لاشك أن انضمام مصر لتحالف البريكس الاقتصادي الذى يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، يعد خطوة استراتيجية هامة للدولة المصرية، تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتوسيع آفاق التجارة الخارجية وتعزيز العلاقات الدولية.
واحد من القطاعات الحيوية التي قد تتأثر بشكل كبير جراء انضمام مصر لتحالف البريكس هو القطاع المصرفي المصري والبنوك، فالبنوك تلعب دورًا حاسمًا في تمويل الأعمال التجارية والاستثمارات، وتوفير الخدمات المالية للأفراد والشركات لذلك، فإن أي تغير في البيئة الاقتصادية والسياسية يمكن أن ينعكس على هذا القطاع بشكل مباشر وغير مباشر.
فى ضوء ذلك قال الدكتور أحمد شوقى الخبير المصرفى، إن الهند إحدى الدول الأعضاء فى تحالف البريكس، من أكثر بلدان العالم تقدمًا فى مجال التكنولوجيا المالية وبرامج وأنظمة المعلومات التى تخدم البنوك والمؤسسات المالية.
وأضاف شوقى، كما أن الهند تمتلك حوالى 75 بنك رقمى لخدمة 75 ولاية ومقاطعة، وفى ظل توجه مصر خلال الفترة الاخيرة نحو إنشاء البنوك الرقمية وإصدار ضوابطها، من الممكن الاستفادة من خبرات الهند فى مجال تطبيق البنوك الرقمية.
وتابع الخبير المصرفى، كما أن الهند أطلقت عملة رقمية من خلال البنك المركزى ” الروبية الرقمية”، من الممكن الاستفادة منها فى إطلاق العملة الرقمية المصرية، مما ينعكس على القطاع المصرفى وزيادة الرقمنة فى البنوك فى ظل توجه العالم أجمع نحو الرقمنة فى كل الخدمات.
ونوه شوقى، إلى الهند تمتلك خبرات كبيرة فى مجال البنوك الرقمية، حيث أنها تمتلك بنكين من أكبر 30 بنك رقمى على مستوى العالم، ومن خلال تحالف البريكس من الممكن الاستفادة منها فى تبادل الخبرات والتجارب.
وأضاف الخبير المصرفى، أن مجموعة البريكس تمتلك بنك التنمية الجديدة برأس مال 100 مليار، وتستطيع مصر الحصول على تمويلات تساهم فى التنمية المستدامة والتمويل الاخضر، كما تخطط لإطلاق عملة جديدة مقومة أو مدعومة بالذهب، ومن خلال الانضمام للتحالف يصبح لدى مصر ذراع مصرفي جديد والتعامل بتلك العملة وإدراجها ضمن العملات التى يجرى التعامل بها، مشيراً إلى أن عملة “البريكس” هناك قبول للتعامل بها رغم عدم خروجها للنور بعد.
أحمد شوقى: عملة البريكس تخفف الضغط من التعامل على الدولار الأمريكى
وذكر شوقى، أنه توجد هيمنة على الدولار الامريكي، والقطاع المصرفى المصرى عندما يبدء فى التعامل بتلك العملة، ودخول السوق مع الكيانات الجديدة يصبح لديه عملة موازية للعملة الخضراء، يستطيع السيطرة على أزمة الدولار، مشيراً إلى أن التعامل بعملات أخرى إلى جانب سلة العملات الموجودة، أو الحصول على تمويلات بعملات مختلفة يحدث حالة من التنوع فى العملات.
وأشار الخبير المصرفى، إلى أن إصدار البنوك الرقمية والتوسع في تطبيقها واستخدام أدوات تكنولوجيا جديدة عن طريق تبادل الخبرات مع الهند، يساعد فى سرعة وتيرة التحول الرقمى والذى يعد أداة من أدوات التى تساهم فى تحقيق الشمول المالى ليس على الناحية المصرفية فقط وإنما يمتد ليشمل الناحية المالية أيضاً.
وأوضح شوقى، أن هناك إطارات واتفاقيات دولية لتعامل البنوك بشكل عام مثل اتفاقية بازل الملزمة لجميع البنوك، وستلجأ البنوك لتوفيق أوضاعها للتوافق مع الدول الأعضاء فى البريكس وبنك التنمية الجديدة فى ضوء الاتفاقيات والاطارات الدولية فى هذا الشأن حتي يصبح للتحالف الجديد دور فى العالم ويكون للعملة الجديدة مكانة وسط سلة العملات المختلفة.
وأشار الخبير المصرفى، إلى أن العملة الجديدة ستواجه تحدى كبير فى بداية ظهورها وستنشأ حالة من المقاومة من خلال الدول صاحبة الهيمنة ” الـ 7 الصناعية”، نظراً لسيطرة الدولار على نسبة 59% من الاحتياطات الدولية، لافتًا إلى أن وجود عملة البريكس سيخفف الضغط من التعامل على الدولار مع مرور الوقت.
وعلى صعيد متصل، قال ماجد فهمى رئيس بنك التنمية الصناعية الأسبق والخبير المصرفى، إن انضمام مصر لمجموعة البريكس يترتب عليه زيادة التجارة الخارجية البينية بين مصر ودول التحالف، مما ينعكس على البنوك لأن من ينفذ تلك التجارة شركات ومؤسسات قطاع خاص من الدرجة الأولى.
وتابع فهمى، اتمام تلك الصفقات والاعتمادات من خلال اعتمادات مستندية وعن طريق تمويل من البنوك للجهات المصدرة والمستوردة وهذا ينعكس بالدرجة الأولى على البنوك وزيادة حجم أنشطنها وأعمالها، وله تأثير إيجابى.
وأضاف رئيس بنك التنمية الصناعية الأسبق، انضمام مصر لتلك التحالف يؤدى إلى زيادة المعاملات التجارية “استيراد وتصدير” إلى جانب جذب مزيد من الاستثمارات من تلك الدول أو وجود استثمارات مصرية فى تلك الدول.
وأشار الخبير المصرفى، إلى أن المصارف تمول القطاع الخاص أو التجارة الخارجية أو الاستثمارات وهذا هدفها الأساسي ودورها الرئيسى التمويل، والانضمام لتحالف البريكس ينتج عنه زيادة تلك الفرص، ومن الممكن البنوك نفسها تصبح طرف فاعل عن طريق محافظ الاستثمار الخاصة بها.
ولفت رئيس بنك التنمية الصناعية الأسبق، إلى أن هذا التحالف من الممكن أن يكون فرصة للبنوك المصرية لفتح فروع لها فى الدول الأعضاء أو الدول الأعضاء تفتح بنوك لها فى السوق المصرى، فى حالة وجود منفعة وجدوى اقتصادية من التواجد بتلك الأسواق، كما أن السوق المصرى واحد من أكبر الأسواق بالمنطقة ويتمتع بالجاذبية.
وأضاف الخبير المصرفى، أن الانضمام لهذا التحالف يزيد فرص التعاون بين الدول الأعضاء بكل الأشكال سوا من الناحية التجارية أو الاستثمارات المتبادلة.
ماجد فهمى: خروج تدريجي عن سلطة الدولار كعملة تداول أساسية
واستطرد فهمي حديثه، انضمام مصر لهذا التحالف يعتبر خروج تدريجي من سلطة الدولار كعملة تداول أساسية، فى ظل توجه العالم أجمع نحو الاستغناء على العملة الخضراء كعملة تداول أساسية، والتعامل بعملات الدول الأعضاء وعملة البريكس المزمع إنشاؤها، مستبعداً وجود تحديات تواجه البنوك المصرية تجاه الانضمام فى هذا التحالف الجديد.