
الطماطم المصرية.. من وفرة الزراعة إلى ريادة التصنيع والتصدير
تُعد الطماطم من المحاصيل الأساسية في سلة الغذاء المصري، لما تتمتع به من استخدامات متعددة على مائدة المستهلك، وأهمية كبرى في الصناعات الغذائية، إضافة إلى أنها من المحاصيل التصديرية الواعدة، ويبلغ حجم إنتاج مصر من الطماطم سنويًا ما يتراوح بين 7 و8 ملايين طن، لتحتل بها موقعًا متقدمًا عالميًا في الإنتاج، حيث تأتي ضمن أكبر 5 دول منتجة للطماطم في العالم، وفقًا لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
لكن على الرغم من وفرة الإنتاج، تواجه زراعة الطماطم في مصر العديد من التحديات التي تؤثر على الجودة، والقدرة التنافسية، وتقليل الفاقد بعد الحصاد، وهو ما يجعل من الالتزام بالتوصيات الفنية ومراعاة الأساليب الحديثة في الزراعة والتسويق والتصنيع، ضرورة لا رفاهية.
أهمية الطماطم في المنظومة الزراعية والغذائية
تأتي الطماطم في صدارة الخضروات الأكثر استهلاكًا في السوق المحلي، وتمثل عنصرًا غذائيًا رئيسيًا في معظم الأطباق اليومية، كما تُعد خامة أساسية في صناعة صلصة الطماطم، ومعجون الطماطم المجففة، ومنتجات المعلبات، ما يجعلها ذات قيمة مضافة عالية.
وعلى الصعيد التصديري، تمثل الطماطم المصرية خاصة الطماطم المجففة فرصة واعدة للنفاذ إلى أسواق أوروبا والخليج وروسيا، بشرط توافر مواصفات الجودة والتتبع والتعبئة الجيدة.
وقد بلغ حجم صادرات مصر من الطماطم بنهاية عام 2024 أكثر من 140 ألف طن، تشمل الطماطم الطازجة والمجففة والمصنعة، وفقًا لبيانات المجلس التصديري للحاصلات الزراعية.
أبرز الأسواق المستوردة للطماطم المصرية
تشمل أهم الدول المستوردة للطماطم المصرية كلًا من: روسيا، السعودية، الإمارات، ليبيا، رومانيا، أوكرانيا، وهولندا، إلى جانب زيادة الإقبال مؤخرًا من أسواق شرق أوروبا وبعض الدول الأفريقية.
وتتميز الطماطم المصرية المجففة بجودة عالية، ما جعلها مطلوبة في دول الاتحاد الأوروبي، خاصة تلك القادمة من محافظتي الأقصر وسوهاج، اللتين طورتا صناعة التجفيف لأغراض التصدير.
توصيات لنجاح زراعة الطماطم وتحقيق عائد مجزٍ
تقدم وزارة الزراعة، ممثلة في معهد بحوث البساتين، عدة توصيات لزراعة الطماطم بنجاح، خاصة خلال العروات الحالية (الصيفية والنيلية)، وتشمل أهمها:
اختيار التقاوي المناسبة: ينصح باستخدام أصناف مقاومة للأمراض الفيروسية والبكتيرية، خاصة في المناطق التي تنتشر فيها هذه الأمراض، مع التأكد من أن التقاوي معتمدة من جهة رسمية.
تحضير الأرض جيدًا: يجب الاهتمام بتهيئة التربة قبل الزراعة، بتسويتها جيدًا وتطهيرها من بقايا المحاصيل السابقة، واستخدام الكمبوست أو السماد البلدي المعالج حراريًا.
برنامج التسميد المتوازن: تعتمد الطماطم على تغذية دقيقة لضمان عقد الثمار وجودتها، ولذلك ينصح باستخدام التسميد العضوي والفوسفوري قبل الزراعة، وتطبيق جرعات مناسبة من البوتاسيوم والكالسيوم بعد التزهير.
الري المنتظم والمحسوب: تُعد الطماطم حساسة للتذبذب في مواعيد وكميات الري، لذا يجب اتباع نظام ري يعتمد على احتياج النبات ومرحلة النمو، مع تقليل الري وقت العقد والإثمار.
المكافحة الحيوية والمتكاملة: يوصى باستخدام وسائل مكافحة متكاملة تشمل النحل الطنان في البيوت المحمية، والمبيدات الحيوية الآمنة، والابتعاد قدر الإمكان عن المبيدات التقليدية التي تؤثر على جودة الثمار وتسبب بقايا ضارة.
تغطية الزرع وحمايته: في العروة الصيفية تحديدًا، يفضل استخدام الشاش الأبيض لتغطية النباتات في المراحل الأولى لحمايتها من الإجهاد الحراري ومسببات الذبول.
فرص تصديرية واعدة إذا تم ضبط الجودة
رغم ضخامة الإنتاج، لا تتناسب كميات صادرات مصر من الطماطم الطازجة أو المصنعة مع إمكانياتها، ويرجع ذلك في كثير من الأحيان إلى نقص الجودة المطلوبة عالميًا، سواء في حجم الثمار، أو بقايا المبيدات، أو نظم التبريد والحفظ.
وتؤكد وزارة الزراعة أن مشروعات التوسع في الزراعة التعاقدية، وإصدار كود تتبع للمزارع، وتطبيق الممارسات الزراعية الجيدة (GAP) تُعد من أهم مفاتيح الدخول للأسواق الخارجية، خاصة بعد فتح أسواق جديدة في أوروبا الشرقية وبعض دول أفريقيا.
صناعات غذائية قائمة على الطماطم
يمثل تصنيع الطماطم فرصة مهمة لتعظيم القيمة المضافة بدلًا من بيعها بسعر منخفض وقت الوفرة. ويشمل ذلك:
صناعة صلصة الطماطم والمعلبات.
الطماطم المجففة للتصدير (خاصة لمحافظة الأقصر وسوهاج والجيزة).
معجون الطماطم المركز للتصدير.
تعبئة وتغليف الطماطم طازجة لمحلات السوبر ماركت أو للتصدير المباشر.
وقد بدأت بعض الشركات والمزارع التعاونية في تطوير هذه الصناعات داخل مناطق الإنتاج، بما يقلل الفاقد ويحقق ربحًا أعلى للمزارعين.
تظل زراعة الطماطم واحدة من أعمدة الاقتصاد الزراعي المصري، بشرط إدارتها بعقلية إنتاجية تصنيعية وليست تقليدية فقط. ومع دعم الدولة للزراعة التعاقدية، وتوسعها في مناطق الزراعة الجديدة مثل الدلتا الجديدة وتوشكى، فإن مستقبل الطماطم المصرية واعد محليًا وتصديريًا، فقط إذا التزمنا بالجودة وقللنا الفاقد وركزنا على التصنيع.