يتعامل التأمين مع أخطار مستقبلية محتملة الحدوث، وتتمثل التزامات شركات التأمين في دفع مبالغ التأمين والتعويضات والتى تعتبر التزامات آجلة، ومن هنا يتوفر لدى شركات التأمين قدر لا يستهان به من الأموال في صورة مخصصات لحين الحاجة إليها للوفاء بالالتزامات المختلفة في مواعيد استحقاقها.
وأصبح تراكم الأموال مصدرا مهما من مصادر الاستثمار والتمويل، حيث إن بقاء هذه الأموال لدى شركات التأمين عاطلة دون الاستفادة منها يضر بمصلحتها وبالمصلحة الوطنية بشكل عام، لذا ينبغي على شركات التأمين تبنى سياسة استثمارية جيدة من خلال استثمار هذه الاموال بما يحقق أفضل العوائد بأقل المخاطر وبشكل ينسجم مع المبادئ الاساسية للاستثمار في شركات التأمين.
وبحسب النشرة الأسبوعية للاتحاد المصري للتأمين، تتمثل مصادر ايرادات شركات التأمين في مصدرين أساسين، يتمثل أولهما في النشاط التأميني للشركة، أما الآخر فيتمثل في النشاط الاستثماري للشركة، إذ يؤدي إصدار الوثائق وتجديدها إلى حصول شركات التأمين على أموال ضخمة من الأقساط المحصلة، وهذه الأموال ليست ملكا لها، ولكنها تقوم بوظيفة الأمين على هذه الأموال، وتقوم شركات التأمين بالمحافظة على هذه الأموال لحين الحاجة إليها للوفاء بالتزاماتها تجا ه حملة الوثائق، ولذا فإنها تقوم باستثمارها في القنوات الاستثمارية المختلفة من خلال اتباع سياسة استثمارية رشيدة لتحقيق الأهداف المرجوة من وراء هذا الاستثمار.
وغالبا ما يتدخل المشرع في معظم دول العالم على اختلاف أنظمتها الاقتصادية لتحديد معالم السياسة الاستثمارية التي يجب على شركات التأمين إتباعها رغبة منه في الحفاظ على حقوق حملة الوثائق والغير، والحد من رغبة شركات التأمين في تحقيق أعلى عائد ممكن مع التضحية بالقواعد الفنية والأساسية للاستثمار، وكذلك فإن تدخل المشرع يكون بهدف آخر وهو ضمان المساهمة الفعالة من هذه الشركات في تمويل خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث إن هذه الشركات تقوم بتجميع المدخرات الوطنية في صورة أقساط التأمين المحصلة مقدما .
وخلال السطور التالية نستعرض القواعد الفنية لاستثمار أموال شركات التأمين:
يقصد بالقواعد الفنية مجموعة القواعد التي تنظم النشاط الاستثماري لأموال شركات التامين كمنشأة من المنشآت المالية من الناحية الفنية، وأهمها:
مبدأ ضمان الأموال المستثمرة :
ويقصد به المحافظة على الأموال المستثمرة وعدم تعرضها للضياع الكلي أو الجزئي، حيث يحظُر على شركات التأمين استثمار أموالها في استثمار ذات درجة خطورة مرتفعة، لأن أغلبيتها تمثل أموال حملة الوثائق، ولا يجوز المضاربة بهذه الأموال، ومن ثم يغلب على هذه الاستثمار مبدأ الضمان أولا للمحافظة على هذه الأموال المستثمرة ويتم التفرقة هنا بين نوعين من الضمان :
الضمان الحقيقي : ويقصد به ضمان استرداد القوة الشرائية ذاتها للوحدات النقدية المستثمرة في الأوجه الاستثمارية المختلفة، وليس بالضروري عدد الوحدات النقدية نفسها.
الضمان الاسمي: يقصد به ضمان استرداد الوحدات النقدية المستثمرة ذاتها في الأوجه الاستثمارية المختلفة . حيث ان شركات التأمين في حاجة إلى الضمان الاسمي في استثماراتها، لان التزام هذه الشركات في معظم الأموال يكون التزاما إسميا وذلك لمقابلة ما يلي :
– أثر التضخم الذي يلحق بمصروفات شركة التأمين خلال فترة التعاقد.
– إن التزامات شركات التأمين غير محدد ة القيمة، وهذا يتطلب ضرورضرورة مراعاة القوة الشرائية للنقود .
مبدأ السيولة :
ويقصد بها قدرة شركات التأمين على تحويل الاستثمارات المختلفة إلى نقدية في وقت محدد دون خسائر حتى تستطيع الوفاء بالتزاماتها في مواعيد استحقاقها تجاه حملة الوثائق ، حيث أن الوثائق التي تصدرها شركات التأمينات العامة بطبيعتها عقود قصيرة الأجل تتراوح مدتها بين سنة أو ثلاث سنوات أو خمس سنوات على الأكثر، ويترتب على ذلك أن هذه الشركات تكون في حاجة إلى بيع جزء من استثماراتها حتى يمكنها الوفاء بالتزاماتها تجاه حملة الوثائق. وبذلك فإن مبدأ السيولة من المبادئ الاستثمارية المهمة التي على شركات التأمين ضرورة أخذها بالاعتبار عند رسم سياسة الاستثمار الخاصة بها، وتنقسم الى نوعين :
– السيولة الكلية: وهي إمكانية تحويل الأصل المستثمر إلى نقدية في أسرع وقت ممكن دون خسائر مالية عند الحاجة إلى رأس المال المستثمر في هذ الأصل.
– السيولة النسبية: وهي قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها المادية في مواعيد استحقاقها.
وعلى شركات التأمين أن تحقق عند استثمار أموالها السيولة النسبية، بمعنى أن توزع استثماراتها حسب طبيعة الالتزامات، وبذلك يجب توافر بعض الأموال في صورة سائلة لمواجهة الالتزامات قصيرة الأجل، ويجب ألا تزيد هذه الأموال على القدر المناسب لتغطية هذه الالتزامات، حتى لا تكون الشركة في وضع مالي غير مناسب، ويؤدي إلى انخفاض العائد وخسارة جزء من الأصول.
مبدأ تحقيق معدل الاستثمار المناسب والمنتظم:
ويقصد به قدرة الأموال المستثمرة في الاستثمارات المختلفة على تحقيق عائد استثماري مناسب لشركات التأمين، حيث إن نشاط شركات التأمين ينقسم إلى قسمين هما الاكتتاب والاستثمار، وإذا كان نشاط الاكتتاب في شركات التأمين يحقق خسائر دائما ، حيث إن نفقات التشغيل المرتبطة بنشاط الاكتتاب ونسبة الخسائر الصافية قد تجاوزت 100 % من الأقساط المكتتبة، ومن ثم فإن هذا العجز يجب أن يكون مستوعبا بواسطة الدخل أو عائد الاستثمار، ويتم التفرقة بين نوعين من معدلات ال فائدة:
معدل الفائدة الفني:
هو المعدل الذي تستخدمه شركات التأمين، ويتم خصم أقساط التأمين المطلوبة من حملة وثائق التأمين على أساسه، حيث يجب ألا يقل معدل الفائدة المحقق من الاستثمار عن هذا المعدل وإلا كانت النتيجة تعرض المركز المالي لشركة التأمين للخطر.
معدل الفائدة المحقق:
هو المعدل الفعلي الذي يتم تحقيقه من وراء النشاط الاستثماري في شركات التأمين، وهذا المعدل المحقق يجب أن يكون كافيا لتغطية المعدل الفني الذي خصمت به الأقساط، إضافة إلى تغطية عجز نشاط الاكتتاب في شركات التأمين، كما أن العائد الاستثماري لهذه الشركات يفوق في كثير من السنوات العائد التأميني، إضافة إلى المساهمة في تحقيق عائد مناسب لحملة أسهم شركات التأمين، ونلاحظ أن معدل الفائدة عنصرأساسي في حساب الأقساط أو المخصصات، علما بأن المخصصات الفنية تعتبر حقا من حقوق حملة الوثائق مدفوعا مقدما وتخص فترات زمنية مستقبلة، وهذا يعنى أن كلا من النشاط التأميني والنشاط الاستثماري متداخلان ويكملان بعضهما البعض .
مبدأ التنويع
يُقصد به عدم تركز في الاستثمار في نوع معين من الاستثمار حتى لا تتعرض استثمارات شركة التأمين للخطر ، ويمكن تقسيم التنويع إلى نوعين هم :
التنويع العام: ويقصد به تعدد استثمارات أموال الشركات على البدائل الاستثمارية المختلفة دون التركيز على استثمار في أحد هذه البدائل فقط دون البدائل الأخرى، وهذا النوع من التنويع يعالج مخاطر الاستثمار الخاصة بالبدائل الاستثمارية مثل مخاطر الاستثمار في بديل استثماري معين ومخاطر الدورات الاقتصادية المتعلقة بنشاط استثماري معين.
التنويع الخاص: ويقصد به أن يتم توزيع الاستثمارات داخل البديل الاستثماري الواحد، وهذا التنويع يعالج مخاطر الاستثمار الخاصة بالبديل الاستثماري والناشئة عن ضعف إدارة هذا البديل الاستثماري.
التنوع الجغرافى: أي عدم حصر الاستثمار في منطقة جغرافية واحد ة وانما تعديها الى مناطق متعدد ة .
وشركات التأمين في حاجة إلى وجود هذين النوعين من التنويع في استثماراتها لتلافي مخاطر الاستثمار الخاصة (غير المنتظمة) أما مخاطر الاستثمار العامة (المنتظمة) والمتعلقة بسوق الاستثمار كله والاقتصاد القومي بصفة عامة فإن التنويع لا يعالج هذا النوع من المخاطر.
مبدأ الاستقرار :
ويقصد به؛ الثبات النسبي لهيكل محفظة استثمارات أموال شركات التأمين وعدم التغير المفاجئ أو السريع أو الكبير لهذا الهيكل.
– وبحكم استمرارية صناعة التأمين فإن هذه الاموال المتراكمة تتجدد باستمرار، ورغم أن تلك الاحتياطات مخصصة للوفاء بالالتزامات المالية المستقبلية لشركات التأمين فهي متاحة أيضا للاستثمار، ويتعين استثمارها بعيدا عن المضاربات ، وبمعنى آخر يشترط في الاستثمار الضمان قبل الربحية ، ويعتبر تخطيط سياسة استثمارية رشيد ة من أهم مسئوليات الادارة العليا لشركة التأمين ، حيث أنه من خلال التخطيط الجيد لهذه السياسة تحاول الشركة تعظيم العائد على الاستثمار والاشتراطات التي تضعها هيئات الرقابة المالية على شركات التأمين فيما يتعلق بأوعية الاستثمار وحدودها.