«غياب الجمعيات التعاونية وارتفاع تكاليف النقل والتغيرات المناخية» تحديات تواجه صادرات الفراولة في مصر

م. عماد مهدي المدير التنفيذي لشركة ومشاتل الفيروز للاستيراد والتصدير والتوكيلات التجارية في حوار مع «عالم المال»:

– مصر الأولى في تصدير الفراولة المجمدة وتتنافس على المراتب الثانية والثالثة في الفريش

– زيادة المساحة المنزرعة 120% خلال 5 سنوات.. و70 ألف فدان المساحة المنزرعة بالمحافظات

– انخفاض أسعار الفراولة سيؤدي إلى زيادة خسائر الفلاحين

– نستهلك 25% من الفراولة ونصدر 75% ونستهدف الأسواق الخارجية.. و 6 دول منافسة لمصر

 

قال المهندس  عماد مهدي عبد الحليم، استشاري إعداد وتطوير محصول الفراولة والمدير التنفيذي لشركة ومشاتل الفيروز للاستيراد والتصدير والتوكيلات التجارية، إن الفراولة أحد أهم المحاصيل الزراعية في مصر في الوقت الحالي، والتي بقيمتها العالية تجلب العملات الأجنبية بعد تصدير المنتج، سواء كانت الفراولة طازجة أو مجمدة، وقد أصبحت مصر تحظى بقيمة كبيرة في تصدير الفراولة وزراعتها، حيث تحتل المرتبة الأولى في تصدير المجمد وتتنافس على المراتب الثانية والثالثة في تصدير الفراولة الفريش.

 

وأشار مهدي، في حواره مع “عالم المال”، إن المحصول يواجه العديد من التحديات في مصر، أهمها عدم وجود جمعيات تعاونية متخصصة تغطي جميع المحاصيل الزراعية، وهو ما يتسبب في اضطراب النظام وربط عمليات الشراء والبيع وتحديد أسعار المنتجات بناءً على المنافسة المباشرة في السوق، مما يؤدي إلى تقلبات في الأسعار.

وأضاف مهدي، أن زراعة الفراولة في مصر تأثرت بشكل كبير جراء التغيرات المناخية مع زيادة انبعاثات الحرارة، ما أثر على إنتاجية محصول الفراولة، وتزايد المشاكل الزراعية المتعلقة بالتسميد ومكافحة الآفات، حيث أصبحت التغيرات المناخية لها تأثير على النباتات وعملياتها الفسيولوجية.

 

– في البداية حدثنا عن أهم التحديات التي تواجه زراعة الفراولة في مصر؟

 

تواجه زراعة الفراولة في مصر تحديات كبيرة، وأحد هذه التحديات يتمثل في عدم وجود جمعيات تعاونية متخصصة تغطي جميع المحاصيل الزراعية، بالمقارنة، بدأت المغرب زراعة الفراولة بعد مصر بفترة طويلة وتقدمت علينا في هذا المجال، يتم إدارة جميع المحاصيل الزراعية في المغرب تحت مجموعة من الجمعيات التعاونية المتخصصة، مثل: “جمعية الفواكه الحمراء”، وهي أول جمعية متخصصة في متابعة محصول الفراولة في المغرب.

وبالتالي، يؤدي عدم وجود جمعيات تعاونية في مصر إلى وجود اضطراب في النظام، وعدم وجود نظام يربط عمليات الشراء والبيع بشكل منظم في الواقع، يتم تحديد أسعار المنتجات بشكل عشوائي، ويتم تحديد الأسعار بناءً على المنافسة المباشرة في السوق، مما يؤدي إلى تقلبات في الأسعار وبالتالي، يحدث عدم توحيد الأسعار وتفاوتها بين الشركات، مما يؤثر على الاستقرار التجاري ويتيح المجال للمضاربة.

 

– كيف يتم حل كل هذه المعوقات؟

بوجود جمعيات تعاونية، ستكون هناك منظومة تعمل على تنظيم ومراقبة عمليات الشراء والبيع، ستساعد الجمعيات في تحديد أسعار المنتجات في مصر بشكل موحد ومناسب، وستسهم في تلبية احتياجات السوق بشكل أفضل، كما ستقوم الجمعيات بمتابعة المزارع بشكل شامل، مما يضمن الجودة والمعايير اللازمة للفراولة المصرية وبالتالي، ستعمل الجمعيات على إيجاد سوق منسقة دون أن يتم تفريق الأسعار بين الشركات المصدرة، وهو ما يحدث في الوقت الحالي.

يتعين حل مشاكل صناعة الفراولة في مصر من خلال إنشاء كيان يتولى معالجة التحديات المتعلقة بعمليات البيع والشراء والتسويق والشحن والنقل، فعند العمل في موسم الفراولة، الذي يبدأ من منتصف نوفمبر إلى منتصف مارس، يكون من الضروري الاعتماد على وسائل النقل البحري أو الجوي، والتكاليف المرتفعة لهذه الوسائل تصل إلى 2.5 دولار للكيلوجرام، وهذا يعتبر تكلفة باهظة جدًا لذا، يجب أن يكون هناك توجه من القيادة السياسية لحل مشاكل الشحن البحري.

بالإضافة إلى ذلك، هناك مشاكل في نقل البضائع عبر الشحن البري والبحري، مثل: انتظار البرادات في مواني الدول المستوردة مثل: دول الخليج وبعض الدول الأخرى، هذا يكون مكلفًا للمصدرين الذين يجب عليهم انتظار البرادات ودفع تكاليف ركنها ولذا، يجب أن يكون هناك حل للمعابر ويجب توافر خطوط ملاحية سريعة لنقل المنتجات المصرية إلى أسواق أوروبا، سواء كانت الفراولة طازجة أم مجمدة.

 

 

هل توجد أي جمعية متخصصة لمحصول الفراولة؟

من المعروف أن هناك جمعية متخصصة في الفراولة في مصر وهي “جمعية تنمية الفراولة” أو “جمعية منتجي الفراولة بالدير”، ومهمة هذه الجمعية تركز على توفير الشتلات من اتحاد المصدرين وتوزيعها على المزارعين، وليس لها دور في عملية التسويق والبيع والشراء لذا، يجب أن يتم التوجه من قبل القيادة السياسية لاتخاذ قرار بإنشاء جمعيات تعاونية تلتزم بمتابعة وتطوير نظام زراعة الفراولة وبناء إطار تنافسي قوي لمصر في صناعة الفراولة بعد أن أصبحت تحتل مكانة مرموقة في هذا المجال على مستوى العالم.

– ما أثر التغيرات المناخية على محصول الفراولة وكيفية مواجهتها؟

تأثرت زراعة الفراولة في مصر بشكل كبير جراء التغيرات المناخية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة مع زيادة انبعاثات الحرارة وتغير التراث المناخي، تغيرت الأحوال الجوية بشكل جذري مقارنة بالأعوام السابقة، وهذا أثر بشكل كبير على إنتاجية محصول الفراولة، تزايدت المشاكل الزراعية المتعلقة بالتسميد ومكافحة الآفات، حيث أصبحت التغيرات المناخية لها تأثير على النباتات وعملياتها الفسيولوجية.

في ظل عدم استقرار الطقس، مع التغيرات المتكررة في درجات الحرارة وهطول الأمطار وقوة الرياح، تتأثر النباتات وتتعرض لحالات إجهاد بسبب التغيرات الحرارية والتعرض للغازات والتغيرات في التربة والري والبرودة الشديدة.

كل هذه العوامل تؤثر على نمو النبات وحركته، وبالتالي تؤثر على معدلات الإنتاجية وقد انخفضت إنتاجية صناعة الفراولة هذا العام بسبب ذلك، مما أدى إلى ارتفاع أسعار منتجات الفراولة مقارنة بالموسم الماضي، وتأثرت دول أخرى مثل: إسبانيا وهولندا وأوروبا والمغرب بالتغيرات المناخية، وتأثر إنتاجهم بشكل سلبي، مما أدى إلى زيادة الطلب على المنتجات المصرية وتصدير كميات كبيرة من الفراولة هذا العام.

– كيف نواجه التغيرات المناخية للحفاظ على النبات ومستوى الإنتاجية؟

من المهم أن نقوم بتغيير برامج التغذية الزراعية واتباع برامج مدروسة علميًا بشكل جيد، في ظل ارتفاع تكاليف زراعة الفراولة، يجب أن نقتصر على أساليب زراعة علمية قبل الزراعة، يجب إجراء تحليل للتربة وتحليل عناصرها، وذلك لمعرفة خصائص التربة والتحضير للتعامل مع مشاكل مثل: التعفن والرطوبة الزائدة، بدءًا من البداية، يجب تعقيم التربة باستخدام الغازات أو التعرض لأشعة الشمس، وذلك اعتمادًا على خصائص التربة، سواء كانت ثقيلة أو خفيفة، يجب أيضًا فحص مياه الري بانتظام، خاصةً عند زيادة محتوى الملوحة بعد خمسمائة إلى ستمائة جزء في المليون، حيث يصبح الإنتاج صعبًا.

كل هذه الخطوات المنهجية تساعدنا في تحقيق النجاح وتساعدني كمزارع على وضع برنامج زراعي يتناسب مع ظروف التربة والتكيف مع هرمونات النبات وكذلك الظروف المناخية، يجب التركيز على التغذية المناعية للنباتات وبرامج مكافحة الإجهاد، مثل: الحمض البروتيني والسيليسيليك والطحالب البحرية والأحماض الأمينية مثل: البتروسين وغيرها من المركبات المساعدة.

ثانيًا، يجب ألا ننتظر حدوث الإصابات سواء بالأمراض الفطرية أو الآفات، يجب أن أضع برنامجًا مستمرًا للوقاية ومكافحة الأمراض لضمان عدم حدوث الإصابات وأن أكون مستعدًا للتعامل مع أي مشاكل تتعلق بالإصابات.

لذلك، يجب أن يقوم جميع المزارعين بتغيير أساليب التسميد ومكافحة الآفات للحصول على محصول جيد بتكاليف منخفضة، بشكل موجز، يمكن وصف العلاقة بين التغيرات المناخية وتأثيرها على محصول الفراولة بأنها علاقة عكسية، حيث يترتب على التغيرات المناخية انخفاض في الإنتاجية وارتفاع في الأسعار.

 

– ما نسبة المساحة المنزرعة للفراولة؟

تشهد مصر توسعًا كبيرًا في المساحة المنزرعة لمحصول الفراولة نظرًا للأهمية الاقتصادية لهذا المحصول، وزيادة الطلب عليه خاصة بعد جائحة كوفيد-19، فقد قامت مصر بتوسيع زراعتها للفراولة وفتح أسواق جديدة في جميع أنحاء العالم، مما جعلها تحتل المرتبة الأولى في صادرات الفراولة، ونتيجة لذلك، انتشرت المساحة المنزرعة لمحصول الفراولة بشكل كبير.

في الفترة من عام 2019 وحتى الآن، تمت زيادة المساحة المنزرعة للفراولة بنسبة تزيد عن 120%، ففي عام 2019، كانت المساحة المنزرعة لا تتجاوز 600-700 فدان، بينما نجد اليوم أن هناك حوالي 70,000 فدان تم زراعتها في محافظات مختلفة في مصر.

ومن بين هذه المحافظات، تأتي محافظة القليوبية في المقدمة من حيث معدلات الإنتاج وتعتبر بداية زراعة الفراولة فيها تعود إلى عام 2015، حيث بدأت بزراعة النباتات الزينة التي جلبها أحمد فج النور إلى مزرعته، ومن ثم توسعت زراعة الفراولة بشكل كبير وانتقلت الزراعة إلى محافظة الإسماعيلية ثم إلى محافظة البحيرة وبقية المحافظات بعد ذلك.

فيما يتعلق بزراعة الفراولة المبردة، فإن مساحة القليوبية تبلغ حوالي 54,250 فدان، وتتوزع الأصناف فيها على النحو التالي: يحتل صنف “الكرتونة” نسبة تصل إلى حوالي 95% من المساحة، تليه صنف “الاستيفال” بنسبة حوالي 5%، أما الأصناف الأخرى مثل: “البريليانس” و”الإنتردون” فيشكلون نسبة صغيرة تتراوح بين 1-7%.

وفيما يتعلق بمحافظة البحيرة، فإنها تعد واحدة من أكبر المساحات المنزرعة للفراولة في مصر، وكانت هي بداية زراعة الفراولة في مصر وتفوق المساحة المنزرعة فيها الـ 30,000 فدان أو أكثر.

صنف الاستكمال هو الصنف الذي يشكل حوالي 60٪ من المساحات المزروعة، ويعتبر صنفًا تصديريًا من الدرجة الأولى، وتتميز معظم أراضي البحيرة بعدم التركيز على عملية التعقيم مثلما يحدث في القليوبية، بل يركزون على السوق التصديري. ويحتل هذا الصنف مكانة كبيرة وله سمعة طيبة في عملية التصدير.

أما الصنف الثاني، فهو صنف الفستيفال ويستخدم للتصنيع، ويليه صنف الكرتونة، ومن ثم باقي الأصناف مثل البريليانس وبعض الأصناف الأخرى مثل: الدمياطي التي انتشرت في الآونة الأخيرة.

– ما حجم الإنتاج وحجم الصادرات؟

فيما يتعلق بمعدلات الإنتاج، تحتل محافظة البحيرة المركز الثاني بعد القليوبية وبالنسبة لمحافظة الإسماعيلية، بدأت زراعة محصول الفراولة بعد القليوبية، وبدأت بزراعة الفراولة الفريجو المبردة، وتحتل مساحة تقريبًا تصل إلى حوالي 12,000 إلى 13,000 فدان على مستوى الجمهورية.

وفي محافظة الشرقية، تحتل المركز الرابع في المساحة بحوالي 2300 فدان، ويتمثل الصنف الرئيسي لديهم في الفستيفال والفرتونة أما المساحة المتبقية في تلك المحافظة، فتوزع على باقي المحاصيل ورغم انخفاض المساحة المنزرعة، إلا أن المحصول الفراولة لا يزال يحقق قيمة اقتصادية هامة للمزارعين.

ما الدول المنافسة؟

الدول المنافسة الرئيسة لمصر في صناعة الفراولة هي إسبانيا والمغرب وإسرائيل وهولندا تواجه مصر أيضًا منافسة من إثيوبيا واليونان ومع ذلك، بفضل الظروف المناخية المواتية في مصر، تتمكن مصر من البدء في عمليات الإنتاج قبل هذه الدول، حيث يبدأ الموسم الزراعي في مصر في منتصف ديسمبر ويستمر حتى نهاية يونيو.

 

بالنسبة للأسواق الخارجية، يبدأ الموسم الزراعي في مصر قبل المغرب وإسبانيا، وبعدها تأتي اليونان وإيطاليا ومن المهم ملاحظة أن المنتجات المصرية تتنافس بشكل قوي في الأسواق العالمية بفضل تكلفة الطاقة والعمالة والتشغيل المنخفضة، فضلاً عن جودة المنتج.

 

– وما حجم الاستهلاك؟

فيما يتعلق بحجم استهلاك السوق المحلية في مصر، فإنه ليس كبيرًا لأنه لا يتجاوز 25٪ من الإنتاج ويتم توجيه النسبة المتبقية إما للاستهلاك المحلي بأسعار معقولة في صناعة الأغذية، مثل: العصائر والمربات، أو توجيهها للتصدير، سواء كانت المنتجات طازجة أو مجمدة وتشكل الصادرات حوالي 75٪ من الإنتاج الكلي، وتستهدف الأسواق الخارجية بشكل رئيس.

 

– وكيف ترى موسم 2024؟

يُعتبر الموسم الحالي واحدًا من أفضل مواسم الفراولة حتى الآن وقد حققت مصر ومزارعوها نتائج جيدة، وارتفعت الأسعار بشكل كبير هناك أيضًا توسعة كبيرة في زيادة المساحة المزروعة يُعزى ذلك إلى التغيرات المناخية التي قللت من الإنتاج وزادت من رفع الأسعار يُشبه الموسم الحالي الموسم في عام 2019، الذي شهد تحسنًا كبيرًا ونقلة نوعية في زراعة الفراولة في مصر.

من المتوقع أن يكون موسمًا قويًا جدًا نظرًا لانتشار المنتج المصري في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا وشرق آسيا والدول العربية وجنوب أفريقيا كما تم فتح سوق جديدة في كندا لمنتجات مصرية، بما في ذلك محصول الفراولة.

وأرغب في تطمين المزارعين بأن الموسم القادم سيكون موسمًا زراعيًا أفضل لمحصول الفراولة، نظرًا لاحتياجات الأسواق المتزايدة ومترقب كميات كبيرة من المنتج المطلوب يجب الإشارة إلى أن بعض المصانع لم تتمكن من تحقيق المعدلات المطلوبة بسبب التحديات المناخية والظروف البيئية التي تأثرت بها عمليات إنتاج الفراولة لذا، يتوقع أن يكون الموسم القادم قويًا.

كيف تأثرت زراعة الفراولة بتحرير سعر الصرف؟

أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل كبير، من المتوقع أن يرتفع سعر فدان زراعة الفراولة في المناطق المختلفة، مثل البحيرة والقليوبية، بسبب زيادة تكاليف المبيدات والأسمدة وأنظمة الري وكل المستلزمات اللازمة لزراعة الفراولة هذا الارتفاع سيؤدي إلى تقليل العائد للفلاحين وزيادة الخسائر المحتملة في حال انخفاض أسعار الفراولة عن المعدل العام طوال العام.

 

يقدم فريق بوابة عالم المال، تغطية حصرية ولحظية على مدار الساعة ، لآخر مستجدات البورصة والشركات المدرجة، البنوك وأسعار الدولاروالتأمين، العقاري، والصناعة والتجارة والتموين، الزراعة، الاتصالات، السياحة والطيران، الطاقة والبترول، نقل ولوجيستيات، سيارات، كما نحلل الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات والشركات والجهات من خلال الإنفو جراف والرسوم البيانية، الفيديو، فضلا عن تقديم عدد من البرامج المتخصة لتحليل كل ما يتعلق بالاقتصاد المصري من خلال تليفزيون عالم المال.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار