تحدثت الدكتورة يمن الحماقى، مقرر مجلس العلوم الاقتصادية والإدارية والأستاذ بكلية التجارة عين شمس، عن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لفرنسا، بأنها تأتى فى إطار تعظيم علاقات مصر الاقتصادية الدولية، مشيرة إلى أن الدولة الآن مهيئة لهذا الأمر، سواء من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية أو السياحة والتجارة الدولية، وذلك يأتى فى إطار الشراكة مع الإتحاد الأوروبى.
وأضافت الدكتورة يمن، فى تصريحات خاصة لـ”عالم المال”، أن الزيارة تدعم هيكلة علاقاتنا الاقتصادية مع دول الاتحاد الأوروبى، وذلك لأن فرنسا من أهم دول الاتحاد بعد ألمانيا مباشرة، فهما أهم قطبين به.
الأمن الإقليمى وتنشيط السياحة
وأشارت مقرر مجلس العلوم الإقتصادية والإدارية، إلى أن مواطنى فرنسا يعشقون الآثار المصرية، وذلك يدعم ما تنميه مصر حاليا فى بناء المتحف المصرى الكبير ومتحف الحضارة، والاكتشافات، وهذه فرص لاستثمار السياحة، وخاصة ما بعد فترة انتشار فيروس كورونا المستجد والسيطرة عليه.
وتابعت أستاذ الاقتصاد بأن الثروة السياحية بمصر من الممكن استثمارها إلكترونيا بالتنسيق مع الدولة الفرنسية، فضلا عن أن تطوير منظومة النقل فى المترو تمت بواسطة شركات فرنسية، بل هناك المئات من المصريين يدرسون فى فرنسا، وهذا على المستوى العلمى والبحثى، فكل ذلك يقوى امتداد واستمرار العلاقات بين الدولتين.
وأكدت أن الزيارة لن تأتى فى إطار الدعم بين الدولتين لمنع إنتشار كوفيد 19 فقط، بل هناك علاقات سياسية تمر بها المنطقة منها المشاكل التى تمس الأمن المصرى والدولى، وما تفعله تركيا بالبحر الأبيض المتوسط ضد اليونان وقبرص، وكذلك مع الجانب الليبيى، وما تعانيه من أزمات أمنية وهجرة غير شرعية، لذلك هذه قضايا تحتاج تنسيقًا وتكاملًا مع الجانب الفرنسى، وتأتى الزيارة استكمالًا لعدة محادثات أخيرة تمت بين الرئيس السيسي وماكرون.
التبادل التجارى
وفى نفس السياق، أكد الدكتور مصطفى مظهر، الخبير الاقتصادى، أن العلاقات بين الدولتين تاريخية وقوية، ودائما ما تتخذان قرارات حاسمة فى الاستثمار الاقتصادى المشترك، ويكون القطاع السياحى فى مقدمة تلك العلاقات المتبادلة.
وأضاف الخبير الاقتصادى، فى تصريحات خاصة لـ”عالم المال”، أن الزيارة تأتى فى ظل معاناة الدولتين بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد المنتشر حول العالم، ورغم ذلك هناك تبادل تجارى وفق الأرقام المعلنة رسميا لعام 2020 بنسبة 2.5 مليار يورو فيما بينهما، رغم صعوبات كورونا الاقتصادية، وكان حجم التبادل التجارى قبل كورونا زيادة بنسبة 30% بعام 2019 مقارنة بعام 2018.
وتابع بأن الدولة الفرنسية استغلت استقرار الدولة المصرية مع قيادة الرئيس السيسي للبلاد فى 2013، وذلك من خلال التعددية فى التحالفات الاقتصادية ومع الجبهات الدولية الأخرى أيضا.
الاستثمار النفطى
ومن الناحية السياسية، قالت الدكتورة غادة موسى الأستاذ المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن العلاقات بين الدولتين فى الأساس ثقافية وانطلقت إلى الاقتصاد ثم التعاون السياسي، مشيرة إلى أن هناك ملفات مشتركة على المستوى الجيوسياسي بالملف الليبى، نظرا لدور الإتحاد الاوروبى فى ليبيا، ومحاولة إخراج التدخل التركى، ومصر هى الجارة الأقرب بالحدود المشتركة مع ليبيا.
وأضافت الدكتورة غادة، فى تصريحات خاصة لـ”عالم المال”، أن هناك مصالح اقتصادية مشتركة لمصر وفرنسا فى ليبيا، وهى الاستثمار النفطى وبيعه بعيدا عن تهديدات تركيا، إلى جانب أن مصر هى مقر منتدى غاز شرق المتوسط، وهو من الملفات الهامة بين الدولتين لأنها تصدر الغاز إلى أوروبا.
التعاون العسكرى
ونوهت إلى أن هناك تعاون عسكرى بينهما، من خلال التدريبات المشتركة الحربية، فضلا عن استيراد بعض الأسلحة من فرنسا، وكذلك أمن الخليج بين باب المندب والبحر الأحمر بمقدمة الملفات التعاونية فى الاتفاق حول الترتيبات الأمنية والسياسية فيما يتعلق بهذه المنطقة.
وعلى المستوى السياسي الثقافى، أوضحت موسى أن محاربة الإرهاب تدعمه الدولتين، خاصة فيما شهدناه مؤخرا من عمليات إرهابية بفرنسا، فخلال زيارة وزير الخارجية الفرنسى للأزهر الشريف مؤخرا وجه إليه شيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب رسالة واضحة بأن التطرف متواجد فى كل الأديان، وأن العمل الإرهابى لا يجب أن ينسب لأى دين، لأنه من أعمال البشر، واعتبرت فرنسا ومصر أن هذا هو المنطلق الفكرى فيما يتعلق بتعريف الإرهاب.
وكان قد وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي مساء اليوم الأحد إلى مطار اورلي بالعاصمة الفرنسية باريس، في زيارة رسمية تلبيةً لدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وتأتي هذه الزيارة في إطار حرص الجانبين على تنمية العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين، وبحث سبل تعزيزها خلال الفترة القادمة حيث ستشمل عقد مباحثات قمة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس ماكرون ستتناول كافة جوانب وموضوعات العلاقات الثنائية بين البلدين، وكذلك التنسيق السياسي المشترك تجاه القضايا الإقليمية والدولية.
ومن المقرر أن تتضمن الزيارة لقاءات الرئيس السيسى مع رئيس الوزراء الفرنسي، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين الفرنسيين، ورئيسي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ الفرنسي، وذلك لعرض الرؤية المصرية للأزمات الإقليمية وكيفية التعامل معها، خاصة تلك المتعلقة بشرق المتوسط ومنطقة الشرق الاوسط، فضلاً عن زيادة التعاون المشترك بين البلدين وتعزيز العلاقات الثنائية خاصة في المجالات الاستثمارية والتجارية في ضوء جهود مصر لتشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية للمشاركة في المشروعات القومية الكبري.
