• logo ads 2

“الحماية الجنائية للعقود الإدارية” كتاب تطبيقي للمستشار الدكتور محمد جبريل

alx adv
استمع للمقال

 

بسط المشرع المصري حمايته الجنائية علي العقود الإدارية التي تبرمها الجهات الحكومية المعدودة من الجهات المشرفة علي المال العام ، وكذا الشركات المساهمة إذا ما اتخذت إحدى صور عقود المقاولة أو النقل أو التوريد من العقود المدنية ، أو الأشغال العامة أو الالتزام بمرفق عام من العقود الإدارية متي أتي المتعاقد مع الجهات العامة المذكورة عملاً يمثل إخلالاً أو غشاً في تنفيذ التزاماته الناشئة عن أي من العقود الخمسة محل الحماية .

اعلان البريد 19نوفمبر

ولا شك أن نظرة المشرع هذه تعني التزاماً أكيداً بحماية تعاملات الجهات المشرفة علي المال العام ذات الطابع التعاقدي سواء التعاقد ذو الصفة المدنية أو الإدارية ، فلم يكتف المشرع بحماية المال العام من الأفعال ذات الصبغة الجنائية البحتة كالاختلاس والتربح والغدر، إنما بسط هذه الحماية إلي الأموال التي تكون محلاً للعقود التي أوردتها مادتي الحماية الجنائية رقمي 81 ، و116 مكررا من قانون العقوبات ، تقديراً من المشرع لأهمية هذه العقود ، وتحفظاً منه ضد احتمال النيل من المال العام والعدوان عليه بالإخلال بهذه العقود .

ويقع ذلك متي ارتكب المتعاقد مع الجهة الإدارية شخصاً طبيعياً كان أم اعتبارياً إخلالاً بنصوص العقد في التأخر في التنفيذ أو التنفيذ غير المطابق للشروط ، أو ارتكاب الغش سواء عن عمد أو بدون علمه من تابعيه أو أخل بالأوصاف الفنية التي تفرضها الالتزامات المتعاقد عليها ، لما يترتب علي ذلك بالضرورة من انتقاص للعناصر الإيجابية في الذمة المالية للجهة الإدارية المتعاقدة .

فانتهج المشرع سياسة حماية العقود التي تبرمها الجهات العامة، وذلك بتجريم الإخلال بتنفيذ العقود الإدارية ، أو الغش والتحايل في توريد الأشياء المتعاقد عليها سواء بعلم المتعاقد أو بدون علمه نتيجة إهماله في الرقابة علي تابعيه ، فامتد التجريم كذلك ليطول الوكلاء والوسطاء والمقاولين من الباطن متي ارتكب أي منهم الأفعال العمدية أو غير العمدية التي تؤدي إلي الإضرار بالأموال العامة .

وما نريد أن نقوله أن المشرع في خصوص الحماية الجنائية للعقود الإدارية ، نجده قد ضيق من أنواع العقود محل الحماية ، فحددها في خمسة عقود فقط علي سبيل الحصر ،وهي الأشغال العامة والنقل والتوريد والالتزام والمقاولة ، في حين أنه وسع في نطاق التجريم من حيث موضوع هذه الحماية الجنائية لتشمل كل إخلال يقع من المتعاقد يتسبب عنه ضرر للجهة الإدارية ، بالإضافة إلي الغش أو التدليس أو التحايل الذي يقع من المتعاقد .

أهمية الحماية الجنائية للعقد الإداري :

نظراً لأهمية العقود التي تبرمها الجهات العامة ، فقد قرر المشرع فرض حماية جنائية لها تمنع أي إخلال يمكن ان يمسها ، فيؤدي الى عرقلة إبرامها أو تنفيذها، إذ من الممكن أن يقع الإخلال بتنفيذ هذه العقود مما يسبب الإضرار بالمال العام والمصلحة العامة التي تهدف إلي تحقيقها .

ونرى أنه ليس كل سلوك يخل بتنفيذ العقد الإداري يتحتم معالجته بالتدخل الجنائي ، ولكن هناك من السلوكيات المخلة بالتنفيذ ما تجدي معها الجزاءات الإدارية كالتأخير في التنفيذ أو عدم مطابقة المواصفات الطفيف ، وهناك من السلوكيات والإخلالات العقدية ما لا يجدي معها غير العقاب الجنائي مثل الغش والتحايل والتدليس ، وهذا النوع من السلوك الإجرامي ، لا بد من أن يكون هنالك حماية جنائية كافية تتصدى له لحماية العقود الإدارية ولضمان سلامتها وضمان تحقيق الهدف الذي أبرمت من أجله .

ويجب أن يكون هذا الجزاء الجنائي شاملا لكل شخص يمكن أن يقوم بسلوك غير مشروع سواء كان الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة أو المتعاقد مع الجهة الإدارية أو المتعاقد من الباطن ، من أجل ضمان توفير جزاء رادع ومانع لكل فعل غير مشروع يقع من أي شخص كان مرتبط بالعملية محل العقد الإداري .

ومرجع اهمية هذه الحماية هو أنها ستوفر ضمان استمرار عمل المرافق العامة بانتظام واضطراد ، وعدم التباطؤ في تنفيذ الأنشطة المختلفة ، إذ قد يبرم عقد إداري معين ترى الجهة الإدارية ضرورة إبرامه من أجل تحقيق المصلحة العامة وضمان عمل مرافقها العامة في استمرارية تقديمها للخدمات التي يحتاجها افراد المجتمع ، كما تضمن هذه الحماية عدم استخدام الغش أو التحايل أو التدليس في تنفيذ هذه العقود ، بما يعني تنفيذها بصورة مرضية ، ومطابقة للمواصفات المطلوبة .

فإذا أرادت الدولة ضمان تقدمها في المجالات المختلفة لاسيما الاقتصادية منها فلا بد حينئذ من حماية كل الوسائل التي تستعين بها من أجل مزاولة نشاطاتها المختلفة وضمان تحقيقها للمنفعة العامة خصوصا حمايتها للعقود الإدارية التي تعد وسيلة فعالة من أجل تقدم الدولة اقتصادياً .

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار