استمع للمقالملف الوعي ملف مهم للغاية، فبدون الوعي لا نشعر بالأمان ولا الاستقرار في حياتنا اليومية. ولكن الأمر يتطلب وعي المسئول قبل وعي الجمهور، فبدون وعي الأول لا ننتظر صلاح حال الثاني. لو فهم المسئول واجبات وظيفته وقام بها على أكمل وجه وراقب السلبيات التي تقع في نطاق عمله بهدف تلاشيها أو العمل على إصلاحها لصلح حال من يقعون تحت إدارته وعرفوا مهام تخصصاتهم واستقامت دوائر أعمالهم. حينما يصبح المسئول واعيا ويدرك المحيطون به مدى حبه لعمله وفهمه له ونشاطه وحيويته لقلدوه وساروا على نهجه فيتحسن الأداء وينعكس ذلك على الجمهور الذي سيشعر وقتها بأنه محل اهتمام المسئولين عنه وربما يكون رد فعله الرضا والسعادة فتقل توتراته وتنخفض ثوراته وردود أفعاله العنيفة ويهدأ نفسيا وسلوكيا ويكتسب وعيا غيبوه عنه عن قصد لفترات طويلة في أوقات الفوضى وغياب الشفافية وانتشار البلطجة وضياع الحقوق وانتهاز الفرص المكسبة لمصالح شخصية على حساب المصلحة العامة.
لا تطالب بوعي المواطن المهضوم حقه والغارق في روتين اللوائح المعقدة والضائع وقته في تستيف الأوراق ليحصل على خدمة من أبسط حقوقه، وكأن المسكين عنده رفاهية الوقت ليضيعه على طريق كله حفر أو مدرسة تطلب منه شهادة ميلاد حديثة لنجله وطابع دعم تعليمي من البريد وصور شخصية كل عام ورسوم فوق الرسوم لأداء الامتحان، لا تطالبه بالوعي وأنت تعذبه في زحام البنوك وأمام ماكينة الصراف الآلي المعطلة معظم الوقت أو الخالية من النقود أو الخاوية من فئة الخمسين جنيها وربما ال ١٠٠ جنيه وهو موظف بسيط قد يكون عاملا في الدولة باليومية ويحتاج للعشرين جنيه. لا تطالبه بالوعي وهو لا يعي من سلبه حقوقه ولم يوفر له وسيلة انتقال عامة وتركوه نهبا لسائقي التاكسيات الذين يطالبونه ب٣٠ جنيها ذهابا وأخرى مثلها إيابا من وإلى كليته التي لا يزال يدرس بها وهو عالة على والده المسن الفلاح الذي يزرع البطاطس والطماطم ليوفر لمصر قوت يومها ويبيع الكيلو تجاري بجنيهين في الوقت الذي ترفع عليه الجمعية الزراعية سعر شيكارة الكيماوي التي تساعده على تحسين الإنتاج فيخسر في هذه العملية وكان المفروض أن تشجعه ونقدم له هذه الأشياء بالمجان حتى يشعر سكان المدن بأمنهم الغذائي.
لا تطالب طالب الدراسات العليا في الكليات المختلفة بضرورة التحلي بالوعي وأنت كل عام تكبله بالرسوم التي تزداد بلا أي مبرر ولن تحقق له وظيفة بعد حصوله على أعلى الدرجات.
الوعي مطلوب شريطة أن تتحلى أنت بالوعي أولا لتعطيني حقي فأعي بعدها وأعطيك احترامك وأقدرك وادعو لك دعوة قد تدخلك الجنة.
الوعي هو أن تعي بأن كرسيك لو كان دائما ما آل إليك.. الوعي نصف النجاح إذا ما بدأ من أعلى ليعم على الجميع ويصبح سلوكا دون أن نعي. ع (بالكسر) أنت أولا قبل أن تطلب وعيي، فأنا أعي أنك لا تعي أو تتجاهل وعيك لغيك وفرحك بمنصبك، وهذا ما يجعلني لا أعي لأن وعيي سيكون لمصلحتك وأنت لاتستحق وعيي.
بقلم الأستاذ الدكتور/عبد السلام حسان
استاذ اللغة الفرنسية جامعة المنصورة