قال الدكتور محمد يوسف، أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية بكلية الزراعة جامعة الزقازيق، مستشار الزراعة العضوية بالوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، إن القيادة السياسية تسعى بكل جهد وتسابق الزمن في تذليل كافة العقبات والتحديات التى تواجه الاستثمار الزراعي مع تقديم الدعم المستمر لجميع المستثمرين في هذا القطاع الحيوي، بالإضافة إلى توفير العديد من الفرص الاستثمارية الزراعية المتاحة على المحورين الأفقي والرأسي.
وأضاف يوسف أن المحور الأفقي للاستثمار الزراعي هو استصلاح الأراضي الصحراوية الجديدة خاصة مشروعات استصلاح الأراضي والتي تشمل المشروعات القومية مثل مشروع الدلتا الجديدة على مساحة 2.2 مليون فدان، ومشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي والذى يقع ضمن نطاق مشروع الدلتا الجديدة على مساحة مليون وخمسين ألف فدان، ومشروع المليون ونصف المليون فدان، ومشروع توشكى الخير على مساحة مليون و100 ألف فدان، ومشروعات استصلاح وزراعة الأراضى بشمال ووسط سيناء على حوالى 456 ألف فدان ومشروعات جنوب الوادى، وغيرها من المناطق التي تسعى الدولة لاستصلاحها بهدف زيادة حجم الرقعة الزراعية في مصر أملا في الوصول إلى 12 مليون فدان، مع توفير جميع مستلزمات الإنتاج الزراعي للمستثمرين المصريين والأجانب بهدف زيادة الإنتاج الزراعي وزيادة حجم الصادرات الزراعية المصرية للخارج، وتوفير ملايين فرص العمل للشباب بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وتحقيق الأمن الغذائى للمواطنين، ليس هذا فحسب بل أيضا اهتمام القيادة السياسية بمحور التوسع الراسي خاصة مشروع الصوب الزراعية العملاق واستنباط أصناف مقاومة للآفات الحشرية والحيوانية والأمراض النباتية ومقاومة للجفاف لزيادة الإنتاج وتوفير المياه اللازمة للزراعة ومواجهة التغيرات المناخية وضبط آليات السوق والأسعار.
وأشار يوسف إلى أن الاستثمار في قطاع الزراعة يحقق أعلى هامش ربح للفلاح البسيط أو المستثمرين الكبار، خاصة الاستثمار في قطاع الزراعة الحيوية أو العضوية فى الأراضى الصحراوية الجديدة ومشروعات الدولة سالفة الذكر حيث تحقق الزراعة الحيوية إنتاجية كبيرة ذات جودة عالية، وتحقق ربحا وفيرا للمستثمرين على أساس أن المنتج الحيوى مطلوب للتصدير إلى دول الخليج أو الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يؤدى إلى زيادة حجم الصادرات الزراعية وتحقيق العملة الصعبة، بالإضافة إلى الحصول على منتجات زراعية أورجانبك خاليه من متبقيات المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية الضارة مع تقليل الفاقد في المنتج العضوي مقارنة بالمنتج التقليدى.
ولفت إلى أن الاستثمار الزراعي الحديث به يعتمد على اتباع الطرق والتكنولوجيا الحديثة في قطاع الزراعة، خاصة تطبيق نظام الزراعة الأكوابونيك والزراعة الهيدروبونيك والإيروبونيك، وهذا النوع من نظم الزراعة الحديثة يحقق أعلى هامش ربح للمستثمرين خاصة فى حالة تصدير المنتجات إلى الخارج.
أضاف يوسف أن أهم أنواع الزراعات اللاأرضية هي نظام الزراعة الهيدروبونيك أو الزراعة المائية بدون تربة، وهو نظام زراعي متكامل يعتمد على زراعة النباتات دون تربة، وذلك باستخدام محلول مغذي يمر أسفل النباتات وهذا النظام له مميزات عديدة يمكن تطبيقها على سطح المنزل، حيث يوفر كمية المياه وكذلك يوفر نسبة كبيرة جدا من المخصبات أو الأسمدة ويعطي نموا سريعا جدا للنبات وذات إنتاجية عالية ويحقق أعلى هامش ربح فمثلا زراعة 1000 متر مربع خاص كابوتشا يعطي حوالي سبعة أطنان إنتاجية في الحقل المفتوح مقارنه بـ20 طنا إنتاجية فى الزراعة المائية.
الزراعة المائية النباتية الحيوانية
أضاف يوسف يوجد نظام الزراعة الأكوابونيك وهو نظام متكامل يتم فيه إنتاج الأسماك والنباتات في دائرة مغلقه كما يحدث في الطبيعة، حيث تكون نواتج ثاني أكسيد الكربون صفر ونواتج مخلفات الأسماك صفر ونواتج الأمونيا صفر والماء الناتج من تربية الأسماك يكون محملا بالأمونيا أو النشادر أو ثاني أكسيد الكربون، حيث يكون مصدرا جيدا لتغذية النباتات على الأمونيا بعد تحويلها إلى نترات بواسطة بكتيريا نيتروجينية، وبذلك يصبح الماء نقيا يعود مرة أخرى للأسماك في صورة نظيفة على أساس وجود علاقة تكافلية بين كل من الأسماك والنباتات في وحدة التربية، إذ تحتاج الأسماك لمياه نظيفة بها معدل متوازن من الأكسجين لكي تنمو وتتكاثر، في حين النباتات تحتاج إلى أكسجين وثاني أكسيد الكربون ومغذيات، فالأسماك توفر للنباتات الأسمدة النيتروجينية، في حين أن النباتات تنقي المياه مرة أخرى للأسماك، والزراعة الأكوابونيك تسمى بالزراعة المائية النباتية الحيوانية، حيث يتم تربية الأسماك والقواقع وجراد البحر في أحواض في وجود النباتات فتقوم الأسماك بإمداد النبات بالأسمدة النيتروجينية ويقوم النبات بتنقية الماء مرة أخرى وإعادته بالأسماك.
وتابع: أن هناك نوع ثالث يسمى بالزراعة الإيروبونيك وهو نظام مشتق من الزراعة الهيدروبوليك لكن الفارق هنا هو أن الماء يتم توزيعه على النباتات في صورة رزاز بحيث يسهل امتصاص النبات له بسهولة سواء على المجموع الجذري أو الرش على المجموع الورقي وهذا النظام يوفر 90% من المياه في الري و60% من المخصبات أو الأسمدة.
أهم المعوقات والصعوبات التي يتعرض لها الاستثمار الزراعي
أشار يوسف إلى أهم المعوقات والصعوبات التي يتعرض لها الاستثمار الزراعي وهى الاهتمام بالمنتجات الزراعية فى صورتها الخام دون النظر إلى القيمة المضافة للمنتج وتهميش تطبيق منظومة التصنيع الزراعي، الأمر الذي يؤدى إلى ارتفاع نسبة الفاقد في المنتج الزراعي والتى قد تصل تقريبا إلى 30% فى محصول الطماطم، بالتالي تنخفض الإنتاجية لوحدة الفدان الأمر الذي يؤدى إلى انخفاض العرض وزيادة الطلب على المنتجات الزراعية، وفى النهاية ترتفع الأسعار ليس هذا فحسب بل يتأثر المزارعين سلبا وقد يعزفون عن زراعة هذا المحصول العام التالى كما يحدث في كثير من الزراعات.
ولفت إلى بعد المسافات بين مواقع الإنتاج الزراعي وبين الأسواق الرئيسية مثل سوق العبور، هذا الأمر يعظم تكاليف مدخلات الإنتاج الزراعي وزيادة فى تكاليف الشحن بالتالي ارتفاع في تكاليف المنتج الزراعي يعقبها في النهاية ارتفاع الأسعار وتصبح المنتج غير ميسر للمواطنين.
وأضاف يوسف أن من أهم تحديات ومعوقات الاستثمار الزراعي والعدو الحقيقي “التغيرات المناخية، والاحتباس الحراري” وعلاقته في انتشار الأمراض وتغير خريطة الزراعة المصرية وتغيير خريطة توزيع الآفات الحشرية والحيوانية والاكاروسية في مصر الأمر، الذي أصبح عائقا كبيرا أمام المستثمرين في قطاع الزراعة، مضيفًا أن التحديات التى يتعرض لها الاستثمار الزراعي هو فقدان حلقة الوصل بين الفلاحين وبين وزارة الزراعة ألا وهو المرشد الزراعى الداعم الحقيقى للفلاح، فعدم توافر الإرشاد الزراعي الحقيقي من قبل وزارة الزراعة عائق أمام الاستثمار الزراعي، كما أن عدم اكتمال وتوافر البنية التحتية لمعاملات الحصاد وما بعد الحصاد عائق أمام الاستثمار الزراعي بالإضافة إلى عزوف العمالة من العمل في القطاع الزراعي بسبب انخفاض الأجور.