
بعد حظر حلج الأصناف المخالفة.. هل يستعيد الذهب الأبيض بريقه؟
أكد الدكتور مصطفى عمارة، وكيل معهد بحوث القطن للإرشاد والتدريب والمتحدث الإعلامي للمعهد، أن القرار الوزاري الجديد رقم 426 لسنة 2025 يمثل خطوة حاسمة في حماية نقاء القطن المصري وضمان جودته العالمية، من خلال وضع ضوابط صارمة لعمليات الحلج والتخزين.
وأوضح عمارة أن القرار يقضي بحظر أي محلج من حلج أصناف القطن غير المرخص بها، مع منع تخزين أو تداول أي أصناف أو نواتج مخالفة للصنف المصرح بحلجه، مشددًا على أن هذه المخالفات ستخضع لعقوبات نص عليها قانون الزراعة، قد تصل إلى الحبس والغرامة، إضافة إلى وقف تشغيل المحلج إداريًا، وقال إن الهدف ليس التضييق على أصحاب المحالج، وإنما تنظيم دورة الإنتاج بما يحافظ على نقاء الأصناف المصرية ويمنع أي محاولات لإدخال بذور أو أقطان أجنبية مثل “الأبلاند” إلى منظومة الحليج.
منظومة تبدأ من الخريطة الصنفية
وأشار وكيل معهد بحوث القطن إلى أن القرار يأتي في إطار منظومة متكاملة تبدأ من الخريطة الصنفية وتحديد مناطق الإكثار، وصولًا إلى تخصيص محلج لكل صنف، بحيث لا يُسمح بحلج أكثر من صنف داخل المحلج الواحد، وضرب مثالًا بصنف “سوبر جيزة 97” المزروع في محافظة المنوفية، موضحًا أنه لا يُحلج إلا في المحلج المخصص له، دون خلط بمحاصيل أخرى من محافظات مختلفة.
وبيّن أن الهدف من ذلك حماية البذور من أي خلط وراثي قد يؤثر على نقاوتها عند إعادة زراعتها في الموسم التالي، بما يضمن إنتاج محصول متجانس عالي الجودة يعزز من تنافسية القطن المصري عالميًا.
الحفاظ على السمعة العالمية
وأضاف عمارة أن أي خلط وراثي أو تلوث في الأصناف قد يسبب مشكلات خطيرة في الصناعة نتيجة تفاوت الخامات، كما قد يهدد سمعة القطن المصري في الأسواق العالمية التي طالما اعتادت على مواصفاته الفريدة، وقال: “الحفاظ على نقاء الأصناف ليس خيارًا، بل هو ضرورة لحماية تاريخ طويل من الجودة والتميز”، مشيرًا إلى أن القرار يعكس حرص الدولة على دعم هذا الملف الاستراتيجي.
المزارع شريك أساسي
وشدد المتحدث الإعلامي لمعهد بحوث القطن على أن نجاح أي منظومة تطوير لا يمكن أن يتحقق من دون وضع المزارع في قلبها، قائلًا: “المزارع هو وزير اقتصاد يدير أرضه، وإذا لم يشعر بالأمان قبل بداية موسم الزراعة، فلن يقدم على زراعة القطن مهما كانت القرارات”.
وأوضح أن المزارع يحتاج إلى إعلان أسعار ضمان واضحة ومربحة بوقت كافٍ، حتى يتخذ قراره بالزراعة وهو مطمئن إلى أن مجهوده سيعود عليه بربح مناسب.
ضمانات التسويق وحماية الأسعار
وكشف عمارة أن أحد الحلول التي طُرحت هو إنشاء صندوق لموازنة الأسعار، بحيث يعوض المزارع عند انخفاض الأسعار، بينما يتيح له الاستفادة عند ارتفاعها، وأكد أن الدولة بالفعل بدأت في هذا الاتجاه منذ ثمانية أعوام عبر منظومة التداول والتسويق، التي أثبتت فاعليتها في حماية المزارعين من تقلبات السوق واستغلال بعض التجار.
وأضاف أن الدولة التزمت الموسم الماضي بدفع أسعار ضمان تزيد بنحو 2000 جنيه عن الأسعار العالمية، رغم الظروف الاقتصادية والتوترات الإقليمية، مؤكدًا أنه سيتم تلافي تأخر صرف بعض المستحقات هذا العام بإدراجها في الموازنة.
مستقبل واعد للقطن المصري
واختتم عمارة تصريحاته بالتأكيد على أن استمرار هذه الإجراءات سيؤدي إلى زيادة المساحات المزروعة بالقطن أضعافًا مضاعفة، لأن المزارع سيكون مطمئنًا لجدوى المحصول وربحيته، وحذر في الوقت ذاته من أن غياب الضمانات العادلة سيؤدي إلى نتائج عكسية بانخفاض المساحات وتراجع الإنتاج، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا لتاريخ وسمعة القطن المصري عالميًا.