
رحيل البابا فرنسيس.. أول قائد للكنيسة الكاثوليكية
جاء رحيل البابا فرنسيس ليقي بظلال قاتمة حزينة على أتباع الكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان.
ويتمتع البابا فرنسيس، الملقب بخادم خدام الله، بمكانة رفيعة لدى مسيحيي العالم، سواء التابعين لكنسية الفاتيكان، أو غيرها من كنائس الأقباط على اختلاف طوائفها.
كما حظي بمكانة طيبة لدى قيادات الأديان الأخرى حول العالم، ولا سيما الدين الإسلامي، لما كان يتمتع به من حب للسلام ودعواته المتكررة للمودة بين الشعوب.

رحيل البابا فرنسيس
وتفي البابا فرنسيس، صباح اليوم الاثنين، 21 أبريل 2025، عن عمر يناهز 88 عامًا، داخل مقر إقامته بدار القديسة مارتا في الفاتيكان.
وأعلن الخبر الحزين الكاردينال كيفن فاريل، رئيس غرفة الكرادلة، عبر بيان رسمي، مشيرًا إلى أن البابا توفي في الساعة 7:35 صباحًا بالتوقيت المحلي
وكان البابا فرنسيس قد عانى مؤخرًا من التهاب رئوي مزدوج، وفشل كلوي، مما استدعى دخوله المستشفى لمدة 38 يومًا، قبل أن يخرج منه في مارس الماضي.
ورغم حالته الصحية المتدهورة، ألقى البابا فرنسيس آخر بركة عيد الفصح يوم الأحد 20 أبريل، حيث ظهر على شرفة كاتدرائية القديس بطرس أمام الحشود.
ولقي نبأ وفاة البابا فرنسيس ردود فعل واسعة من قادة العالم، حيث عبّر العديد منهم عن حزنهم لفقدان “بابا الشعب”، الذي عُرف بتواضعه ودعمه للفقراء والمهمشين
وأعلن الفاتيكان بدء فترة حداد تستمر 9 أيام، تُقام خلالها مراسم الجنازة في كاتدرائية القديس بطرس، على أن يُنقل جثمان البابا الراحل إلى هناك يوم الأربعاء المقبل.
وبدأت التحضيرات لعقد المجمع المغلق (كونكلاف) لانتخاب البابا الجديد، ومن المتوقع أن يُعقد بين 6 و11 مايو المقبل، وفقًا للقوانين الكنسية
انتخاب تاريخي يغير وجه الكنيسة
وفي الثالث عشر من مارس عام 2013، شهد العالم حدثا تاريخيا حين انتخب الكاردينال الأرجنتيني خورخي ماريو بيرغوليو، ليصبح البابا رقم 266 للكنيسة الكاثوليكية، متخذا اسم “فرنسيس”، ليكون بذلك أول بابا من أمريكا الجنوبية، وأول من يحمل اسم القديس فرنسيس الأسيزي، المعروف بدعوته للفقر والبساطة وخدمة الفقراء.
نشأة متواضعة وبدايات علمية
ولد البابا فرنسيس في بوينس آيرس بالأرجنتين في 17 ديسمبر 1936، لأسرة متواضعة تنتمي إلى الطبقة العاملة، حيث كان والده موظفا في السكك الحديدية ووالدته ربة منزل. تلقى تعليمه في المدارس الحكومية، ودرس الكيمياء لفترة قبل أن يقرر الانخراط في الحياة الدينية، منضما إلى الرهبنة اليسوعية في عام 1958.
كاهن بسيط ومسؤول كنسي قريب من الناس
رسم كاهنا عام 1969، وتدرج في المناصب داخل الكنيسة حتى أصبح رئيس أساقفة بوينس آيرس في عام 1998. تميز خلال خدمته بتواضعه الكبير؛ فقد كان يرفض المظاهر الفاخرة ويعيش في شقة بسيطة ويستخدم وسائل النقل العامة. هذا السلوك ظل ملازما له حتى بعد توليه المنصب البابوي.

إصلاح الكنيسة وتبني قضايا العصر
منذ لحظة انتخابه، أطلق البابا فرنسيس نهجا إصلاحيا داخل الفاتيكان، شمل الجوانب الإدارية والمالية والأخلاقية. كما أولى اهتماما كبيرا بالقضايا الإنسانية المعاصرة، مثل الهجرة، والعدالة الاجتماعية، والفقر، وحماية البيئة. وقد أصدر في عام 2015 رسالته البابوية الشهيرة “كن مسبحا”، داعيا فيها إلى حماية كوكب الأرض ومواجهة التغير المناخي.
مواقف إنسانية معتدلة تثير الإعجاب والجدل
عرف البابا فرنسيس بمواقفه المعتدلة والمنفتحة تجاه عدد من القضايا الشائكة داخل الكنيسة، مثل موقفه الداعي إلى الرحمة في التعامل مع المثليين، والمطلقين، والمهمشين، وموقفه المتعاطف مع المهاجرين والفقراء. وقد أثارت تلك التوجهات جدلا داخل بعض الأوساط الكنسية، لكنها أكسبته احتراما واسعا بين الشعوب، حتى من غير أتباع الكنيسة.
تعزيز الحوار بين الأديان وزيارات غير مسبوقة
أولى البابا فرنسيس اهتماما كبيرا بالحوار بين الأديان، ولا سيما مع العالم الإسلامي. فقد قام بعدة زيارات تاريخية إلى بلدان عربية، أبرزها مصر والإمارات والمغرب والعراق. وشهد عام 2019 توقيع وثيقة “الأخوة الإنسانية” في أبو ظبي إلى جانب شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في مشهد فريد يؤكد السعي نحو السلام والتعايش بين الديانات.
بابا التواضع والإنسانية في زمن الأزمات
رغم بلوغه الثامنة والثمانين من عمره، لا يزال البابا فرنسيس يمارس دوره بنشاط ملحوظ، متمسكا بالحياة البسيطة، إذ يفضل الإقامة في دار الضيافة بالفاتيكان بدلا من السكن الرسمي للباباوات. يستخدم وسائل الإعلام ووسائل التواصل الحديثة للتواصل مع أتباعه، موجها رسائل تدعو إلى الرحمة، والتسامح، والسلام في عالم مضطرب.
أثر عالمي يتجاوز الدين
لم يقتصر تأثير البابا فرنسيس على العالم الكاثوليكي فقط، بل تجاوز الحدود الدينية ليصبح رمزا عالميا للسلام والعدالة والتواضع. وقد نال تكريمات عالمية عدة، واحتل مراتب متقدمة ضمن أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم، بفضل رسالته التي تجمع بين الإيمان والإنسانية.