استراتيجيات الوقاية المختلفة من الأمراض الوبائية والمعدية متضمنة اختبارات السل البقري والبروسيللا وبرامج التحصين للأمراض المتوطنة كالحمي القلاعية وحمي الوادي المتصدع والتهاب الجلد العقدي إلى جانب الأمراض التنفسية واللاهوائيات، ومن ناحية أخري تطوير برامج مكافحة الأمراض المتكررة مثل التهاب الضرع والعرج لما لها من تأثير مباشر بخفض الإنتاجية وزيادة التكلفة وكذلك تشخيص ووضع برامج تحكم فعالة للأمراض الواردة والمهملة مثال نظير السل والتهاب الأمعاء النزفي والنيوسبورا.

 

علي جانب أخر، تأتي أمراض ما بعد الولادة كالكبد الدهني والتهاب الرحم والتهاب الضرع وانقلاب المعدة وغيرها من الإصابات كأحد أهم مهددات الربحية لتأثيرها المباشر على الإنتاج وزيادة نسب الاستبعاد والنفوق.

 

وتمثل التغذية الخاطئة بالفترة الانتقالية السبب الرئيسي لتفاقم معدلات هذه الامراض لما يتبعها من تأثيرات سلبية بجدار الأمعاء وزيادة نسب السموم الداخلية بالدم بما يؤدي لزيادة استهلاك الطاقة نتيجة لذلك بدلًا من توجيهها لإنتاج اللبن وكذلك تدمير لخلايا الكبد وما يتبعه من آثار سلبية.

 

وستثمر التغذية الحديثة في معالجة هذه الأخطاء والتي غالبا ما كان يتم اللجوء اليها لزيادة انتاج اللبن دون النظر للتبعات السلبية على الحالة الصحية والتناسلية.

رفع الكفاءة التناسلية

 

تمثل الكفاءة التناسلية حجر الزاوية بربحية مزارع الأبقار الحلاب وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بنجاح أسلوب إدارة المرحلة الانتقالية وتأثيره المباشر لجودة البويضات وانعكاسها على رفع نسب الاخصاب واستجابة الأبقار لبرامج التزامن الهرموني المختلفة.

 

تتضمن أيضا برامج الرعاية التناسلية أن يتم تشخيص ووضع برامج تحكم فعالة لمسببات الإجهاض حيث يعتبر عامل مؤثر جدا لانخفاض الربحية بالمزرعة، ويتزامن مع ذلك تحديد أهداف محدده والعمل على تحقيقها وأن تكون فعالة وتعكس الوضع الفعلي مثل معدل الاخصاب Pregnancy rate والذي يجب أن يحقق إخصاب لأكثر من ٥٠ % من الأبقار بمرور ١٠٠ يوم حليب يزيد الي ٧٠ % بمرور ١٥٠ يوم حليب وصولا الي ٩٠ % بمرور ٣٠٠ يوم حليب.

 التغذية محور الربحية المباشر

 

تمثل التغذية أحد أهم وأكبر التحديات بمزارع الأبقار الحلاب بشقيه المالي والفني، فعلي الجانب المالي نجد ضرورة تفعيل دور الخامات العلفية المحلية وتقليل حجم المستورد بهذا الشأن وتأتي جودة الأعلاف الخضراء كمحور ارتكاز لنجاح التغذية واستخدام أحدث التقنيات لتخزينها بما يحفظ جودتها وتقليل حجم الفقد والذي قد يصل مثلا بسيلاج الذرة الي ٢٠ %، وكذلك التوسع بالمحاصيل الشتوية القابلة للتخزين.

 

أما الجانب الفني، فكما أشرنا الي ضرورة اتباع نظم التغذية الذكية والتي يشترط أن تحقق أعلي معايير الحالة الصحية بالتزامن مع رفع الكفاءة التناسلية وجودة اللبن المنتج ومكوناته علي أن تحقق معدلات التحويل الإنتاجية المثلي والتي تصل الي ١٬٤ لتر لبن لكل كيلوجرام مادة جافة لمتوسط المجموعات الإنتاجية المختلفة وكذلك أعلي عائد فوق التكلفة IOFC (Income Over Feed Cost) يصل الي ما يقارب ١٢٠ جنيه مصري.

 

الإدارة الجيدة للمحلب وعوامل الاجهاد المختلفة

تؤثر الإدارة الجيدة للمحلب وروتين الحلب المتبع أحد أهم عوامل الربحية لـتأثيرها المباشر على كمية الألبان المنتجة إضافة الي جودتها التي تخدم المستهلك وتنعكس إيجابيا بسعر الألبان المباعة وانتهاء بتأثيرها المباشر على الحالة الصحية ومعدلات التهاب الضرع وأعداد الخلايا الجسدية.

 

وبالنسبة للإجهاد فنجد أن الإجهاد الحراري يمثل أكبر عائق للربحية بالصيف وتكمن الحلول المطروحة في التوسع بالتغذية الذكية طبقا للتغيرات الفسيولوجية المؤثرة على الحيوان واستخدام نظم التبريد الحديثة لذلك.

 

إن حجم التحديات التي ستواجه العالم كبيره في إطعام السكان المتزايدين خلال العقود القادمة حيث من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم في عام٢٠٦۷ إلى ١٠٬٤ مليار نسمة ٨١٪ منهم يقيمون في إفريقيا وآسيا، ليس هذا فقط، ولكن ستنخفض الأراضي الصالحة للزراعة المتاحة لإنتاج الغذاء بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة في المناطق المدارية والمعتدلة، خاصة في نصف الكرة الشمالي.

 

ونتيجة لما سبق فلابد من تحديث مزارع الألبان في البلدان النامية وزيادة إنتاج الحليب لكل بقرة، ومضاعفته.

 

بالفعل ستكون ربحية مزارع الألبان هي المفتاح لاستدامتها شاملة التحسينات الجينية والتركيز على الجينوم وما يرتبط به والتوسع باستخدام أجهزة الاستشعار والروبوتات المتكاملة التي ستحل محل الكثير من العمل اليدوي في المزارع.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار