اتفق خبراء المجال على أن «الأعلاف» هي كلمة السر وراء تدهور أهم 3 ثروات فى مصر، الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، حيث تمثل الأعلاف 70% من مدخلات الإنتاج لهذه الصناعات، وذلك على خلفية احتجاز خامات الأعلاف بالموانئ، نتيجة صعوبة تدبير الدولار، خصوصا وأن مصر تستورد نحو 80% من الأعلاف والمواد الخام للصناعة مقابل توفير نحو 20% فقط محليا، وتعد هذه الصناعات من أهم الصناعات التى تسهم بشكل كبير فى توفير مصادر البروتين الحيوان للمواطن المصرى.
وتبلغ استثمارات صناعة الدواجن في مصر نحو 100 مليار جنيه، ويعمل في القطاع نحو 3 ملايين شخص، هذا وتقوم مشاريع الدواجن فى مصر حالياً على توفير احتياجات المستهلك المصرى من لحوم الدواجن وبيض المائدة بنسبة 100%، بالأخص مع ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء.
وفى هذا الصدد أكد الدكتور عبد العزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن المشكلة الأساسية فى صناعة الدواجن تنحصر فى الأعلاف، نتيجة أن العلف يمثل 70% من مدخلات الدواجن، وكلما ارتفع سعر العلف يقابلة ارتفاع فى سعر المنتج النهائى، لافتًا إلى خروج عدد كبير من صغار المربين لعدم القدرة على توافر الأعلاف.
وأضاف عبد العزيز، خلال تصريحات خاصة لجريدة «عالم المال» أن خروج هذا العدد من منظومة الدواجن، أدى إلى تراجع الإنتاج، وبالرغم من ذلك يوجد توافر فى الإنتاج فى الأسواق نظرًا لضعف القوة الشرائية من قبل المواطنين، لذا الأعلاف هو المحور الأساسى فى صناعة الدواجن، وعند انخفاض الأعلاف سيعود صغار المربين مره أخرى وسيتضاعف الإنتاج، مؤكدًا أن سعر طن العلف ارتفع مره أخرى إلى 26 ألف جنيها، بعد تراجع وصل إلى 23 الف جنيه، مما يؤدى إلى ارتفاع أسعار الدواجن مرة أخرى، بعد استقرارها أسبوعين بسعر يتراوح من 62 إلى 63 جنيه.
التحديات التى تواجه قطاع الدواجن
«وعن التحديات التى تواجه القطاع» أكد رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن التحدى الرئيسي الذى يواجه قطاع الدواجن فى مصر، هو القدرة على توفير مستلزمات الإنتاج، والدولار، والشحية تخلق السوق السوداء، ومنها ارتفاع الأسعار، حيث السوق الموازية صاحبة الكملة الأولى فى تحديد الأسعار فى مصر، لذا يجب التوسع فى المساحات المنزرعة من الذرة وفول الصويا، وعدم الاعتماد على الاستيراد، وخلال ثلاث سنوات سيكون لدينا القدرة على توفير 80% من مستلزمات الأعلاف ونستورد 20%، حيث تعد صناعة الدواجن من الصناعات الحيوية الهامة وتشكل جزءًا أساسياً من احتياجات الغذاء العالمية، ومن أجل ضمان استمرارية هذه الصناعة وتحسين نوعية الإنتاج، يجب على الجميع العمل سوياً لمحاربة المشاكل التي تواجه هذه الصناعة.
وأوضح الدكتور عبد العزيز السيد، أن الإفراجات تتم بصفة منتظمة لكن لا كتفى احتياجات السوق، وقلة الإفراجات بتؤدى إلى ارتفاع الأسعار، لذا لابد من أن يكون هناك تحركات ايجابية من خلال الرقابة والتتبع على المستلزمات التى يتم الإفراج عنها، ولاسيما الأسعار، حتى يحدث انضباط فى الأسعار بالسوق المصرى، مؤكدًا أن أسعار الأعلاف بدأت ترتفع مره أخرى، بالرغم من عدم وجود أى مشكلة أو مستجدات تؤدى إلى الارتفاع، وكل هذا يؤدى إلى ارتفاع أسعار الدواجن.
وأكد رئيس شعبة الدواجن، أن السوق المحلى واجه خلال الفترة الماضية نقص كبير فى اللحوم الحمراء، لذا لابد من بديل أمن للمستهلك ويكون غني بالبروتين، وهيا «الدواجن» الملاذ الأمن والبديل الأرخص للحوم الحمراء، وبالتالى يجب زيادة
الثروة الحيوانية
وفى نفس السياق كشف الدكتور محمد عفيفي سيف، الأمين العام لنقابة الأطباء البيطريين، عن التحديات التي تواجه الثروة الحيوانية فى مصر، والتى تنحصر فى ارتفاع الأسعار خاصة أسعار خامات الأعلاف، نتيجة أن 80% من تكلفة التربية هي التغذية، وبالتالي كلما ارتفعت الأسعار العالمية، مع ارتفاع سعر الصرف، سيؤدى ذلك لارتفاع أسعار الأعلاف، لأن مصر تعتمد فى المقام الأول على استيراد الذرة والصويا وإضافات الأعلاف.
وأضاف الدكتور «محمد عفيفي» فى تصريحات خاصة لجريدة «عالم المال» أن هناك مشكلة أيضًا فى محدودية الرقعة الزراعية، والحصة المائية، وبالتالى التوسع فى استصلاح الأراضى لن يكون بالكميات التى تعوض فجوة الاستيراد، بالإضافة أن الحبوب تحتاج لتجفيف قبل التصنيع تفاديا للسموم الفطرية و التي لها تأثير سلبي على الجسم، لذا يجب على الدولة أن تقوم بعمل مراقبة صارمة على مدخلات الصناعة، ووضع آليات لمراقبة الذرة و الصويا مثلما يحدث فى القمح، مع توجيه دعم مالي سواء لمصانع الأعلاف أو المزارع لتخفيض أسعار الأعلاف، وبالتالي تخفيض تكلفة التربية وسعر المنتج النهائي للمواطن، بما يضمن هامش ربح عادل للمربي أيضًا.
وأكد الأمين العام لنقابة الأطباء البيطريين، على تفعيل آليات ضبط الأسواق والأسعار وتنفيذ قانون منع تداول الطيور الحية المعروف بقانون 70 لسنة 2009، بذلك سوف نساهم في استقرار الأسعار طوال العام لتحول الدواجن من سلعة غير تخزينية حاليا، إلى سلعة تخزينية لا تعتمد على عشوائية العرض والطلب، ولكن تعتمد على حساب التكلفة لكل دورة تربية شهريا، مع وضع أسعار استرشادية لسعر الكيلو بحيث نضمن هامش ربح للمنتجين و سعر عادل للمستهلكين بعيدا عن جشع السماسرة واقتصادهم الذي لا يدخل ضمن الاقتصاد الرسمي للدولة و يقدر بالمليارات.
وأشار «عفيفي» إلى الاهتمام بصناعة الأدوية و إضافات الأعلاف فى مصر وتقديم الدعم اللازم لها، مع الرقابة الصارمة على التصنيع تحت السلم الغير شرعي والذي ينتج عنه منتجات غير سليمة تتسبب في ضرر الحيوان حتى نفوقه، بالإضافة إلى ضرر الإنسان في حالة عدم نفوقه وذبحه، ويجب أيضًا التوسع في تحسين السلالات وإحلال سلالات أكثر إنتاجية بالسلالات الموجودة حاليا، ولا ننسى أن كثير من هذه النقاط تعاني القصور حاليا نتيجة العجز في أعداد الأطباء البيطريين الحكوميين المنوط بهم التفتيش والرقابة وتحسين السلالات و التحصينات للوقاية من الأمراض والحفاظ، وزيادة التعداد الحالي للثروة الحيوانية وغيرها من أعمال الطب البيطري ولذا يجب أن يتم اتخاذ قرار فوري بتعيين ما لا يقل عن 10 آلاف طبيب بيطري لتعويض العجز الناتج من توقف التعيينات منذ دفعة ١٩٩٤ مع استمرارية الوصول لسن المعاش والوفاة الموجودين بأماكن العمل الحكومية، يجب أيضا الاهتمام بزراعة مساحات بدول أخرى لديها مساحات كبيرة تصلح للزراعة ومخصصات مائية كبيرة مع الاهتمام بإنشاء مزارع حيوانية أيضا ثم تصدير ذلك لمصر.
ندرة الأعلاف السبب الرئيسي فى ارتفاع الأسماك
ومن خلاله أكد المهندس أحمد الشراكى، خبير الاستزراع السمكى، أن قلة المعروض هى السبب الرئيسى فى ارتفاع أسعار الأسماك فى الأسواق، لافتًا إلى أن قلة المعروض وارتفاع الأسعار ما هى إلا أعراض للمشكلة الأساسية، وهى ندرة خامات الأعلاف وارتفاع ثمنها، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأعلاف في منتصف الموسم مع عدم توفرها طول الوقت.
وأضاف «الشراكى» فى تصريحات خاصة لجريدة «عالم المال» أنه بالرغم أن الأعلاف تمثل أكثر من 65% من تكلفة الإنتاج، إلا أن ارتفعت أيضًا باقى بنود التكلفة من طاقة ونقل وصيد وإيجار وضرائب ورسوم، كل ذلك أدى إلى عجز المنتجين عن استكمال الموسم بنفس كفائة البداية مما تسبب في نقص الإنتاج والمعروض بصورة شديدة وكانت النتيجة الطبيعية زيادة الأسعار.
وعن أهم التحديات التي تواجه القطاع في الموسم الجديد والمواسم القادمة، أكد المهندس أحمد الشراكى، خبير الاستزراع السمكى، إلى مشكلة توافر الخامات بسعر مناسب ولا نطمع في دعم الدولة إنما الحصول عليها بأسعارها العالمية حيث أن نقص الإفراجات الجمركية عن الخامات تسبب في احتكار الخامات وتضاعفت أسعارها، فضلًا عن اعتراف جهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية بوجود مشكلة في الإنتاج أدت إلى تناقصه بصورة درامية يقدرها الخبراء بأكثر من النصف، وعدم الاعتراف بالحقيقة فلن تبحث عن حل، بالإضافة إلى تداخل الاختصاصات بين جهات عدة في السياسات السمكية وخاصة المحليات التي تتدخل بصورة مؤذية ومحيطه والمثال الحي لذلك مسألة قيود نقل زريعة البلطي من كفر الشيخ التي تنتج حوالي 80% من زريعة مصر وهي المشكلة المستمرة من عام 2016 حتى الآن بدون حل.
وأكد خبير الاستزراع السمكى، أن الحل محتاج إرادة، لا سميا الإفراج عن الجميع وليس جزء من احتياجات السوق من الخامات، الاعتراف بوجود مشكلة أدت إلى نقص كارثي في المعروض من الأسماك، قيام جهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية بدوره الذي حدده له القانون والذي أعطاه وحده صلاحيات إدارة كل ما يخص الأسماك في مصر.