هل يستجيب صندوق النقد لمراجعة الاتفاق مع مصر؟

alx adv

أثارت زيادة أسعار المحروقات الأخيرة جدلاً واسعًا بين عموم الشعب المصري، وهو ما دفع الرئيس السيسي للحديث عنها قائلاً إن البرنامج الحالي مع صندوق النقد الدولي يأتي في ظل ظروف شديدة الصعوبة لها تأثيرات سلبية على اقتصاد العالم كله، ولابد من وضع ذلك في اعتبار المؤسسات الدولية.

وألمح السيسي خلال حديثه إلى ضرورة مراجعة الموقف مع صندوق النقد لمواجهة التحديات الاقتصادية وتخفيف الأعباء على المصريين، وقال “لابد من مراجعة الاتفاق إذا كان سيضع الناس في وضع غير محتمل”.

 

 

محمد عبد العال: الطلب لا يخالف الأعراف الدولية.. والصندوق قد يراجع اشتراطاته

وتعليقًا على ذلك، قال محمد عبد العال الخبير المصرفي، إن مصر لم تتأخر في تاريخها عن سداد أي التزام سواء أكان أقساط قروض أو فوائد، كما أنها نجحت فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي ٢٠١٦ نظرًا لأن الظروف العالمية والإقليمية حينها كانت مواتية ومستقرة.

وتابع، أما في البرنامج الحالي فقد واجهت مصر مع كل العالم تداعيات ثلاث صدمات خارجية صعبة، بداية من جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية، ثم حرب غزة، بل إن مصر الآن محاطة إقليمياً بمخاطر جيوسياسية وجيوجغرافية جديدة وقديمة ومتجددة.

فضلا عن أن منطقة الشرق الأوسط تشتعل الآن بسبب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من ناحية، وإيران وإسرائيل من ناحية أخرى، ولبنان وإسرائيل من ناحية ثالثة، ففي حال تمددها وتوسع أطرافها فمن المؤكد أن يكون لها تداعيات على خطوط الإمداد وبالتالي ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى توترات البحر الأحمر التي أفقدت مصر نحو ٦٠ ٪ من إيراداتها المعتادة.

 

محمد عبد العال الخبير المصرفى
محمد عبد العال الخبير المصرفى

 

وأشار إلى أنه وفقا للأعراف الدولية، عندما تواجه دولة ظروفًا خارجية غير متوقعة مثل الحروب أو التوترات الجيوسياسية الخارجة عن إرادتها، فيمكن لها التقدم إلى صندوق النقد الدولي لطلب مراجعة لبعض شروط البرنامج بالتخفيف أو التأجيل وليس الإلغاء.

وفي هذه الحالات، تعتبر مثل تلك الطلبات جزءًا من علاقة التعاون المستمرة بين الدولة وصندوق النقد الدولي، حيث تسعى كل من الحكومة والصندوق إلى تحقيق توازن بين تنفيذ الإصلاحات الضرورية والحفاظ على الاستقرار والسلام الاجتماعي، ومن الممكن أن يوافق صندوق النقد الدولي على مراجعة شروط البرنامج وتأجيل بعض بنوده بناءً على طلب الدولة المعنية.

وذكر، أن الصندوق يتفهم الأوضاع الاقتصادية والسياسية ويمكن أن تتغير بشكل يؤثر على قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها، وبالتالي قد يكون مرنًا في إعادة التفاوض بشأن الشروط، بالنسبة لمصر فقد سبق إبان تنفيذ البرنامج أن واجهتها تحديات عديدة مثل التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما دفع الحكومة إلى طلب تعديلات في بعض بنود البرنامج، وتم التوصل إلى اتفاق مع الصندوق لتخفيف بعض الشروط أو تأجيل تنفيذ أهداف معينة لضمان استقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وأشار عبد العال، إلى أن الأمر ليس بالسهولة التي قد نتصورها فالأمر يحتاج وقتا وجهدا، ومفاوضات قد تطول دون سقف زمني ولكن يتعين على مصر أن تجهز ملفا كاملا مفصلا، يوضح ملابسات وأسباب تقديم الطلب ويتضمن عرض للأوضاع الاقتصادية والنقدية الطارئة من كل النواحي وانعكاساتها على الأوضاع الاجتماعية للمواطنين، وتقديم تصور عن المخاطر الاقتصادية والاجتماعية المحتملة تبرر تقديم الطلب.

ولفت إلى أنه يتعين تقديم خطط وسيناريوهات ومقترحات بديلة لما هو مطلوب تعديله، ومن ناحية أخرى من المتصور أن تسعى مصر للحصول على تأييد ودعم الدول الصديقة والداعمة، وفي حالة نجاح ذلك فتكون خففت على كاهل مواطنيها بعض من قسوة تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي، وتضمن في ذات الوقت تعاون الصندوق ومؤسسات التمويل الدولية الأخرى ودول الدعم في الالتزام بسداد المخصصات المحددة من قبلهم لمصر، دون توقف أو تأخير.

 

 

عز الدين حسانين: من حق الدولة طلب تأجيل تنفيذ بعد الشروط وليس إلغاءها

 

بدوره الدكتور قال الدكتور عز الدين حسانين، الخبير المصرفي، إن طلب مصر تأجيل تنفيذ بعض الشروط ضمن برنامج صندوق النقد، أمر وارد وممكن الحدوث، مؤكدًا أنه تم قبل ذلك في كثير من برامج الدول مع الصندوق.

وتابع حسانين، العديد من الدول قبل ذلك عند حدوث تداعيات غير متحكم فيها وليس للدولة دخل فيها ولا تقصير أو رغبة في التأجيل وإنما لأحداث خارجة عن الإرادة مثل التي تمر بها المنطقة الفترة الحالية.

ولفت حسانين، إلى أنه الأحداث الإقليمية الحالية ألقت بظلالها على حركة الملاحة في قناة السويس والسياحة داخليًا والتجارة خارجيًا، حيث تشهد المنطقة الشرقية أحداثا ملتهبة في غزة وتوسعة الصراع إلى لبنان واحتمال توسعته إلى إيران.

 

عز الدين حسانين الخبير المصرفي
عز الدين حسانين الخبير المصرفي

 

وتابع، كل ما سبق ذكره من أحداث نجم عنها ارتفاع أسعار النفط ومن المحتمل أن يكون هناك زيادة في ارتفاع تكاليف الشحن والمخاطر المرتبطة بها إلى جانب ارتفاع تكلفة الغذاء العالمي وهو ما يؤثر على الوضع داخليا في مصر.

وذكر، أن الاشتراطات بين مصر والصندوق خاصة فيما يتعلق بترشيد الدعم ورفعه عن الموازنة العامة للدولة، وسيؤثر على المجتمع المواطن والمجتمع وتأثيره سيكون كبيراً خاصة في ظل تخفيضات سعر الصرف مارس الماضي من مستوى 31 إلى مستوى 48 جنيها للدولار الواحد.

وتابع، استيراد السلع الأساسية التموينية والوقود والسولار والبنزين سيتأثر بانخفاض سعر الصرف، وكل ما سبق ذكره يدفع الدولة الدولة لاتخاذ إجراءات خارجة عن الإرادة، وفي المقابل الاتفاق مع الصندوق برفع الدعم كان سعر الصرف حينها 31 جنيهًا وقبلها 24 جنيهًا، وكان حين ذاك تكلفة السولار ما بين 15 إلى 18 جنيهًا، بينما تكلفته الآن تفوق 20 جنيهًا، بسبب انخفاض سعر الصرف.

ونوه بأن اتفاق مصر مع الصندوق كان قبل تلك الأحداث، ومن حق الدولة في ظل الأحداث الجارية والخارجة عن إرادتها، أن تطلب تأجيل تنفيذ بعد الشروط وليس إلغائها وأن يتم تأجيلها لفترة زمنية أطول حتى تتحسن الأحوال، وحدث ذلك مع دول كثير من قبل، ولكن في الظروف العادية ليس من حق الدول أن تطلب التخلي عن البرنامج.

وأشار إلى أنه في حالة الموافقة على التأجيل سيكون هناك اتفاق جديد لا يؤثر على صرف الشرائح ولكن يوقف تنفيذ بعد الشروط المتفق عليها مثل رفع الدعم عن الوقود والطاقة لفترة معينة، خاصة أنه من ضمن الاتفاقات مراعاة فئات المجتمع.

وأوضح أن الصندوق من الممكن أن يوافق على تأجيل تنفيذ بعض الاتفاقات والشروط المتعلقة بالمواطن لمدة معينة لا تتجاوز مدة انتهاء الاتفاق 2026، ولكن صرف الشرائح يتم كما هو طالما الصندوق وافق على الاتفاق.

وتطرق فى حديثه إلى أهمية التفاوض من قبل الحكومة لمحاولة تخفيض سعر العائد خاصة فى ظل تخفيض الفائدة الأمريكية، ومد آجل سداد بعض الأقساط، أو استبدال تلك الديون بآجال أطول، مؤكدًا أن تحسن التنصييف الائتماني لمصر يساعدها على ذلك.

يشار إلى أنه هناك تجارب تاريخية دولية، توثق سابقةً التفاهم مع الصندوق على شروط أكثر ملاءمة خلال فترات تنفيذها لبرامج الإصلاح الاقتصادي ، فتمكنت الأرجنتين من التفاوض مع صندوق النقد الدولي، خاصة في ضوء الأزمات الاقتصادية التي مرت بها، وتم تعديل بعض الشروط لتحسين الحماية الاجتماعية وإعطاء الحكومة مزيدًا من المرونة في التعامل مع القضايا الاقتصادية المحلية، كما استجابت أوروبا وصندوق النقد الدولي لتغير الظروف في اليونان عن طريق تخفيف بعض المتطلبات، مثل تمديد المواعيد النهائية لتنفيذ الإصلاحات وتقليل الأهداف المالية التي كان يتعين على اليونان تحقيقها، وفى حالة مماثلة سابقة استطاعت باكستان إقناع صندوق النقد بتخفيف متطلبات معينة لتمكين الحكومة من تنفيذ سياسات تهدف إلى دعم الفئات الأكثر ضعفًا.

وكان من المقرر أن يبدأ صندوق النقد الدولي المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر نوفمبر المقبل، ويسمح استكمال هذه المراجعة بصرف شريحة بقيمة 1.3 مليار دولار من قرض الصندوق، والتي تمثّل الأكبر بين مختلف الشرائح.
في مايو الماضي، أقرّ مجلس صندوق النقد الدولي صرف الشريحة الثالثة من برنامج دعم مصر بقيمة 820 مليون دولار، واعتمد مجلس الصندوق في نهاية مارس الماضي، المراجعتين الأولى والثانية في إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر، ووافق على زيادة قيمة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار، ليصل إلى 8 مليارات دولار.

ويبلغ حجم ديون مصر القائمة من صندوق النقد الدولي نحو 13.2 مليار دولار وفق بيانات الصندوق حتى 18 أكتوبر الجاري، ما يجعلها ثاني أكثر دولة مدينة للصندوق.

صندوق النقد الدولي في أحدث تقرير له حول آفاق الاقتصاد العالمي أشار إلى تحسن متوقع في الحساب الجاري بمصر خلال العام المقبل، متوقعًا تراجعًا ملحوظًا في عجز الحساب الجاري، من 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري إلى 6.4% في 2025، ثم إلى 4.1% بحلول عام 2029.

وخلال الأيام القليلة الماضية، أعلن صندوق النقد الدولي عن حزمة إصلاحات جديدة تستفيد منها مصر بشكل مباشر، حيث ستساعد هذه الإصلاحات في تخفيض تكلفة الاقتراض من الصندوق وسط التحديات الاقتصادية العالمية، وتنخفض تكلفة الاقتراض لمصر بنحو 108.5 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (ما يعادل نحو 144 مليون دولار)، وهو ما يمثل تخفيضًا بنسبة 48.4% في الرسوم الإضافية.

وتتضمن هذه الإصلاحات خفض الهامش على تكاليف الاقتراض والرسوم الإضافية، مما سيؤدي إلى تقليل تكاليف الاقتراض بحوالي 1.2 مليار دولار سنويًا على الدول الأعضاء، وقد وافق الصندوق على هذه الإصلاحات في أكتوبر الجاري، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في أول نوفمبر المقبل.

واستجابة لما وجه به الرئيس السيسي، أكد الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الوزراء في حديث له أن مصر تنظر مع الصندوق كيفية استهداف التوقيتات والمستهدفات الخاصة بها، مشددًا على أن آليات المراجعة الصندوق هدفها بحث المستجدات، وما نراه اليوم بما يتوافق مع المصلحة المصرية وهدف النمو الاقتنصادي، وتقليل الآثار الاجتماعية على المواطن المصري.

وأشار مدبولي، إلى أن المجموعة الوزارية الاقتصادية في واشنطن حالياً؛ لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي بحضور محافظ البنك المركزي، وعقب ذلك سيكون هناك المراجعة الرابعة لبعثة صندوق النقد للبرنامج مع مصر، لافتاً إلى أن آليات المراجعة هي هدفنا، فمع الوقت نرى المستجدات، ونتناقش مع البعثة فيما يتوافق مع المصلحة المصرية، وخاصة فيما يخص هدف النمو الاقتصادي، بجانب تقليل الآثار الاجتماعية على المواطن المصري في هذا الشأن.

وكانت قررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، زيادة الأسعار ليصبح سعر “بنزين 95” الجديد 17 جنيها لكل لتر، “بنزين 92” نحو 15.25 جنيه لكل لتر، “بنزين 80” إلى 13.75 جنيه لكل لتر، رفع سعر السولار إلى 13.50 جنيه لكل لتر، كما رفعت سعر غاز تموين السيارات ليصبح 7 جنيهات لكل متر مكعب.

 

يقدم فريق بوابة عالم المال، تغطية حصرية ولحظية على مدار الساعة ، لآخر مستجدات البورصة والشركات المدرجة، البنوك وأسعار الدولاروالتأمين، العقاري، والصناعة والتجارة والتموين، الزراعة، الاتصالات، السياحة والطيران، الطاقة والبترول، نقل ولوجيستيات، سيارات، كما نحلل الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات والشركات والجهات من خلال الإنفو جراف والرسوم البيانية، الفيديو، فضلا عن تقديم عدد من البرامج المتخصة لتحليل كل ما يتعلق بالاقتصاد المصري من خلال تليفزيون عالم المال.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار