استمع للمقالشهدت أسعار الذهب عيار 21 وهو الأكثر تداولا في مصر زيادة بنسبة 114% خلال العام الماضي، مرتفعًا من 786 جنيها للجرام آخر عام 2021 إلى 1685 جنيها أواخر 2022، وواصل ارتفاعه خلال الثلث الأول من عام 2023 بنسبة 54% ليبلغ حوالي 2600 جنيه بنهاية أبريل الماضي ،ثم ارتفع لـ 3000 جنيه مع نهاية 2023 وتحديدًا فى ديسمبر من العام الماضى.
وعززت هذه الارتفاعات الكثير من المواطنين الاقبال على شراء السبائك والعُملات الذهبية“الجنيهات” بهدف “الادخار”، بعيدا ولو بنسبة قليلة عن المشغولات الذهبية التي تفقد “تكلفة الصناعة” عند البيع، فزاد الطلب وبقي العرض محدودا، ونظرا لأن الأسعار العالمية للذهب لم ترتفع بالقدر نفسه في تلك الفترة، فقد وجهت صوابع الاتهام لتجار الذهب بالمغالاة فى تسعيره، كما اتهم أيضا المشترون بتلك الأسعار العالية بالمضاربة في الذهب، وفقا لـ”شعبة الذهب والمجوهرات بغرفة القاهرة التجارية”.
وحسب شعبة الذهب والمجوهرات بغرفة القاهرة التجارية، أن تسعير الذهب محليًا يتم من خلال ثلاثة عوامل رئيسية، وهي: سعر الأوقية عالميًا، وسعر الصرف المحلي مقابل الدولار، والعرض والطلب المحلي.
ووفق بيانات الجهازالمركزى للتعبئة والإحصاء والتى تشير إلى انخفاض قيمة واردات الذهب العام الماضي إلى 317 مليون دولار مقابل 831 مليون دولار في العام الأسبق بنسبة تراجع 62%، في بلد بلغ عدد عقود الزواج به 880 ألفا عام 2021، يحتاج كل منها إلى هدية من الذهب للعروس حسب التقاليد فى مصر.
وهذا الانخفاض في العرض كان له تأثير على الأسعار خاصة مع اتجاه البعض وهو عدد كبيرمن المواطنين إلى اقتناء الذهب بغرض الادخار مع ارتفاع نسبة التضخم، الذي لم تعد معه عوائد الودائع المصرفية ذات جدوى، وزاد الوضع أزمة لجوء بعض المستثمرين إلى تجميع الذهب لتصديره، والحصول على قيمته الدولارية في الخارج لاستخدامها في استيراد مستلزمات سلعية، وذلك بسبب تأخر البنوك في تدبير العملات الأجنبية للاستيراد.
ومنذ بداية عام 2023 وحتى أول شهر يونيو الماضي، سجلت الأسعار ارتفاعا بنسبة 37.7% بعدما قفز سعر الجرام عيار 21 من مستوى 900 جنيه إلى نحو 1240 جنيها، وهي أعلى قمة سجلها الذهب على الإطلاق في مصر.
وحسب تحليل لناجى فرج مستشار وزير التموين لشئون صناعة الذهب ورئيس اللجنة الاقتصادية بغرفة القاهرة التجارية، أن مايحدث فى سوق الذهب من ارتفاعات والتى شهدها السوق بداية من العام الماضى وحتى نهايته وضع طبيعي يتماشى مع الأسعار العالمية المرتفعة جدا، مع زيادات الاقبال على شراء الذهب “السبائك والجنيهات” الذهبية والمشغولات الذهبية من المواطنين، مشيرًا إلى أن الذهب كما يقال “الذهب زينة وخزينة” ومخزن قيمة جيد واحتياطى استراتيجى للافراد والدول أيضا لافتا إلى أننا نجد الدول تحرص على رفع الاحتياطى الاستراتيجى من سبائك الذهب لانه يعطى قوة لعملات هذه الدول.
وأكد “ناجى” فى تصريحات لـ”عالم المال ” أن الذهب محكوم بآلية العرض والطلب والسعر العالمى هى العوامل الأساسية التى أسعار الذهب، موضحًا أن مبادرة إعفاء واردات الذهب”صفر جمارك” من الخارج ساهمت فى عرض كميات كبيرة من الذهب.
ويرتفع الذهب وينخفض بين لحظة وأخرى خلال تعاملات اليوم الواحد حيث يتحكم أمران فى سعر الذهب الأول هو القيمة الشرائية للدولار والثاني هو البورصة العالمية للذهب وفى ظل الظروف الحالية التي تمر بها مصر، أصبح هناك عامل ثالث يتحكم فى ارتفاع وانخفاض سعر الذهب، وفقا لـ”شعبة الذهب والمجوهرات بغرفة القاهرة التجارية”.
وسعر الذهب في مصر يتأثر بعدة عوامل أبرزها سعر الدولار أمام الجنيه، كما يرتفع الطلب على الذهب الذي يعدّ ملاذًا آمنًا عند الأزمات الدولية والمحلية، خاصة الحروب أو انهيار سعر النفط أو الأزمات التجارية، ولا سيما أنه يعد ملاذًا آمنًا يلجأ إليه المستثمرون والعوام والدول ، وأنه كلما انخفض الدولار عالميا زاد الإقبال على الذهب مما يرفع سعره.
وقال نادى نجيب، عضو شعبة الذهب بالغرف التجارية، إن أسعار المعدن الأصفر تشهد حاليًا حالة من الزيادة المستمرة، بسبب ارتفاع الأسعار العالمية، وارتفاع سعرالأوقية فى ظل التوترالدولى، وتوالى الأزمات الاقتصادية.
وتوقع أن يستمرالارتفاع فى أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، وتحديدا فى الشهور الأولى من 2024 مع استمرار زيادة الطلب محليًا وعالميًا.
وكشف عضو شعبة الذهب والمجوهرات بغرفة القاهرة التجارية، عن مؤشرات عالمية تدل على أنه من الممكن خلال 2024 أن يحقق الذهب أرقاما كبيرة نتيجة لزيادة التوترات والحروب أهمها الحرب الروسية الأوكرانية التى لم تنتهى حتى الآن والتوترات فى السودان واليمن و الاضطرابات فى الشرق الأوسط وكلها مؤشرات تقول إلى أنه وقت الأزمات السياسية يتحرك الناس ناحية الملاذ الآمن هو الذهب وبالتالى ممكن نشاهد مع توقعنا انخفاض أسعار الفائدة الأمريكية عن الدولار بالتالى تدعم فرص الذهب فى الزيادة، وفق نادى نجيب عضو الشعبة وسكرتيرها السابق”.
وفى سياق متصل كشف التحليل الفنى لـ”جولد بليون”، المؤسسة البحثية المختصة بشئون الذهب، عن أن الارتفاعات القياسية فى أسعار الذهب المحلى، خلال الفترات الماضية بالرغم من إغلاق السوق العالمية فى بعض أيام العطلات ، لم يتحدد لها سبب معين، ما دفع البعض لوصفها بأنها ارتفاعات غير مبررة، واستغلال لفترة العطلات، خاصة مع ارتفاع سعر الدولار فى السوق الموازية.
وأوضحت “جولد بليون” أن ما يحدث فى السوق المحلية حاليًا هو خليط بين عدة عوامل، مثل ارتفاع سعر صرف الدولار فى السوق الموازية، إلى جانب كون مبادرة واردات الذهب دون رسوم جمارك لم تنجح فى إدخال كميات كبيرة من الذهب إلى مصر خلال الفترة الماضية، لأنها لم تكن فترة إجازات، وبالتالى لم تسهم فى تحقيق الاستقرار فى الأسواق.
والشهر الأخير من عام 2023 شهدت أسعار الذهب ارتفاعات غير مسبوقة إذ تراوح سعر الجرام 21 الاكثر شيوعا فى مصر بين 3000إلى 3200 جنيه ، ومع بداية يناير 2023 بدأت الأسعار فى التراجع بشكل ملحوظ .