• logo ads 2

صناعة الجمال وعمليات التجميل

بقلم الدكتور/ محمد جبريل ابراهيم

alx adv
استمع للمقال

التطور المذهل في علوم الطب مكنت الطبيب من صناعة الجمال ، وجرأته علي تغيير ملامح الوجه ومظهر الجسم ، حتي أصبحت عمليات التجميل مجرد موضة تلجأ إليها كل الطبقات والمجتمعات ولا فرق في ذلك بين رجل وامرأة فالكل طالته يد الطبيب الذي يصنع الجمال ، حتي من يعارض هذه العمليات فلم يسلم منها حينما صحح نظره أو عالج أسنانه ، أو أصلح عظامه .

اعلان البريد 19نوفمبر

والذي ساهم في انتشار هذه العمليات وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بشكل فعّال ، حتى صار التجميل سِمة العصر وعلامة علي التمدن والتحضر .

 

ويقصد بجراحة التجميل ذلك النوع من الجراحة التي لا يقصد منها شفاء مرض من الأمراض العضوية إنما إصلاح عيب خلقي أو مكتسب قد لا يؤثر على صحة الجسم من الناحية العضوية ولكنه يؤثر في الصحة النفسية للشخص ، فتعمل هذه الجراحات علي تحسين مظهر الشخص وتعزيز تقديره لذاته وثقته بنفسه، ويمكن أن يمتد إجراء جراحة التجميل إلي أي جزء من الوجه أو الجسم .

 

ويمكن عن طريق هذه الجراحات المساس بجسم الإنسان عن طريق التغيير في مظهر الجسم والوجه ، وذلك من خلال ما يسمي بالعمليات التحسينية أو التجميلية ، إلا أن هذه العمليات الجراحية تثير العديد من المشكلات القانونية والشرعية ،التي لا تتعلق بالشخص الخاضع للعملية فقط ولكن للمجتمع ككل ، لما تنتجه من زعزعة للثقة والاطمئنان في المجتمع ، وزيادة الغش والتدليس والمساس بالتقاليد والأعراف المستقرة في المجتمع خاصة في ظل تضارب الفتاوي الدينية بشأنها ما بين الرفض وبين القبول وبين المقيد ، كما أن هذه العمليات تخلق أزمة بين الأشخاص وتجعل من يجري هذه العمليات يفقد هويته ويغترب عن نفسه وعن مجتمعه نتيجة تغيير شكله وتبدل ملامحه.

 

ولا شك أن ذلك مبرر قوي لتدخل القانون الجنائي لتنظيم عمليات وجراحات التجميل بحسبان أن القانون هو الملاذ الأخير الذي يضمن حماية الأفراد ضد أي سلوك يخل باستقراره وأمنه .

 

مدي مشروعية إجراء بعض جراحات التجميل :

نشير أولاً أنه لا يوجد نص ينظم عمليات وجراحات التجميل ، ومن ثم يمكن إخضاعها للقواعد العامة في ممارسة مهنة الطب ، ومن المتفق عليه قانونا أن أي مساس بجسم الإنسان يُعد جريمة يعاقب عليها القانون، إلا أنه هناك حالات يكون فيها المساس بجسم الإنسان مباحاً علي سبيل الاستثناء ، وذلك وفقاً لشروط معينة و هذا ما نظمته قوانين ممارسة مهنة الطب، حيث أباحت للطبيب أن يقوم بإجراء التدخل الجراحي بقصد العلاج ، طالما كان تدخله متوافقاً مع القواعد و الأصول العلمية و الفنية المستقرة في الطب، و أساس عدم مسئولية الطبيب في ممارسة الأعمال الطبية يرجع إلى قصد العلاج وفق رغبة ورضا المريض ، مع استعمال حقه المقرر بمقتضى القانون .

 

وهذا يعني أنه يشترط لتوافر سبب الإباحة لإجراء أي تدخل طبي أن يكون الغرض من هذا التدخل هو علاج المريض ، وذلك بتخليصه من الآلام التي يعاني منها أو بالتخفيف منها أو حتى بالوقاية من الأمراض .

 

ومن ثم فإنه إذا كانت عمليات التجميل الترميمية التي تهدف إلي بعض العلاجات ولها آثار نفسية معتبرة بالنسبة لصحة المريض وحالته النفسية لها مبرراتها القانونية وتوافر أسباب إباحتها ، فإنه في مجال عمليات التجميل التحسينية تبرز بعض المشكلات القانونية من حيث مدي مشروعيتها ، وذلك علي النحو الآتي :

 

أولاً : الإشكاليات القانونية التي تثيرها عمليات التجميل التحسينية :

بالرغم مما يتمسك به مروجي عمليات التجميل التحسيني من تلابيب الحرية الشخصية ، وأن الإنسان حر في الاستفادة من التطور الطبي لما يحقق سعادته ورفاهيته بظهوره في أحسن صورة ، فله أن يستغل هذا التطور في معالجة ما ينتاب شكله ومظهره من عيوب عن طريق إجراء العمليات الجراحية التحسينية ، إلا أن هذه العمليات يعتورها إشكاليات قانونية عديدة نعرضها فيما يلي :-

 

1- إنها تخرج عن الأصل العام في الأعمال الطبية الذي هو العلاج :

فمن المعلوم أن جراحات التجميل ليست كلها تهدف للعلاج كإصلاح عضو أو إعطاءه الوضع الطبيعي الذي يجعله صالح لسير الوظائف الحيوية لباقي أعضاء الجسم كفصل أصبعين ملتصقين ، أو إزالة أصبع زائد أو علاج الشفة الأرنبية ، أو تعديل سنة أو ضرس لوضعه الطبيعي بعد أن كان يجرح اللثة ، ومن ثم فكل هذه التدخلات تعد عمليات علاجية والهدف منها التخلص من عارض معطل لسير وظائف أعضاء الجسم الحيوية ، وهذا النوع من العمليات يطلق عليه العمليات الترميمية .

 

ولا شك أن إجراء هذه العمليات قد لا يثر أي مشكلة قانونية ، ويخضع للقواعد العامة في المسئولية الجنائية ؛ لأنها عمليات تقويمية للتخلص من العيوب والتشوهات الخلقية أو تلك الناجمة عن الحوادث أو الحروق أو غيرها ،ولا تختلف مسئولية الطبيب فيها عن مسئولية الطبيب عموماً، فهو مسئول عن الأضرار التي يلحقها بمريضه نتيجة الخطأ الذي يمكن أن يصدر منه في هذا النوع من الجراحات .

 

إلا أن العمليات التجميلية تشمل أنواع أخري من الجراحات يكون غرضها مجرد تغيير المزاج ، وتحقيق نوع من الإثارة ، ويكثر هذا النوع من الجراحات في الأوساط المترفة ، ولا تهدف إلي العلاج لمرض معين أو أي عارض جسماني ولكنها تستهدف مجرد التغيير ، ويطلق عليها العمليات التحسينية أو التجميلية ومن خلالها يقوم جراح التجميل بتغيير الشكل والمظهر ، وهي جراحة تجميل بالمعنى الدقيق ومن صورها تجميل الدقن، والأنف و جراحة الأذنين، والشفتين ، وسحب الذقن ، وزرع الشعر، وجراحة الثدي التجميلية كتصغير أو تكبير .

 

وتتميز هذه الجراحات التجميلية التحسينية عن غيرها من الجراحات بأن إجراءها هو أمر تكميلي وليس ضروريا لاستمرار الحياة؛ لذلك نهيب بالمشرع أن يكون صارما فيها بوضع قيود عليها فيما يتعلق بمسئولية الطبيب في جراحة التجميل التحسينية حين وقوع الضرر خلافا لما هو عليه في باقي أنواع الجراحات ، كما يجب وضع القيود علي طلبها من المريض بألا تتم إلا بموافقة لجنة طبية بوزارة الصحة تطبق ضوابط صارمة في إجراءاتها .

 

2- تكريس فوضي استغلال المرضي :

من أهم إشكاليات عمليات التجميل التحسينية أنها أصبحت سوق رائجة لتسويق أوهام وخيالات ليس لها لزوم ، تستهدف استغلال المرضي وخاصة الشابات من النساء ، فمن خلال ما توفره وسائل الإعلام من دعاية لعمليات التجميل وأنها تعيد الشباب وتحسن المظهر وأنها علاجات نفسية للأفراد ، فقد أتاحت الفرصة للمستغلين بأن يستغلوا المرضي باستنزاف أموالهم في فوضي عمليات التجميل .

 

ولم تقتصر هذه الفوضى علي مجرد نهب أموال المهووسين بهذه العمليات ، بل استطالت إلي صحتهم وحياتهم فكثير من المرضي لقوا حتفهم أثناء إجراء هذه العمليات ، ولقد طالعتنا الصحف والمواقع الإخبارية عن العديد من الحوادث التي كان من ضحاياهم الخاضعين لهذه العمليات .

 

وتكشف الفوضى التي عمت مجال عمليات وجراحات التجميل عن انتشار المراكز الطبية غير المرخصة لإجراء عمليات التجميل بدون توفير الأدوات اللازمة لإجراء العمليات ، وعدم توفير الضمانات والضوابط لإتمام هذه العمليات مما يتسبب في حدوث موت المرضي لعدم إعداد هذه المراكز إعداداً مناسباً لعدم تطبيق سياسات مكافحة العدوى، وإدارة المنشآت بدون تراخيص، ووجود عمالة غير مؤهلة وغير حاصلة على ترخيص بمزاولة المهنة ، بجانب استخدام غير معتمدة أو أدوية مغشوشة ومنتهية الصلاحية .

3- الاعتراضات الشرعية لعمليات التجميل التحسينية :

 

فيما يتعلق بالاعتراضات الشرعية لجراحات التجميل التحسينية ، فلا يمكن تجاهل الرأي الشرعي فيما يتعلق برفض إجراء العمليات التحسينية ، والتي تكاد تكون الآراء متفقة علي حظرها لمخالفتها للنصوص الشرعية ، وذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:- ” لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسـن المغيرات خلق الله .

وأيضاً حديث ابن عباس رضي الله عنه :- ” لعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء .

ولنهيه صلى الله عليه وسلم عن تشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء .

وكذلك نصوص النهي عن التشبه بالأقوام الأخرى، أو أهل الفجور والمعاصي .

4- المخاطر الطبية الناتجة عن عمليات التجميل :

تعالت التحذيرات من إجراء هذه العمليات بعد حدوث حالات وفاة عديدة أثناء إجرائها ، وهو اتجاه يرتكز على تقدير الأضرار التي تلحق الجسم البشري جرّاء القيام بهذه العمليات، ولذلك دعا البعض إلي التحرز في إجراء هذه العمليات وقصرها علي العمليات التجميلية البسيطة التي تخلو من المخاطر ، فيتم إجازة هذه العمليات في مجال العيوب البسيطة كاستئصال اللحميات والعظام البارزة في الجسم والتجاعيد في الوجه وتكميل الأنف والشفاه الناقصة وغيرها من العمليات البسيطة في مخاطرها .

 

ولكن إذا ما كان هناك مخاطر لهذه العمليات فيجب منع إجرائها ، ومن ثم منع العمليات التجميلية في مجال العيوب الجوهرية الخطيرة التي تهدد حياة المريض أو صحته ، وتقوم هذه التفرقة على أساس عدم التناسب بين المخاطر والفوائد من العمل الطبي، والحد من جراحات الترف علي حساب حياة الشخص وصحته .

 

ويتبيَّن مما تقدَّم أن التكييف الذي أعطي لهذه العمليات يقوم على فكرة مصلحة الجسم البشري وما يطرأ عليه من مخاطر وأضرار، وبناءً عليه يُبّنى جواز أو عدم جواز هذه العمليات تبعاً لمدى الخطورة والضرر الذي تسببه هذه العمليات .

 

ثانياً : حل الإشكاليات القانونية لعمليات التجميل التحسيني :-

نعتقد أن عمليات التجميل أصبحت واقع يجب الاعتراف به ، فقد حظيت باهتمام كبير لدي الهيئات الطبية والتعليمية ، وأنشئت بخصوصها الأقسام الطبية والتخصصات الجراحية ، لما لها من ضرورة في العلاجات النفسية ، فقد انتشرت هذه العمليات حتي بين من لا يعترف بها أصلاً ، فما من شخص إلا وقد امتدت إليه هذه العمليات لتصحيح نظره أو علاج أسنانه أو شفاء عظامه ، ومن ثم فلا بد من العمل علي تقنينها ووضع القواعد القانونية التي تحكمها وفقاً لما يلي :

 

1- تقييد عمليات التحسين الترفيهية :

بصورة عامة فكل شيء في بدايته يبدأ فوضوي بدون نظام يحكمه ، و فيما لا يعد تقييد لحرية الأفراد فإنه لا يجب منع هذه العمليات التجميلية ، ولكن يلزم أن تقنن العمليات هذه العمليات ، حتي التحسينية منها متي كان لها فائدة نفسية ومعنوية ولا يترك الأمر للفوضى ، ولتحديد مدي اعتبار العملية تحسينية أو ترميمية فإنه يجيب أن تكون هناك لجنة تعرض عليها طلبات إجراء العمليات التجميلية بوجه عام ، ولهذه اللجنة تقرير مدي الحاجة لهذه العملية من عدمه .

 

والهدف من موافقة اللجنة هو حماية المرضي ذاتهم من استغلالهم مادياً ، وعدم الانزلاق في فوضي هذه العمليات التي تضر بالمريض وتضر بالمجتمع في آن واحد .

فتأتي تلك العمليات لتعيد إلى نفوسهم الثقة و الأمل في إمكانية اندماجهم في المجتمع مرة أخرى، وذلك من خلال استعدادهم للانخراط في الحياة العملية أو إيجاد فرصة الارتباط بشركاء جدد لحياتهم بعد أن كانوا شبه منبوذين في مجتمعاتهم .

 

2- ضرورة الالتزام بتبصير المريض:

مما لا شك فيه أن التزام الطبيب بتبصير مريضه، يتحدد نطاقه على ضوء طبيعة العمل الطبي، وبحسب كل حالة على حدة ، وبالتالي نستطيع أن نضع قاعدة بخصوص هذا الأمر، فنقول أنه كلما كان العلاج عاجلا و ضروريا، فإن نطاق واجب التبصير الملقى على عاتق الطبيب يصبح ضيقا، أما إذا لم يكن الهدف من التدخل الطبي أو الجراحي تحسين حالة المريض الصحية بصفة عامة فإن المعاملة تكون أشد .

 

وفي خصوص عمليات و جراحات التجميل نلاحظ أن التدخل أصلا لم يكن مستعجلاً، ومن ثم يقع على جراح التجميل الالتزام بتبصير مريضه بطبيعة العملية الجراحية التي من المزمع إجرائها عليه لإزالة العيب الأصلي أو التشوه الطارئ الذي يعاني منه، كما يقع عليه التزام بتبصيره بالمخاطر العادية و المحتملة بشكل دقيق ، بحيث يتعين عليه اطلاع مريضه بالمضاعفات التي يمكن أن تنتج عنها هذه الجراحة سواء ظهرت أثناء هذه العملية أو بعد الانتهاء منها، ومهما كانت نادرة الحدوث .

 

3- ضرورة الحصول على رضا المريض المستنير:

إن التزام الطبيب بتبصير المريض بطريقة صحيحة تسمح لهذا الأخير بتقديم موافقته الحرة و المستنيرة لكل مراحل العلاج المقدمة إليه ، وإذا كان الحصول على رضا المريض يعتبر من المبادئ المستقرة في عالم الطب، بحيث يتعين على الطبيب قبل إجراء التدخل الجراحي الحصول على الرضا الحر المستنير من مريضه، إلا أنه في مجال جراحة التجميل يأخذ هذا الرضا طابع خاص، فطالما لا توجد ضرورة أو استعجال فيجب أن يصدر هذا الرضا بعد تروي و تفكير.

 

وفي الحقيقة فإن الرضا هنا تحصيل حاصل ؛ لأن المريض هو من يسعي في العادة إلي الطبيب لإجراء عملية التجميل ، فهو الذي يذهب للطبيب باختياره لإصلاح عيوب خلقية تنتابه أو تغيير مظهره الخارجي أو إصلاح تشويه نتيجة إصابة أو جراحة سابقة، حيث أصبحت جراحات التجميل متعارف عليها ومصرح بها مادام الجراح يقوم بها وفقاً للأصول المستقرة طبياً .

4- ضرورة ترجيح الفوائد المتوقعة من عمليات التجميل على المخاطر الناتجة عنها:

اشتراط وجود تناسب بين مخاطر العلاج و بين الفوائد التي سوف تعود على الشخص من وراء جراحة التجميل، يرجع سببه إلى تلك النظرة المتشددة التي كان ينظر إليها كل من الفقه و القضاء لعمليات التجميل، وذلك باعتبارها تهدف إلى إصلاح عيب أو عاهة جسمانية، وليس الشفاء من مرض، وتطبيقا لذلك حرصت معظم القوانين المنظمة لهذا النوع من الجراحة على التشديد على الأطباء المتخصصين في مجال التجميل أن يمتنعوا عن أي تقويم أو تعديل جمالي في كل مرة تكون فيها حياة الشخص أو صحته أو سلامة جسمه في خطر ،حتى ولو طلب المريض ذلك .

 

ونعتقد بأنه لعمل الموازنة المطلوبة، أن نفرق بين جراحات التجميل الترميمية التي تعالج عيوب في جسد المريض، سواء كانت ناتجة عن سبب خلقي أو بسبب حادثة كالحريق مثلا ففي هذا النوع يتوافر الغرض العلاجي بوضوح ، أما جراحات التجميل التحسينية فهي بلا شك لا يتوافر فيها الغرض العلاجي لأنها لا تعالج المريض بقدر ما تعدل في مواصفاته الشكلية، وبالتالي فهي و إن توافر فيها شرط الرضا فإنها تبقى محل لوم علي الطبيب ، خاصة إذا ما كان الخطر المحتمل الناتج عنها يفوق الفائدة المتوقعة .

 

ولا شك أن هذا الأمر متروك لتقدير و فطنة الطبيب و خبرته، وعليه يجب على الطبيب- قبل اتخاذه لقرار إجراء هذه الجراحة- أن يجري موازنة بين مخاطر العيب الشكلي و مخاطر تلك الجراحة التي سوف تجرى لإزالته، فاذا كانت المخاطر التي تنتج عن الجراحة تفوق مخاطر العيب الشكلي الذي يعاني منه المريض و كان سبب في لجوئه لطبيب ليزيله عنه، فالطبيب يكون مسئولا حينئذ عما ينتج من مضاعفات لتك الجراحة و التي كان من الممكن أن يتجنبها المريض لولم يقدم على هذه الجراحة .

 

ونخلص مما تقدم إلي أنه : بعد أن كانت النظرة القانونية المتشددة في بادئ الأمر لتلك العمليات ، فقد تم تدرج النظرة إلى هذه العمليات من الرفض إلي أن وصل أخيرا إلى مرحلة الإباحة و الاعتراف بها حتي أصبحت نوع من الموضة والضروريات لبعض الفئات ، وأصبح من غير الطبيعي ألا يغير الشخص من شكله بدعوي أن هذا النوع من الجراحة له دور مهم في إنقاذ العديد من الأثار النفسية السيئة التي تأثر بالسلب على الحياة الشخصية و العملية للشخص ، إلا أن ذلك أدي إلي شيوع الاستغلال المادي لهؤلاء المرضي .

 

وعليه إذا كان مبدأ مشروعية عمليات التجميل قد استقر، إلا أنه يلزم لاستخدام هذه المشروعية توافر ضوابط معينة لممارسة هذا النوع من العمليات ، ولا يجب أن يظل غياب الإطار التشريعي الذي ينظم ويضبط مهنة جراحة التجميل، ويكفل حقوق المقدمين عليها لما لها من علاقة بحرمة الجسم الإنساني عائقاً أما إجازتها بعد أن أصبح كل من يرفضها يقوم بالاستفادة منها سواء بتركيب طقم أسنان صناعي أو تصحيح نظره باستخدام العدسات الطبية ، ومن ثم فلا بد من التغلب علي الإشكالات المثارة بشأن جراحات التجميل التحسينية علي الأقل ، ودحض عدم مشروعيتها بعد أن أصبحت واقع مستقر لدي المجتمع والهيئات الطبية .

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار