مستقبل الاقتصاد الأخضر في صناعة الأسمدة والحديد ووسائل النقل عن طريق إنتاج الهيدروجين الأخضر ذو الانبعاثات الصفرية وتحقيق أمن الطاقة المناخ
رشا يوسف باشا
قال الدكتور عطية عطية، عميد كلية هندسة الطاقة والبيئة بالجامعة البريطانية في مصر، إن الهيدروجين ليس حديثًا وإنما موجود منذ القدم، وهو من أخف العناصر الطبيعية، كما توجد هناك أنواع كثيرة من الهيدروجين، ولكل نوع لون على أساس المصدر الذي تم إنتاجه منه.
وأضاف عطية أن لون الهيدروجين أخضر يعني أن يكون إنتاجه من الطاقات المتجددة سواء كانت طاقة شمسية أو طاقة رياح أو طاقة المياه أو الطاقة الحيوية، وهناك الهيدروجين الأزرق والرمادي والأسود وهو يأتي من الغازات الطبيعية والزيت والفحم الحفريات ولكن بطرق مختلفة، ويتميز الهيدروجين الأزرق عنهم بأنه قليل الانبعاثات، كما أن الهيدروجين الأحمر أو الوردي يتم إنتاجه من الطاقة النووية، وهناك أيضًا الهيدروجين الأبيض وهو هيدروجين طبيعي وهيدروجين جيولوجي يوجد في الرواسب الجوفية، كما يُطلق الباحثون على الهيدروجين الذي ينتج من الشمس بالهيدروجين الأصفر.
وأوضح عطية أنه منذ زمن بعيد يتم استخدام الهيدروجين في صناعات كتيرة جدًا مثل صناعة الأسمدة بكل أنواعها، أيضًا استخلاص الحديد من أكاسيد الحديد إذا أضفت لها الهيدروجين سينتج حديدًا بيور، كذلك يستخدم الهيدروجين في عمليات تكرير البترول لخفض محتوى الكبريت، ويستخدم في وسائل النقل.
وأضاف أن الهيدروجين مصدر قوي جدًا من مصادر الطاقة إذا ما قورن بالمصادر الأخرى كما أن استخدامه يقلل الانبعاثات الكربونية وهذه نقطة مهمة جدًا، حيث يتجه العالم كله للبدء في مشاريع إنتاج للهيدروجين الأخضر أو الاستثمار في الاقتصاد الأخضر نتيجة للتغيرات المناخية أو الاحتباس الحراري، إذ أنه من الطاقات المتجددة وأصبحت هناك استثمارات ضخمة على مستوى العالم في إنتاج الهيدروجين، فبناءً على تقديرات عام 2021 تم استثمار حوالي 150 مليار دولار في إنتاج الهيدروجين لكنه ليس هيدروجين أخضر، وهنا يعني أنه إلى الآن إنتاج الهيدروجين أكثر من 95% منه من الوقود الأحفوري، ومن المتوقع زيادة الاستثمارات في إنتاج الهيدروجين الأخضر وقد تصل إلى تريليون دولار وأكثر 2050.
وتابع: “اعتقد أن جميع الدول على مستوى العالم وضعت استراتيجيات للطاقة متضمنة إنتاج الهيدروجين وخاصة الهيدروجين الأخضر، فهناك صناعات كثيرة جدا مثل الأسمدة والنقل والحديد يمكننا استخدام الهيدروجين الأخضر فيها فيصبح هناك الأسمدة الخضراء والطاقة النظيفة الخضراء”.
وأكد أن كل دولة وضعت استراتيجيات لها وكيفية الوصول للاقتصاد الأخضر عن طريق إنتاج الهيدروجين الأخضر، كما أن إنتاج الهيدروجين الأخضر من الطاقات المتجددة سواء الشمسية أو الرياح أو طاقة الطاقة الحيوية أو المياه متاح في مصر، إذ أن كل هذه المصادر موجودة في مصر ومنطقة الشرق الأوسط تتميز بالبيئة المناسبة لإنتاج الطاقات المتجددة وبالتالي هذه المنطقة مؤهلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وهذا الذى أدى إلى أن تكون فرص مصر وفرص منطقة الشرق الأوسط قوية عن مثيلاتها من الدول الأخرى وأيضًا تستطيع تحقيق الطلب العالمي وتحقيق أمن الطاقة، مع الأخذ فى الاعتبار التغير المناسب وتحقيق أمن المناخ.
وأشار عطية إلى اهتمام العالم بإنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق إجراء أبحاث كثيرة في هذا المجال، فاستراليا لديها وادٍ يسمى وادي الهيدروجين لإجراء كافة الأبحاث والتطوير المستمر فى إنتاج الهيدروجين للوصول إلى إنتاج هيدروجين بسعر مناسب.
ولفت إلى أن مصر وقعت بروتوكولات كثيرة خاصة بإنتاج الهيدروجين الأخضر، وبعض الشركات بدأت بالفعل تعتمد على نماذج صغيرة وفي خطتها تطوير هذا، وفي عام 2026 سيتم إنتاج بعض منها، ووزارة الكهرباء تتابع كافة هذه المشاريع وتدعم المشاريع التي تقوم بالعمل بجدية كما أنها تتخذ إجراء مع المشاريع التي لم تحرز أي تقدم حتى الآن بعد توقيع البروتوكولات.
وأكد أن مصر خطت خطوات قوية في هذا الاتجاه، حيث تستطيع إنتاج حوالي 6.1 جيجا، وهذا يدل على أنه توجد خطوات جدية قوية على أرض الواقع أحرزتها مصر في هذا المجال، وخلال 2035 سيكون إنتاج الطاقات المتجددة عاليًا جدا، وكلما تم إنتاج الطاقات المتجددة بصورة كبيرة استطعنا إنتاج الهيدروجين الأخضر بكميات كبيرة، مع الأخذ فى الاعتبار أن المنطقة بها احتياطي كبير من الغاز الطبيعي، وهذا أيضًا لا يمنع أن ننتج الهيدروجين الأزرق الذي يقلل الانبعاثات بحوالي 90%.
أما عن التحديات فأشار عطية إلى أن أول تحدٍ هو ارتفاع التكلفة، ولكن مع زيادة المشاريع وزيادة الطلب وزيادة البحث العلمي والتطوير سيمكننا الوصول إلى تكاليف منخفضة يمكن بها إنتاج الهيدروجين بصورة تجارية وبصورة قوية، وكذلك المياه التي سيتم استخلاص الهيدروجين الأخضر منها كلما كانت ذات ملوحة قليلة كانت أفضل في الإنتاج.
وأشار عطية إلى أن مصر اتخذت خطوات كبيرة في إنتاج الطاقات المتجددة على أرض الواقع، حيث أنشأت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، وبجهاز مرفق الكهرباء وحماية المستهلك أيضًا هناك مركز إقليمي للطاقة مقره في مصر، كل ذلك يساعد في تسهيل تنفيذ مشاريع إنتاج الهيدروجين، وضمن التحديات هو تحديث التشريعات التي تساعد على تنفيذ هذه المشاريع وتذلل كافة العقبات للتسهيل على المستثمرين في مشروعات إنتاج الطاقة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وينبغي أن يكون هناك دور قوي البنوك والقطاع الخاص في سرعة تحقيق الاقتصاد الأخضر عن طريق إنتاج الهيدروجين الأخضر وتحقيق أمن الطاقة وأمن المناخ معا.