محمد عبد العال: أتوقع وجود بنوك أو نشاط مصرفي صيني قريبًا في مصر
سهر الدماطى: بداية الغيث لتوفير موارد دولارية بأساليب جديدة ومبتكرة
تسعى الحكومة لحل أزمة النقد الأجنبي وزيادة مصادره، عن طريق إبرام اتفاقيات التجارة الحرة أو إتمام الصفقات التجارية بالعملات المحلية أو العمليات الآجلة.
وآخر هذه الجهود، توقيع البنك المركزي المصري ومصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي اتفاقية ثنائية لمبادلة العملة، تتيح للطرفين مقايضة الجنيه المصري والدرهم الإماراتي بقيمة اسمية تصل إلى 42 مليار جنيه مصري و5 مليارات درهم إماراتي.
وتعليقًا على ذلك قال محمد عبد العال الخبير المصرفى، إن الحكومة تضع على رأس أولوياتها زيادة مصادر النقد الأجنبى خلال السنوات الثلاث المقبلة من حوالى 70 مليار دولار للوصول إلى 200 مليار دولار بنهاية 2026 وتغطية احتياجاتها من النقد الأجنبى.
وأوضح، أن رئيس الوزراء وضع عدة أهداف للوصول إلى هذا المستهدف بزيادة السياحة 20%، وزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج 10%، وزيادة السعة التصديرية بنسبة 20% لتصل حصيلة النقد الأجنبى إلى ما يقرب من 100 مليار دولار، وهكذا أغلبية المصادر التقليدية.
أضاف عبدالعال، أن الحكومة تسعى فى إطار خطتها لتدبير نقد أجنبي إلى سد الفجوة السلبية فى هذا النقد والتى يقُدر متوسطها بحوالى 13 ـ 15 مليون دولار كل 3 شهور، وتلجأ الحكومة لبعض الوسائل بعضها تقليدي ومعروف لتحقيق هذا الغرض.
وتابع: “البنك المركزى المصري يحاول ايجاد طرق غير تقليدية لتوفير النقد الأجنبى وعلاج مشكلة نقص السيولة من النقد الأجنبى، متوقعًا وجود بنوك أو نشاط مصرفي صيني قريبًا في مصر”
و أكد عبد العال، أن هناك ثلاث نماذج لتلك الوسائل التى تهدف لتوفير مصادر النقد الأجنبى، أولها اتفاقيات التجارة الحرة بين الدول بتصدير السلع واستيراد سلع أخرى من تلك الدول، أو إعطاء إعفاءات جمركية متبادلة بين الدولتين أو إعفاءات ضريبية مثلما يحدث فى الاتحاد الأوروبى، وتساعد اتفاقيات التجارة الحرة على توفير النقد الأجنبى على المدى القصير والمتوسط.
والنموذج الثانى يتعلق بإتمام تسوية الصفقات الدولية والتجارية بالعملات الوطنية للدول وتعتبر أحدث نموذج انتبه له العالم بعد الحرب الروسية الأوكرانية عندما بدأت أمريكا وأوروبا محاصرة روسيا ماديًا ونقديًا، حيث بدأت تلك الدول من خلال التجمعات الإقليمية بعقد الاتفاقيات بين الدول المختلفة، مثل تجمع البريكس والذى من خلاله يمكن تبادل السلع بين الدول الأعضاء بالعملات الوطنية، حتى تخفف من احتياجاتها لقطب واحد مالى هو “الدولار”.
وأوضح أن مصر تتوافر بها العديد من المقومات التى تمكنها أن تكون لاعب رئيسى فى التصدير بفضل جهازها المصرفى القوى إلى جانب الطاقة الإنتاجية والتصديرية التى تمكنها من أن تصدر على قدر ما تستورد، والتى تتيح لها المنافسة السعرية والمنافسة فى الجودة أيضًا.
أما النموذج الثالث فهو العمليات الآجلة أو المشتقات، وهو ما جرى الاتفاق عليه مع دولة الإمارات قبل أيام بشأن مقايضة العملات الوطنية بين الدولتين؛ وهو اتفاق جرى بين زوج من العملات “جنيه ودينار” ويتم حين تكون إحدى الدول في حاجة إلى عملة الدولة الأخرى بشكل مؤقت ولمدة معينة لسد الفجوة فى النقد الأجنبي.
وأشار إلى أن المقايضة تجري على مستوى العالم بين الدول لثلاث أسباب: الحاجة إلى سيولة دون الحصول على قرض، أو تغطية تقلبات سعر العملة خلال فترة معينة أو تغيرات أسعار الفائدة خلال فترة محددة.
وعن سبب عدم إتمامها في شكل قرض، أوضح أن القرض يزيد حجم الدين الخارجي على مصر والذى يقارب على 156 مليار دولار، بهذا الدين.
ولفت، إلى أنه ما يميز المقايضة أنها لأول مرة تُنفذ بين زوج من العملات من بينهما الجنيه المصرى مع دولة عربية، حيث أنها نُفذت مع الصين من قبل عام 2016م، كما أنها تتم مع دولة فى إطار من التعاون الوثيق والعلاقات الحميمة الحاضرة والمستقبلية.
و يرى الخبير المصرفي أن هذه المقايضة تحمل رسالة لأسواق العالم وأسواق النقد وصندوق النقد الدولى ومؤسسات التصنيف الإئتمانى والمستثمرين فحواها عدم انتظار تخفيض سعر العملة المحلية، فسعرها اليوم حرًا وعادلًا.
ولفت إلى أن تلك المقايضة تساعد على استقرار سعر الصرف وتقليل فجوة النقد الأجنبى وتوفير نقد أجنبى بأسعار رخيصة وبدون مخاطر وتغطى تقلبات سعر الصرف وتقلبات سعر العائد، كما أنها تفتح مجال لتكرار الصفقة مع دول أخرى، كما تساعد على تسوية بعض المدفوعات والخدمات والتبادل السلعي بعملتي البلدين.
وتابع: “بحسب الاتفاقية التى وقعت بين مصر والإمارات، تحصل مصر على مبلغ 5 مليار درهم يمكن تحويلهم إلى مليار و360 مليون دولار تقريبًا يستخدمه البنك المركزي كيفما يشاء، وتحصل الإمارات على حوالى 42 مليار جنيه، بالسعر الرسمي المعلن من قبل البنك المركزى”.
وأوضح أنه بعد مدة معينة يتعين انعكاس العملية وتحصل الإمارت على المبلغ المدفوع بالدرهم الإماراتى بسعر آجل يُحدد فى تاريخ الاستحقاق متأثراً بفارق سعر الفائدة، وتحصل مصرعلى المبلغ المدفوع بالجنيه المصري، وهذه الاتفاقية لها طباع خاص لا تحسب بمعيار المكسب والخسارة، وإنما مكسبها توفير سيولة من النقد الأجنبي بالنسبة لمصر.
بدورها قالت سهر الدماطى نائب رئيس بنك مصر سابقًا والخبيرة المصرفية، أنها خطوة مهمة جدًا لجلب عملة أجنبية وفقًا للسعر العادل بدلاً من الاقتراض .
وتابعت أصبح لدى مصر وفرة في الأرصدة الدولارية تقدر بحوالي مليار و 36٠ مليون دولار بديلة عن القروض ويمكن استخدامها في التبادل التجاري، الأمر الذى يأتى بالاتساق مع حدوث طلب على العملة الوطنية لمصر.
وأضافت أن تلك الخطوة تساعد على استقرار سعر العملة وتنشيط السوق، مطالبة بتنفيذها مع عدة دول أخرى، ما قد يكون له بالغ الأثر الإيجابى فى الحد من زيادة معدلات التضخم المرتفعة، مستبعدة حدوث تعويم خلال الفترة الحالية.
أفادت بأنه يمكن للإمارات أن تستثمر بمبلغ المقايضة في الطروحات أو فى البورصة المصرية، كما يمكن لمصر استغلال مبلغ المقايضة في التبادل التجاري أو استيراد القمح والبترول أو سداد مستحقات القروض.
أكدت أن تلك الخطوة بداية الغيث لتوفير موارد دولارية بأساليب جديدة ومبتكرة مشيدةً بالجهود التي يبذلها البنك المركزي المصري خلال الفترة الأخيرة لتوفير النقد الأجنبي وتابعت:” هناك اتجاهات لتوسيع مجالات الاستثمار في السوق المصري”.
وأشارت إلى أن وفرة العملة تساعد على استقرار السوق وتحجيم السوق السوداء، ما يزيد من مصادر العملة الأجنبية في السوق المصري، مضيفةً أن هناك بنوك مصرية معروضة للاستحواذ “القاهرة والمصرف المتحد” من الممكن أن يستحوذ عليهم مستثمر إماراتى.
وعن دعوة محافظ البنك المركزى الصين للاستثمار في السوق المصري، ذكرت أن الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم وهي حجر الأساس في البريكس، وهناك تبادل تجاري كبير مع الصين إلى جانب مشاريع عدة تنفذها الصين في مصر.
وتابعت، الصين دولة متقدمة ولديها نظام بنكي قوي إلى جانب قوتها التكنولوجية وتوسعها في البنوك الرقمية، ولا يوجد ما يمنع وجود بنوك صينية في السوق المصري على حد وصفها.
وذكر محافظ البنك المركزي المصري، حسن عبد الله على هامش توقيع الاتفاقية، أنها تساهم في تيسير وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين، بما يدعم أواصر التعاون المستمر بينهما في مختلف المجالات، لا سيما أن عملية مبادلة العملات المحلية تعد بمثابة حجر أساس للتعاون المالي المشترك بين الدولتين الشقيقتين.
وقال محافظ مصرف الإمارات المركزي، خالد محمد بالعمى، إن الاتفاقية تشكل فرصة مهمة لتطوير الأسواق الاقتصادية والمالية بين الجانبين، انطلاقاً من حرص القيادة في البلدين الشقيقين على دعم العلاقات الثنائية في المجالات كافة، والعمل بما يحقق المصالح المشتركة، التي تنعكس بشكل إيجابي على القطاعات التجارية والاستثمارية والمالية وتعزيز الاستقرار المالي.
وبحسب بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في وقت سابق، قيمة التبادل التجاري بين مصر والإمارات ارتفعت إلى 4.9 مليار دولار خلال العام الماضي، مقابل 4.8 مليار دولار في عام 2021، وزادت قيمة إجمالي صادرات مصر إلى الإمارات خلال العام الماضي إلى 1.9 مليار دولار مقابل 1.8 مليار دولار في عام 2021.
وفي المقابل، تراجعت واردات مصر من الإمارات في العام الماضي إلى 2.9 مليار دولار، مقابل 3 مليارات دولار خلال 2021.
وبحسب بيانات رسمية، من أهم السلع التي صدرتها مصر إلى الإمارات خلال العام الماضي تضمنت لؤلؤ وأحجار كريمة وحلي بقيمة 841 مليون دولار.
كما صدرت مصر آلات وأجهزة كهربائية وأجزاؤها بقيمة 242 مليون دولار، وملابس جاهزة بقيمة 184 مليون دولار، وفواكه بقيمة 93 مليون دولار، وخضر ونباتات بقيمة 69 مليون دولار.
وعلى صعيد أهم السلع التي استوردتها مصر من الإمارات خلال العام الماضي تضمنت وقود وزيوت معدنية ومنتجات تقطيرها بقمية 810 مليون دولار، ولدائن ومصنوعاتها بقيمة 583 مليون دولار.
يذكر أن قيمة الاستثمارات الإماراتية في مصر قفزت خلال العام المالي الماضي إلى 5.7 مليار دولار، مقابل 1.4 مليار دولار، بنسبة ارتفاع 300.8%.