أبقى الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي أسعار الفائدة دون تغير متوافقًا بذلك مع التوقعات، والتثبيت جاء للمرة الخامسة خلال العام والثامنة على التوالي، عند حدود 5.25% و 5.50% منذ بدء دورة التشديد النقدي الحالية، والتي بدأت في مارس 2022 ورفع خلالها الفائدة 5.25%.
إذ صدر بيان اللجنة بعد نهاية اجتماع السياسة النقدية الذي استمر يومين وأبقت فيه على سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة في نطاق 5.25-5.50% لكنها مهدت الطريق أيضا لخفض السعر في اجتماعها يومي 17 و18 سبتمبر، أي قبل 7 أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر.
وأشار صناع السياسات في بيانهم إلى أن التضخم يقترب من الهدف (2%)، الأمر الذي قد يسمح بخفض أسعار الفائدة قريبًا، لكنهم لم يعطوا إشارات واضحة على موعد الخفض المحتمل، وأبقوا على تحذيرهم من المخاوف المستمرة بشأن الظروف الاقتصادية، وإن كان هذا الجانب شهد “بعض التحسن”، كما أكدوا أن هناك حاجة إلى “المزيد من التقدم” قبل أن يتسنى خفض أسعار الفائدة.
وبحسب بيان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح: “نرى أن المخاطر التي تهدد تحقيق أهدافنا في مجال التوظيف والتضخم تستمر في التحرك نحو توازن أفضل”.
وأضاف البيان: “تراجع التضخم على مدى العام الماضي ولكنه لا يزال مرتفعاً إلى حد ما، وفي الأشهر الأخيرة، كان هناك بعض التقدم الإضافي نحو هدف التضخم الذي حددته اللجنة بنسبة 2%”.
وحول خفض الفائدة مستقبلًا، ذكر البيان: “لا تتوقع اللجنة أنه سيكون من المناسب تقليص النطاق المستهدف حتى تكتسب ثقة أكبر في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو 2%”.
جيروم باول يلمح لـ خفض تكاليف الاقتراض بحلول اجتماعه المقبل في سبتمبر
وبدوره لمح جيروم باول رئيس الفيدرالي الأمريكي في مؤتمر صحفي بعد اجتماع الفيدرالي: «إذا تراجع التضخم بسرعة وبقي النمو الاقتصادي قويا نوعا ما وسوق الوظائف مستقرة كما هي الآن، قد يكون خفض الفائدة على طاولة اجتماعنا في سبتمبر».
وأكد أن تغيير أسعار الفائدة يعتمد على قراءة العديد من البيانات، منبها إلى أن السياسة النقدية ستتكيف مع تطور الاقتصاد، فإذا كان التضخم متعنتا، يمكن الإبقاء على نطاق الأسعار عند مستوياتها الحالية، «مادام ذلك ممكنا».
وأشار إلى أن «الاقتصاد يتجه نحو مرحلة ستتطلب خفض معدلات الفائدة»، ولكن القرار مرتبط بمجمل البيانات وتوازن المخاطر، ورؤية ما إذا كانت هذه البيانات تتماشى مع الثقة المتزايدة بشأن تراجع التضخم، مشيرا إلى أنه إذا استوفيت الشروط، فستكون هناك إمكانية لخفض أسعار الفائدة في سبتمبر.
وفي رده على سؤال بشأن أسباب عدم البدء في خفض الفائدة في الوقت الحالي، أشار باول إلى أن اللجنة «تعتقد أننا لم نصل إلى المرحلة المناسبة» للبدء بعكس السياسة النقدية.
ولم يلتزم البنك المركزي الأميركي في بيانه بخفض الفائدة في سبتمبر، وأكد أن صناع السياسات ما زالوا بحاجة إلى ثقة أكبر في أن التضخم يتحرك بصورة مستدامة نحو 2% قبل خفض تكاليف الاقتراض.
كانت البيانات الأخيرة مشجعة للفيدرالي على التفكير ببدء عكس وتيرة التشديد النقدي وخفض الفائدة، إذ ارتفع معدل التضخم الأساسي في الولايات المتحدة، وهو المؤشر المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، بوتيرة معتدلة خلال شهر يونيو، وذلك بالتزامن مع استمرار قوة الإنفاق الاستهلاكي، هذه المؤشرات الإيجابية تدعم جهود صناع السياسة النقدية في كبح جماح التضخم من دون الإضرار بالاقتصاد.
وبحسب بيانات مكتب التحليل الاقتصادي، صعد المؤشر الأساسي لأسعار المستهلكين، الذي يستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، بنسبة 0.2% مقارنة بشهر مايو، وقفز بـ 2.6% على أساس سنوي.
وأدى انخفاض ضغوط الأسعار، إلى جانب تصاعد معدل البطالة، إلى تحقيق التوازن بين هدفي الاحتياطي الفيدرالي، المتمثلين بالتوظيف بالحد الأقصى واستقرار الأسعار. إذ يريد المسؤولون ترويض التضخم، لكنهم لا يريدون أيضا التسبب في ضرر غير مبرر لسوق العمل من خلال إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة طويلة للغاية.
جيه بي مورجان وسيتي يتوقعان خفضين للفائدة في أمريكا بمقدار 50 نقطة أساس
راجع خبراء الاقتصاد لدى كبرى بنوك “وول ستريت” توقعاتهم لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة، عقب بيانات سوق العمل الضعيفة، حيث دعوا إلى البدء المبكر في إنهاء دورة التشديد النقدية، وذلك بوتيرة خفض أعمق وبعدد مرات أكثر.
ويتوقع المحللون في “سيتي جروب” حاليًا خفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة في سبتمبر ونوفمبر وربع نقطة في ديسمبر، بعد أن توقعوا سابقًا خفضًا لتكاليف الاقتراض قدره ربع نقطة في الاجتماعات الثلاثة.
وأفاد مايكل فيرولي الخبير الاقتصادي لدى “جيه بي مورجان”، بأنه يتوقع أيضًا خفض أسعار الفائدة بنصف نقطة في سبتمبر ونوفمبر، على أن تليها وتيرة خفض بنسبة 0.25% في كل اجتماع لاحق، بحسب “بلومبرج”.
وأوضح فيرولي: “من السهل القول بأن الاحتياطي الفيدرالي كان يجب أن يخفض هذا الأسبوع، حتى لو تحسن الضعف الظاهر في سوق العمل مستقبلًا، فيبدو أن البنك المركزي سيظل متأخرًا بما لا يقل عن 100 نقطة أساس، وربما أكثر”.
وأضاف محللو “باركليز” و”جولدمان ساكس” خفضًا ثالثًا لسعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، في نوفمبر، إلى توقعاتهم السابقة لهذا العام -سبتمبر وديسمبر- بعد تقرير الوظائف، ويتطلع “مايكل جابن” محلل “بنك أوف أمريكا” لاتخاذ قرار التيسير في سبتمبر، بعدما كان رافضًا لأي خفض قبل ديسمبر.
بنك قطر الوطني يتوقع خفض الفائدة فى أمريكا مرتين قبل نهاية 2024
توقع بنك قطر الوطني “QNB”، أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مرتين خلال عام 2024، قبل أن يعزز وتيرة تخفيضات أسعار الفائدة في النصف الأول من عام 2025.
وأرجع “QNB” في تقريره الأسبوعي، هذا التوقع إلى استمرار تراجع معدلات التضخم، والتدهور السريع في سوق العمل، فضلا عن الحاجة إلى تطبيع أسعار الفائدة الحقيقية شديدة التقييد، وفقا لوكالة أنباء قطر “قنا”، اليوم السبت.
وأشار التقرير، إلى أن التنبؤ بأسعار الفائدة في الولايات المتحدة كان يشكل تحديا في الأرباع الأخيرة، حيث أدى التشديد الصارم للسياسة النقدية إلى استقرار أسعار الفائدة عند 5.5 بالمائة.
ويعزى هذا الغموض إلى التقلبات الكبيرة في التوقعات المرتبطة بالنمو والتضخم.
وفي الواقع، خلال الفترة من أواخر عام 2023 إلى أوائل عام 2024، وبعد سلسلة من معدلات التضخم الأقل من المتوقع وضعف نمو الناتج المحلي الإجمالي، بدأت الأسواق تترقب تنفيذ جدول زمني صارم لتخفيضات أسعار الفائدة.
وفي ذروة التوقعات بشأن “تيسير” السياسة النقدية في يناير، كانت الأسواق تتوقع خفض أسعار الفائدة بما يقرب من 200 نقطة أساس هذا العام.
وقال التقرير إنه بعد الموجة الأخيرة من “المخاوف المرتبطة بالتضخم”، أظهرت البيانات الضعيفة بشأن معدلات النمو والتضخم في الأسابيع الأخيرة، أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يحتاج إلى بدء خفض أسعار الفائدة عاجلا وليس آجلا، لتبدأ دورة تيسير السياسة النقدية.
ووفقا للتقرير، سيكون لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي مجال لتخفيض أسعار الفائدة بوتيرة أسرع مما تتوقعه الأسواق حاليا، خاصة في العام المقبل، وذلك بفضل ثلاثة عوامل رئيسية تدعم توقعاته.
وذكر التقرير، أن العامل الأول يتمثل في أن الاتجاه العام لتراجع التضخم في الولايات المتحدة لا يزال مستمرا، ومن المتوقع أن يتسارع بشكل أكبر خلال الأرباع المقبلة، ليصل التضخم إلى نسبة 2 بالمائة المستهدفة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في وقت أبكر مما كان متوقعا.
ويستند هذا التراجع إلى عودة سلسلة التوريد إلى طبيعتها، والتباطؤ المعتدل في النشاط الاقتصادي، وتشديد السياسة النقدية.
وبين التقرير، أن التضخم الأساسي في نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي يستثني الأسعار المتقلبة مثل أسعار الطاقة والغذاء، شهد انخفاضا إلى مستوى متدن بلغ 2.6 بالمائة في يونيو، وهذه أبطأ وتيرة له منذ أكثر من ثلاث سنوات.
ومن المتوقع أيضا أن يتباطأ تضخم السكن، بشكل أكبر في الأشهر المقبلة، مع دمج اعتدال أسعار الإيجارات بشكل تدريجي في العقود الجديدة.
وهذا من شأنه أن يساعد في سد “الفجوة الأخيرة” بين معدل التضخم الحالي والنسبة المستهدفة للتضخم، مما يمنح تطمينات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي يحتاج إلى تعديل مساره وبدء دورة لتيسير السياسة النقدية.
أما العامل الثاني الذي أورده التقرير، فهو سوق العمل، ويشير تراجع سوق العمل إلى عدم وجود ضغوط كبيرة من الأجور، وإلى احتمال حدوث تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي.
وتشير المقاييس والدراسات الاستقصائية الرئيسية المتعلقة بالعمل، مثل استبيان فرص العمل وتعاقب العمالة (JOLTS)، ومؤشرات التوظيف الخاصة بمعهد إدارة التوريد (ISM)، واستطلاع الشركات الصغيرة، إلى تدهور سريع في ظروف العمل. حيث تنكمش العمالة المؤقتة، وهي حالة نادرة لا تحدث إلا أثناء فترات الركود الاقتصادي.
وفي ذات السياق، أشار التقرير إلى ارتفاع معدل البطالة بشكل حاد من 3.4 بالمائة في أبريل 2023 إلى 4.1 بالمائة في يونيو.
وتابع: “لكن البيانات عالية التردد الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي تشير إلى أن معدل البطالة قد يقترب من 5 بالمائة خلال الأشهر المقبلة، وهو ما يتجاوز بكثير معدل “العمالة الكاملة المتوازنة” الذي تقدر نسبته بـ 4 بالمائة”.
وهذا من شأنه أن يضع بنك الاحتياطي الفيدرالي وراء المنحنى في تحقيق مهمة “التوظيف الكامل”، الأمر الذي يتطلب موقفا أكثر استباقية لتخفيف السياسة النقدية.
ولدى تناوله العنصر الثالث، أشار التقرير إلى انعكاسات دورة التشديد النقدي غير المسبوقة التي تسببت في ترك أسعار الفائدة الحقيقية عند مستويات مفرطة التقييد، حيث يعمل سعر الفائدة الحقيقي على تعديل أسعار الفائدة الأسمية حسب مستوى التضخم، وبالتالي فإنه يعكس المعدل المقيد الحقيقي من خلال الأخذ في الاعتبار التغيرات في أسعار السلع والخدمات.
وبناء على هذه العوامل، يرى التقرير أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يكون بحاجة لتخفيف سياسته النقدية بشكل أسرع مما كان متوقعا، في محاولة لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والتضخم.
بنك أوف أميركا يتوقع خفض الفائدة فى سبتمبر
وعدل “بنك أوف أميركا” توقعاته لموعد بدء خفض الفائدة الأميركية إلى سبتمبر بدلاً من ديسمبر المقبل.