استمع للمقاليواجه الرؤساء التنفيذيين في الوقت الحالي تحديات كبيرة وغير مسبوقة، تبدأ من تحديات الاقتصاد الكلي المترابطة عالميًا إلى الوضع الجيوسياسي الحالي، فهم يتعرضون لرياح معاكسة تحمل العديد من المخاطر في مختلف الصناعات، ولا يوجد دليل جاهز لمعالجتها.
في هذا السياق الصعب، يحتاج الرؤساء التنفيذيون إلى التكيف والابتكار والمثابرة. فخلال فترات الاضطراب، تبرز فرص النمو والتنمية في المقدمة، وهو ما يجعل الابتكار والتكيف مع التغييرات الحالية أمرًا حاسمًا.
الإبحار من خلال ديناميكيات الاقتصاد الإقليمي
في عالم متشابك رقميًا، يتعرض اقتصادنا باستمرار للتأثيرات المتتالية للأحداث العالمية، مثل التضخم وعدم الاستقرار السياسي والاضطرابات في سلاسل التوريد، مما يضع مرونة اقتصاد الدولة تحت دائرة الضوء.
وفي ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، تعد منطقتنا من الأعمدة الرئيسية للاستقرار. فمنذ الأزمة المالية لعام 2008 وحتى الوباء الأخير، تمكنت منطقتنا من الصمود والتأقلم مع الظروف العالمية المتغيرة. ولذلك، يشعر أي شخص بشرف قيادة المشرق-مصر في مثل هذه البيئة التي لا يمكن التنبؤ فيها بالأحداث.
تعد الأسس الاقتصادية لمصر من العوامل الرئيسية التي دفعت عجلة النمو وحمتنا من الاضطرابات الاقتصادية العالمية. وقد عكست هذه القوة أداء البنوك، بما في ذلك المشرق-مصر، وخاصة في الربع الأول من عام 2023.
رغم التحديات التي يواجها الترابط العالمي، إلا أنه يفتح الأبواب أمام الفرص الاقتصادية الجديدة. فبفضل هذا الترابط، يتم تقليص الفجوة مع الأسواق التي كانت في يومٍ من الأيام بعيدة، ويتسنى تيسير التدفق السلس للمعلومات. وقد مكّن هذا التطور المراكز الاقتصادية، مثل مصر، من جذب المستثمرين والشركات من جميع أنحاء العالم، حيث يتيح لهم الوصول إلى أسواق جديدة وتسهيل التعاملات الاقتصادية.
وشهد قطاع البنوك تحولًا رئيسيًا في الفترة الأخيرة، حيث ازداد تأثير الأطر التنظيمية والإدارية بشكل كبير. وفي الوقت الحالي، تولي البنوك الأولوية لمحاربة الجرائم المالية والامتثال لأنظمة العقوبات، بالإضافة إلى التركيز المتزايد على حماية المستهلكين والسيطرة على تدفق المعلومات والحفاظ على سلامة ونزاهة المجتمع بشكل عام. تعزز هذه التحولات القيمة التي تقدمها البنوك؛ مثل المشرق-مصر، للمجتمعات التي يخدمونها.
تبني مفهوم التغيير من أجل غدٍ أفضل
في الوقت الحالي، يمكننا ملاحظة التغيير الواضح الذي يطرأ على القطاع المصرفي بفعل التطور السريع للتكنولوجيا. فقد أعاد الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات التنبؤية تشكيل كيفية تفاعل المشرق-مصر مع العملاء، وإدارة المخاطر، وتعزيز الكفاءة التشغيلية بشكل عام.
ولقد شهدت تجربة العملاء تحولًا ملحوظًا، وتطورت توقعاتهم بشكل كبير. وبصفتي الرئيس التنفيذي، فإن إحدى مسئولياتي الأساسية هي ضمان تكيف المشرق-مصر مع هذه التغييرات المتسارعة. ولقد أصبح من السهل الآن التواصل مع العملاء من خلال قنوات مختلفة والحصول على فهم أفضل لاحتياجاتهم.
أصبح التحول الرقمي ضرورة عالمية ولم يعد خيارًا. فقد أبرز هذا التحول أحد أهم التحديات التي نواجها حاليًا؛ وهي فجوة المواهب العالمية في مجال التكنولوجيا والرقمنة. ولا يتعلق الأمر بمجرد الاحتفاظ بوجود المواهب والكفاءات فقط، بل يمتد ليشمل إيجاد الأفراد الذين يتجاوبون مع رؤيتنا الاستراتيجية ويفهمون الفروق الثقافية الدقيقة لخبراتنا.
تجاوز التحديات من منظور الرئيس التنفيذي
عندما توليت منصب الرئيس التنفيذي للمشرق-مصر عام 2018، لم يكن الانتقال سلسًا، حيث كان الاقتصاد العالمي يعاني من آثار التباطؤ في ذلك الوقت. ومع ذلك، فإن مثل هذه التحديات تعزز قدرات القيادات لإخراج أفضل ما لديها. وما لفت انتباهي خلال هذه الفترة هو الدعم الجماعي الذي تلقيته من الرئيس التنفيذي للمجموعة، والإدارة التنفيذية، وجميع موظفي البنك، حيث كانت هذه الوحدة مفيدة جدًا في تعزيز صمود المشرق-مصر في مواجهة التحديات والصعوبات التي واجهتها في ذلك الوقت.
لطالما كان لدي نظرة إيجابية تجاه التحديات، وأثق بأن كل مشكلة تحمل بداخلها بذرة الحل. والوسيلة هنا هي الصبر والمثابرة حتى تظهر الحلول المناسبة. فقد كان هذا النهج المتفائل حجر الأساس لمنهج قيادتي.
وكقائد، أنا مقتنع بأن الحفاظ على عقلية صاحب الرؤية أمر بالغ الأهمية. وإذا لم أخصص 70٪ على الأقل من وقتي للتفكير في المستقبل، فلن أكون قادرًا على أداء دوري بفعالية.
تعتبر الاستدامة القيمة الأساسية التي أسعى دائمًا إلى التمسك بها. ومن واجبنا كقادة توجيه منظماتنا نحو نماذج تشغيل مستدامة للمساهمة في بناء عالم أفضل للأجيال القادمة. وفي المشرق-مصر، يعد التزامنا بالاستدامة راسخ، حيث شاركنا كراع مصرفي في الدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) في مصر. وقمنا بتسهيل تمويل مستدام بأكثر من 15.5 مليار دولار أمريكي بنهاية عام 2022. كما نفخر بكوننا عضو في الميثاق العالمي للأمم المتحدة (UNGC)، ونشارك بنشاط في المناقشات رفيعة المستوى المتعلقة ب COP28 المقرر عقده في دولة الإمارات العربية المتحدة. نحن ملتزمون بتحقيق هدف صافي الانبعاثات الصفرية، وهذا يعد دليلاً على التزامنا بتحقيق مستقبل مستدام.
رحلة الرئيس التنفيذي: التحديات والتغلب عليها في طريق النجاح
تتميز رحلة القائد عادةً بمواجهته العديد من العقبات التي يجب عليه التغلب عليها. فمن خلال رحلتي المهنية خلال السنوات الماضية، واجه جيلي – المدير التنفيذي – العديد من التحديات التي كان يستغرق أسلافنا عقودًا من الخبرة للتعامل معها، فالمعرفة التي اكتسبتها خلال هذه السنوات لا تقدر بثمن.
لا يزال إيماني قويًا بأنه في ظل وجود الموارد المناسبة، والفريق الكفء، والعقلية السليمة، يمكننا التغلب على أي تحدي. وصمود المشرق-مصر خلال هذه الفترات العصيبة يعكس هذا الاعتقاد.
بينما نواصل اجتياز هذه الأوقات المضطربة، فإننا ملتزمون بضمان مستقبل مستدام للجميع، ومشاركتنا في مبادرات مثل مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ تعكس التزامنا باستهداف تحفيض صافي انبعاثات الكربون لنصل الى صفر انبعاثات الكربون بما يساهم فى الحفاظ على البيئة وتحقيق اهداف التنمية الاقتصادية المستدامة وفي النهاية، هذا هو المنهج التي نتبناه في المشرق-مصر.