الدكتور عادل اليماني يكتُب: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ

alx adv

يُدَبِّرُ الْأَمْرَ .

مَنْ هَذَا الذي يُدَبِّرُ ؟ أنتَ ، أنا ؟ لا أنا ، ولا أنتَ ، ولا الناسُ جَميعاً ، إنَّما هو اللهُ جَلتْ قُدرتُه ، الذي أمرُهُ بَينَ الكافِ والنون ، وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .

يُدَبِّرُ : أي علي الدوامِ . الْأَمْرَ : أيُّ أمرٍ ، وكُلُ أمرٍ ، في كُلِ مكانٍ وزمانٍ ، صَعباً كانَ أو حتي مستحيلاً .

متى استقرَ في قلبِك معنى ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) استقرَتْ معه فكرةُ ( لُطفِ اللهِ ) فلنْ تَحزنَ على فواتِ الفُرصِ ، وضَياعِ الأُمنياتِ ،وهَوانِ الصُحبةِ ، و تَغيُّرِ الوِدَادِ ، لنْ تَحزنَ على شئ ٍ علي الإطلاقِ ، فهي حِكمَةُ اللهِ الخَفيةُ ، يعلمُها ولا تعلمُها ، ولديكَ أَيُّهَا المؤمِنُ ، من اليقينِ ، ما يكفيكَ لتُواجهَ هَذِهِ المَصَاعبَ ، وتتخطّاها ، لأنَّكَ تعلمُ تماماً ، أنَّ اللهَ يُدَبِّرُ أَمْرَكَ كُلَه ، في أحسنِ صورةٍ ، وألطفِ تقديرٍ .

 

غُلَامُ سُورةِ الكهفِ الأشهرُ ، قُتِلَ صَبياً ! عاشَ أبواه وماتا ، حزينين مَكلومين علي فقدِه ، دونَ أن يعلما ، لماذا ؟ . مَرارةٌ ما بعدَها مرارةٌ ، والأمرُ في ظَاهرِه ، قسوةٌ وتوحشٌ ، وظُلمٌ تخطي الحواجزَ ، للغُلامِ ، ولأُمهِ وأبيه ، فما الحكمةُ ؟ : هُنا يَرفعُ اللهُ بَعضاً من الحُجُبِ :

وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْراً .

الغُلامُ الَّذِي قَتَلَهُ الخَضِرُ ، طُبِعَ يَوْم طُبِعَ كافِراً ، وكانَ سَيُوقِعُ أبويه فى الطُغيانِ والكفرِ ، لشدةِ محبتِهما له ، وحرصِهما على إرضائِه .

 

فكانَ موتُه خَيراً للجميعِ ، هو لم يصل للكُفرِ ، وهما عاشا وماتا مؤمنين ، إذنْ ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) .

وكذلكَ ، السفينةُ تُخْرَقُ ، لتنجوَ من الملكِ الظالمِ ، والجدارُ يُقامُ ، لحمايةِ ثروةِ اليتيمين ، ابني الرجلِ الصالحِ ، من القومِ اللئامِ ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) ..

القومُ علي بابِ بيتِه ( ص ) أيقاظٌ نائمون ، شَٰاخِصَةٌ أَبْصَٰرُهم ! لتكونَ النجاةُ الأولي : فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) ..

إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِىَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا .

 

والقومُ أنفُسُهم ، علي بابِ الغَارِ ، لو طاطأَ أحدُهم برأسِه ، لأدركَ الرسولَ ( ص ) وصاحبَه ، لكنَّ أعيُنَهُم ، تنظرُ ، ولا تُبصرُ ؛ لتكونَ النجاةُ الثانيةُ ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) ..

أبو الأنبياءُ إبراهيمُ ، تكونُ أجملُ أيامِ عُمرِه ، تلكَ التي عاشها في النارِ ! ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) .

هو نفسُه الذي كانَ عُمُرُه ستاً وثمانين سنةً ، حينَ بُشِرَ بمولدِ إسماعيلَ ، وكانَ عُمُرُه تسعاً وتسعين سنةً ، حينَ بُشِرَ بمولدِ إسحاق ! ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) ..

 

اللهُ تعالي ، يُحْوِجُ القافلةَ في الصحراءِ للماءِ ،لتنتشلَ يُوسفَ مِنَ الجُبِ ! ثم يُحْوِجُ عزيزَ مصرَ للأولادِ ، ليدخُلَ قصرَه مُكَرَماً ! ثم يُحْوِجُ الملكَ لتفسيرِ الرؤيا ، ليُنجوَ من السجنِ ، ثم يُحْوِجُ مصرَ كُلَها للطعامِ ، ليُصبحَ عزيزَ مصرَ ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) ..

وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ..

الأمُ حينَ تَخافُ علي رضيعِها ، تُلقيه في البحرِ ! نعم ، فالبحرُ هَذَا سينقلُه مباشرةً إلي فرعونَ ، لتكونَ إرادةُ اللهِ الكُبري .

والبحرُ نفسُه ، الذي نجي الرضيعَ ، سيُغْرِقُ فرعونَ المُتجبرَ ومسانديه ! ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) ..

في عام 1993 كانَ منتخبُ زامبيا الإفريقي ، منتخباً قوياً ، و في صفوفِه لاعبٌ محترفٌ ، ذائعُ الصِيتِ ، اسمُه كالوشا بواليا.
اختلفَ كالوشا مع مُدربِ الفريقِ ، الذي استبعدَه من مباراةٍ مهمةٍ للمنتخبِ ، خارجَ البلادِ ، و عجزَ الجميعُ عن إقناعِ المدربِ بإشراكِه . قالَ كالوشا : لقد بَكيتُ بحُرقةٍ ، واعتصرَ قلبي حُزناً ، ثُم طلبوا منيَّ السفرَ للحاقِ بالفريقِ ، فعزتْ عليَّ نفسي ، فرفضتُ . الطائرةُ التي سافرَ بها المنتخبُ تحطمتْ ، و ماتَ كلُ مَنْ فيها ، 30 راكباً ، فيهم 18 لاعباً ، بالإضافةِ لمدربِ المنتخبِ ، والجهازِ الفني ، إلا كالوشا بطبيعةِ الحالِ ، الذي كانَ يري بالأمسِ القريبِ ، أنَّ الدُنيا أغلقتْ أبوابَها في وجهِهِ ، وضاقتْ عليه بما رَحُبتْ ، عاشَ و نجا ! ليُصبحَ كالوشا لاحقاً ، مدرباً لمنتخبِ الشبابِ ، و هو الأنَ ، وبعدَ ثلاثينَ عاماً ، وزيرٌ للشبابِ و الرياضةِ في بلادِه ! ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) ..

 

يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ، أي يُحْكِمُ شُئونَ الدُنيا ، السماويةَ والأرضيةَ ، إلى أنْ تقومَ الساعةُ ، وهي على تلكَ الصورةِ البديعةِ المتقنةِ الرائعةِ .

اللهم يا مُدبرَ الأمرِ ، في السماواتِ والأرضِ ، دبرْ لنا أمورَنا ، فإنَّنا لا نُحْسِنُ التدبيرَ ..

 

يقدم فريق بوابة عالم المال، تغطية حصرية ولحظية على مدار الساعة ، لآخر مستجدات البورصة والشركات المدرجة، البنوك وأسعار الدولاروالتأمين، العقاري، والصناعة والتجارة والتموين، الزراعة، الاتصالات، السياحة والطيران، الطاقة والبترول، نقل ولوجيستيات، سيارات، كما نحلل الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات والشركات والجهات من خلال الإنفو جراف والرسوم البيانية، الفيديو، فضلا عن تقديم عدد من البرامج المتخصة لتحليل كل ما يتعلق بالاقتصاد المصري من خلال تليفزيون عالم المال.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار