يخدم سوق تجارة الملابس المستعملة قطاع كبير من مختلف فئات المجتمع، وتعد وكالة “بولاق أبو العلا” الشهيرة بوكالة البلح قبلة المستهلكين من مختلف الفئات العمرية، فما إن تطأ أقدامك أرض الوكالة تجد الملابس هناك وهناك بأسعار زهيدة منها ما هو “بالة” ومنها ما هو مستورد.
وعن تجارة الملابس المستعملة يؤكد خبراء الاقتصاد أن تلك التجارة تعد أحد روافد الاقتصاد غير الرسمي بالدولة، حيث تخدم المستهلك فقط دون أن تحقق عائد مربح ومباشر للدولة، وعلي الرغم من انتشار فيروس كورونا الا أن وكالة البلح زالت المصدر الأول للملابس الشتوية.
“الملاح”: اقتصادهم غير رسمى
وفي هذا السياق قالت الدكتورة هدى الملاح، مدير المركز الدولى للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، أن طريقة حصول المحلات الكائنة بوكالة البلح علي تراخيص تتم بطريقة غير مشروعة عن طريق امتلاكها سجل تجاري لبيع الملابس العادية وليست المستعملة، في حين أنها تقتحم عالم “البالة”.
وأكدت “الملاح” في تصريحات خاصة لـ “عالم المال”، أن اقتصاد محال وكالة البلح يندرج تحت بند الاقتصاد غير الرسمى الذي لا ينتمي لميزانية الدولة.
وأضافت مدير المركز الدولى للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، أن هناك طرقًا للتغلب على هذه النوعية من التجارة، حيث أنها تخدم المستهلك من كل الطبقات وليس محدودى الدخل فقط، فيذهب اليها مختلف فئات المجتمع لشراء الملابس المستعملة، نظرا لجودتها وخامتها العالية يتم استيرادها من دول أوروبية حتى وإن كانت مستعملة.
المكسب للمستهلك ليس للدولة
وتابعت “الملاح”، أن هذه التجارة لها ميزة عائدة على المستهلك وتجار السوق السوداء وليس الدولة، لأن جودة ملابسها جيدة ويتم بيعها بمبالغ منخفضة جدًا، على الرغم من أنه يتم بيعها بمبالغ عالية فى أسواق الملابس الجاهزة.
وأكدت “الملاح” أن هذه التجارة مربحة وإذا دخلت إلى الدولة بطريقتها المشروعة ستصبح داعمة للاقتصاد الرسمى، ولكن يتم التعامل معها عبر الجمارك الغير رسمية، ومدخل خاص فى الموانئ التى تستقبل هذه الملابس وأحيانا نجد مهربين يقومون بالاتجار فيها، لأنها خالية الأوراق والمستندات، وتابعت بأنه على قدر ما تقضى هذه التجارة على البطالة ونسبة كبيرة من المستهلكين يقبلون عليها لانخفاض أسعارها وجودتها، إلا أنها تشمل عيوبًا كثيرة.
أين القطن المصرى؟
وحددت مدير المركز الدولى للاستشارات الاقتصادية، طريقة القضاء على هذه التجارة، فى أن مصر أول دولة عالميًا تتصدر زراعة القطن لأنه عالى الجودة والثمن، ولكن الإنتاج قليل جدًا وصناعة المنسوجات والملابس المحلية منخفضة، لذلك على الدولة استغلال العمالة فى سوق الملابس المستعملة داخل مصانع الملابس المحلية، وكذلك العمل بمحال هذه المصانع المنتجة، وأوضحت أن هذه الملابس المستعملة، لا يتم تعقيمها، نظرا لأنها تدخل بإنفاقات دولارية كبيرة، وفاقدة للأوراق والمستندات.
اقتصاد أسود
وفى نفس السياق قال الدكتور سيد خضر الباحث الاقتصادى، إن الدولة تحاول فى الآونة الأخيرة دمج ما يعرف بالاقتصاد الأسود أو يسمى أيضا الاقتصاد غير الرسمى والموازى، تحت مظلتها القومية، ومن ضمن هذا الاقتصاد استيراد الملابس المستعملة من الخارج.
وأضاف “خضر” فى تصريحات خاصة لـ “عالم المال”، أن الملابس المستعملة تدخل بكميات كبيرة جدا عن طريق ميناء بورسعيد، تعمل على تشغيل عمالة كثيرة، لكن الدولة لا تستفيد منها بشكل كامل لذلك تقوم هذه الفترة بعملية تصحيح الأخطاء.
أسواق ومشروعات
وأشار إلى أن التصحيح يتم عن طريق إنشاء أسواق فى أماكن لائقة وحيوية للبائعين، أو عن طريق تشجيع الدولة للشباب بعمل مشروعات متوسطة وصغيرة ومتناهية الصغر.
حتاج إلى منح وحوافز وضمانات لهذه العمالة
وتابع بأن من أجل دمج هذا الاقتصاد الموازى فى الاقتصاد الرسمى، نحتاج إلى منح وحوافز وضمانات لهذه العمالة حتى تستطيع تقنين أوضاعها بشكل كامل وتستخرج سجل تجارى وبطاقات ضريبية، لتتمكن الدولة من الإستفادة من هذه الضرائب، إلى جانب توفير إعفاءات ضريبية خمسة سنوات على سبيل المثال لجذب الشباب والبائعين تحت مظلة الإقتصاد القومى.
وأكد “خضر”، أن القضاء على هذه التجارة لن يأتى إلا بضمانات تحفيزية لهؤلاء البائعين، لأنهم شريحة كبيرة منتشرة بالمحافظات وتتمركز بمناطق كدمياط وبورسعيد والقاهرة، وحتى نتجنب اى كوارث مالية قد تحدث لهؤلاء البائعين من انتشار فيروس كورونا مع موسم الشتاء.
وطالب الباحث الإقتصادى الدولة بتوفير أماكن حيوية وبها مواطنين وحركة ونشاط لعمل أسواق حضارية لهؤلاء البائعين، كما أن هناك أماكن ومدنا تجارية وصناعية أنشأتها الدولة كالروبيكى وبالصعيد وبقويسنا وببنها، لذلك من الممكن توفير مدينة صغيرة أو مكان يحتوى هؤلاء البائعين، لتشغيلهم وتقليل معدل البطالة.
رواج المستعمل على حساب الجديد
ونوه “خضر” إلى أن معظم البائعين والمواطنين تأثروا بكورونا هذا العام بشكل قوى، لذلك شريحة كبيرة من محدودى الدخل ذهبوا إلى سوق الملابس المستعملة بدلا من الجاهزة ليكفى كساء أسرته وأولاده بمبالغ رخيصة، وهو ما يحدث رواج بسوق المستعمل على حساب الجاهز والمصنع محليًا أو المستورد ولكن بشكل رسمى، ورغم ذلك تحدد شركات ومحال الملابس الجديدة عروض وفترات تخفيض تساعد نفسها فى الترويج لمنتجاتها لتتجنب الخسارة.
وحول تعقيم الملابس الستعملة، قال الباحث الاقتصادى، إن التحذير مستمر للمواطنين من التعامل مع هذه الملابس خاصة القادمة من أوروبا، لأن الفيروس منتشر بشدة هناك وخاصة من إيطاليا، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن نمنع هذه التجارة وبشكل خاص بفترة الكورونا والإعتماد على الصناعة المحلية.
شعبة الملابس تؤكد منع تداولها وتناشد الحى
ومن ناحيته أكد محمد الداعور رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية السابق، فى تصريحات خاصة لـ “عالم المال”، أن تداول الملابس المستعملة وزارة الصحة منعته نهائيا قبل ظهور الكورونا.
وأشار “الداعور”، إلى أن هذه التجارة غير شرعية، ولن تخضع لقانون حتى الآن، لذلك من الممنوع تداولها فى الأسواق، مطالبا رئيس شعبة الملابس الجاهزة بضرورة تدخل المسئولين فى حى بولاق أبو العلا، بالرقابة وتطبيق القانون على البائعين، لأن عملهم غير شرعى.